العدد166/الإرهاب ما زال خطر يطرق الأبواب

      التعليقات على العدد166/الإرهاب ما زال خطر يطرق الأبواب مغلقة

الافتتاحية

بقلم: رئيس التحرير

عندما تمددت التنظيمات الإرهابية بقيادة داعش في العراق عام 2014، وسيطرت على أكثر من 34% من أراضي هذا البلد لم يكن السر يكمن في قوتها الذاتية، إنما ساعدتها على ذلك جملة من الأسباب والمحفزات الداخلية والخارجية، منها: الصراع السياسي بين القوى المهيمنة على السلطة في بغداد، والتوتر بين المركز والاقليم، وتفشي البطالة والفقر والفساد، وعدم الثقة بين الحكومة وشعبها، وتقاطع المصالح الإقليمية، وحركات الربيع العربي … الا أن استفحال خطر ما سمي بـ(دولة الخلافة) الداعشية وتهديدها العلني لبنية الدولة الحديثة ومصالحها في الشرق الأوسط، ولمصالح العالم الغربي، برؤيتها الظلامية التي عكستها حملات الإبادة وأسواق النخاسة والعنف البربري المطلق دفع الجميع لمراجعة حساباتهم والتعاون المؤقت فيما بينهم لمواجهة هذه الخطر الهائل، سواء في الميدان أو على مستوى الدعم اللوجستي وقطع مصادر التمويل المالي والفكري. ولقد أثمرت هذه الجهود عن هزيمة ما سمي يوما ما بأقوى وأغنى تنظيم إرهابي في التاريخ.

ولكن بعد مرور أكثر من سنة على هذه الهزيمة هل يمكن القول إنَّ العراق بات في مأمن من خطر الإرهاب؟

إنَّ الاعتقاد بذلك ينطوي على عدم إدراك كبير من صانع القرار العراقي؛ مادامت الأسباب المغذية للإرهاب مازالت موجودةً، وعلى رأسها عدم حلِّ مشكلة النزوح الهائل من المناطق المحرَّرة من داعش، بما أنتجته وتنتجه من آثار نفسية واجتماعية خطيرة. وتصاعد معدلات الفقر والبطالة، وسوء التربية والتعليم، واستمرار الصراع بين القوى السياسية الممسكة بالسلطة في بغداد وأربيل، والتوتر بين المركز والاقليم حول المناطق المتنازع عليها وصادرات النفط والتفسيرات المتباينة للنصوص الدستورية. وتصاعد وتيرة العداء بين واشنطن وطهران وما يمكن أن تجرَّه المواجهة بينهما من مشاكل ستجعل حتما الأرض العراقية ساحة لتصفية الحسابات بينهما، ومن خلفهما حلفائهما الدوليين والاقليميين والمحليين. يضاف إلى كل ذلك عجز حكومي واضح عن تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وإعادة اعمار البنية التحتية في العراق عموما، وفي المناطق المحررة من داعش على وجه الخصوص، في ظل هبة ديموغرافية مرعبة ستشكل كابوسا قاتما للحكومات العراقية في المدى القريب والمتوسط والبعيد. ناهيك عما يعانيه الاقتصاد العراقي من خلل هيكلي يترافق مع غياب الخطط الحكومية القادرة على وضع استراتيجية شاملة للإنقاذ، وما تعانيه الأجهزة الأمنية والعسكرية العراقية من تحديات تجعلها دون مستوى الطموح، مثل تحدي التنظيمات المسلحة غير المنضوية تحتها، وافتقارها لاستراتيجية أمنية شاملة توحدها على مستوى القيادة والقرار والرؤية.

باختصار، البيئة العراقية ما زالت خصبة لعودة الإرهاب إليه؛ إن لم يكن تحت مظلة داعش فقد يكون تحت مظلة أخرى أبشع منها، وبدون إرادة سياسية تركِّز على بناء الدولة على أسس علمية صحيحة سيكون مستقبل العراق حافلا بالمفاجئات الكارثية.

 

لتحميل العدد كاملا اضغط هنا