أ.م.د. فراس حسين علي الصفار
باحث في قسم إدارة الأزمات
مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
تشرين الثاني/ 2024
ارتفعت أسعار العملة المشفرة البتكوين لمستويات قياسية، تعدت (80) ألف دولار للمرة الأولى، بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، إذ أدى فوز ترامب إلى تفاؤل شديد لدى صناعة العملات الرقمية، التي أنفقت أكثر من (100) مليون دولار، لدعم مجموعة من المرشحين المؤيدين للعملات الرقمية في الانتخابات الأميركية( ). وارتفعت العملة المشفرة الاحد 10 تشرين الثاني 2024، إلى مستوى غير مسبوق بلغ (80.092) دولارًا. وأسهم فوز الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، في تعزيز قيمة العملة المشفرة، التي تحمل وعودًا بدخولها إلى عصر ذهبي جديد، سيعزز لمعانها، إذ أعرب ترامب مرارًا عن دعمه للأصول المشفرة، ووعد بجعل الولايات المتحدة “القوة العظمى للبيتكوين، والعملات المشفرة في العالم”( ). وفي حملته الانتخابية، تعهد ترمب وضع الولايات المتحدة في صدارة صناعة الأصول الرقمية، بما في ذلك إنشاء مخزون استراتيجي لـ«البتكوين»، وتعيين جهات تنظيمية تهتم بالأصول الرقمية( ). ويعد موقفه معاكسًا لإدارة بايدن، التي تعدّ مؤيدة لتنظيم صارم لقطاع العملات المشفرة، والذي لا يخضع إلى حد كبير لسيطرة مؤسسات. كما شهدت عملات رقمية شديدة التقلب، دفعة قوية؛ كعملة “ميمكوينز”، وعملة دوغكوين، التي يروج لها الملياردير إيلون ماسك، وهو من أشد المؤيدين لترامب، عن طريق دعمه العملات المشفرة( ).
الشكل (1) تطور أسعار العملة المشفرة البتكوين
وعلى الرغم من المؤشرات الإيجابية، تواجه البيتكوين عدة تحديات يجب أخذها في الحسبان، منها: التذبذب العالي للعملة، وعدم الاستقرار المستمر في أسعارها، مما قد يعرض المستثمرين لخسائر كبيرة. فضلًا عن ذلك، هناك تزايد في الرقابة التنظيمية على أسواق العملات الرقمية عالميًا، إذ تنظر الحكومات بعين الحذر إلى هذه الأصول، وتدرس فرض قوانين جديدة لضبطها، وهو ما قد يؤثر في توجهات السوق، واستقرار الأسعار( ).
مع تحقيق هذا الارتفاع القياسي، ظهرت آراء متباينة حول قدرة البيتكوين على الحفاظ على هذه المستويات. وبالرغم من النمو القوي، تُظهر بيانات التداول على السلسلة، أنَّ الاتجاه قد يواجه تحديات مستقبلية في السوق. إذ تشير بيانات سوق المشتقات، إلى ارتفاع حجم التداول بنسبة (40.69%) ليصل إلى (82.08) مليار دولار، مع زيادة بنسبة (4.07%) في الفائدة المفتوحة، مما يعكس تزايد الاهتمام المضاربي. لكن هذا النشاط المرتفع قد يؤدي إلى تقلبات حادة، في حالة تبدل سريع في معنويات السوق. أيضاً، ارتفع مؤشر “الخوف والطمع” لبيتكوين، إلى مستوى “الطمع الشديد” عند (78)، وهو عادة مؤشر محتمل على تصحيح سعر وشيك( ).
وتعد عملة البتكوين عملة مشفرة ظهرت في عام 2008، اخترعها شخص أو مجموعة من الأشخاص مجهولي الهوية، عرفوا باسم ساتوشي ناكاموتو، بدأ استخدام العملة في عام 2009، عندما أُصدر تطبيقها كبرنامج مفتوح المصدر. وهي أول عملة رقمية لا مركزية، من دون وجود بنك مركزي، يمكن إرسالها من شخص إلى آخر، عبر شبكة البيتكوين بطريقة الند للند، دون الحاجة إلى طرف ثالث (وسيط كالبنوك). يُتَحَقَّق من حوالات الشبكة باستخدام التشفير، وتُسجل في دفتر حسابات موزع يسمى سلسلة الكتل، يتم إنشاء البيتكوين كمكافأة لعملية تعرف باسم التعدين. ويمكن استبدالها بعملات، ومنتجات، وخدمات أخرى. تشير تقديرات البحوث التي تنتجها جامعة كامبريدج، إلى أنَّه في عام 2017، هناك ما بين (2.9) إلى (5.8) مليون مستخدم، يستعمل محفظة لعملة رقمية، ومعظمهم يستخدمون البيتكوين.
تنتقد البيتكوين بسبب إمكانية استخدامها في إجراء معاملات غير قانونية، وبسبب الكمية العالية من الكهرباء المستخدمة للتعدين، لإنتاج كمية جديدة من البيتكوين، ولتقلب سعر الصرف، ولاختراقات بورصات التداول بالبيتكوين. ووصفها بعض الاقتصاديين بأنَّها: «فقاعة مضاربية».
شبكة البيتكوين تعمل منذ 2009، ولم تتوقف منذ ذلك الحين، وبسبب نظام الإجماع في العملة، لم يستطع أحد اختراق سلسلة كتل البيتكوين، ومعظم الاختراقات التي تتم، هي بسبب أخطاء بشرية في إدارة المحفظة، وليست بسبب عيوب في التصميم.
الهوامش: