تكسير الأطواق: التصعيد الإسرائيلي يطال سوريا

      التعليقات على تكسير الأطواق: التصعيد الإسرائيلي يطال سوريا مغلقة

 

م. م. مصطفى محمود

مركز الدراسات الاستراتيجية/ قسم إدارة الأزمات

أكتوبر/ 2024

تعدّ العلاقة بين إسرائيل وسوريا علاقة معقدة، لتداخل عوامل عدة في صياغتها، وهي: عوامل سياسية، وعوامل عسكرية، وعوامل اقتصادية، وعوامل دينية, وتمثل دولة سوريا بسبب موقعها الجغرافي، إحدى أهم الأطواق المحيطة بإسرائيل, ونظامها يمثل أحد أركان محور المقاومة، وتربطه علاقة وطيدة بطهران. ومنذ إعلان الدولة المزعومة بإسرائيل في العام 1948, ظهرت حالة من التوتر بين الطرفين، وصولاً إلى احتلال الجولان السورية من قبل اسرائيل، خلال نكسة حزيران في العام 1967.

وبعد عملية طوفان الأقصى التي شنتها حماس في أكتوبر من العام الماضي, وتصاعد الصراع بدخول إيران وأذرعها في الدول العربية ضمن دائرة الصراع, كان النظام السوري يحرص على عدم الانجرار إلى تلك الحرب, بالرغم من تأثيرها الكبير على محور المقاومة، الذي هو جزء منه كما ذكرنا سلفًا, والذي كان له دور كبير في الإبقاء على سيطرة النظام السوري، خلال الحرب الأهلية في العام 2011 وإلى الوقت الراهن. وبعد مضي عامًا على هذهِ العملية، وتصاعد وتيرة الأحداث في عمليات الاغتيال التي طالت عدداً من الشخصيات المهمة، وقادة محور المقاومة, تقوم إسرائيل بتوسيع دائرة نيرانها هذه الأيام لتطال سوريا، عن طريق استهداف عدد من القواعد العسكرية، والمطارات، داخل القواعد العسكرية، والسفارات، ومناطق أخرى يشتبه ارتباطها بإيران، وحزب الله اللبناني, حتى طال القصف قاعدة حميميم الجوية العسكرية التابعة لروسيا, كما قصفت مبنًى سكنيًا في حي المزة الدمشقي، وعلَّقت القناة الإسرائيلية 14، بأنَّ (عملية الاغتيال في حي المزة بدمشق تمت بنجاح).

فلماذا وسعت إسرائيل دائرة ضرباتها، وفتحت جبهة جديدة لتشمل سوريا؟

يسعى صانع القرار الإسرائيلي، وأجهزته المخابراتية، في خضم تصاعد وتيرة الأحداث، والفرص، والظروف المتاحة، إلى تعزيز أمن إسرائيل عن طريق إضعاف القدرات العسكرية للدول، والقوى الخارجة عن الدولة، والتي ترتبط  بإيران، وتمثل تهديدًا مباشرًا على وجودها.

  • أفول خيار توحيد الجبهات: عن طريق إضعاف تلك الجبهات، وتغيير قواعد الاشتباك معها، لاسيَّما بعد عمليات الاغتيال التي طالت رئيس المكتب السياسي لحماس, كذلك الأمين العام لحزب الله اللبناني، وعدة قادة من الحرس الثوري الإيراني.
  • صعود خيار تبني دمشق سياسة الحياد: وذلك عن طريق الضغط على النظام السوري، بعدم السماح لإيران وحزب الله باستخدام أراضيه، لأي استخدام ضد إسرائيل لاسيَّما استخدام المناطق الهشة لأمن إسرائيل، مثل: الجولان, لتخرج إسرائيل، بذلك الطوق السوري، من دائرة المخاطر التي ممكن أن تواجهها مستقبلاً.
  • خلق توازن قوى جديد في منطقة مضطربة، عن طريق اضعاف النفوذ الإيراني، واستمالة خصومه كدول الخليج العربي.

ختامًا, يمكن القول: إنَّ عملية توسيع الضربات على دمشق أو انحسارها وتضييقها, تعتمد على كمية المخاطر التي تأتي من داخل الأراضي السورية تجاه إسرائيل, ومن ثَمَّ فإنَّ توسيع قواعد النار لتشمل سوريا, هو جزء من سياسية حماية الأمن القومي الإسرائيلي، في خضم الصراع الجاري، عن طريق تراجع مكامن الخطر وانحسارها, وهذا الانحسار والتراجع يتحقق في إضعاف النفوذ والقدرات العسكرية لإيران، وحماس، وحزب الله، وباقي فصائل المقاومة في سوريا، واليمن، والعراق.