م.د حيدر الغزي
باحث في قسم الدراسات القانونية
مركز الدراسات الاستراتيجية -جامعة كربلاء
أيار-مايو 2019
لا زالت انظار العالم مشدودة نحو العلاقة ما بين الولايات المتحدة الامريكية بوصفها قطبا عالميا اوحدا، وإيران التي يصنفها البعض بالقطب الاقليمي الشرق اوسطي الاكبر. وبالرغم من ان طبيعة العلاقة بينهما غير مفهومة بشكل كامل، بالأخص وان التهديدات الامريكية لا يبدوا عليها الجدية التامة، الا ان الاحداث شئنا ام ابينا تتجه نحو التصعيد، فعلى سبيل ذلك، أعلن البنتاغون مؤخرا أنه أرسل سفينة هجومية برمائية وبطارية صواريخ باتريوت إلى الشرق الأوسط لتعزيز قدرات حاملة طائرات تم إرسالها من أجل التصدي لتهديدات إيران.
وباتت السفينة الحربية “يو إس إس ارلينغتون” التي تضم على متنها قوات من المارينز وعربات برمائية ومعدات ومروحيات في طريقها إلى الشرق الأوسط.
وجاء في بيان أصدره البنتاغون أن هذه التعزيزات “ستنضم إلى حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن وقاذفة تابعة لسلاح الجو الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، ردا على مؤشرات رفع الجاهزية الإيرانية لشن عمليات هجومية ضد القوات الأميركية ومصالحنا”.
وقال البنتاغون إنه “يُواصل مراقبة أنشطة النظام الإيراني وجيشه وشركائه عن كثب”، مشددا بالوقت نفسه على أن الولايات المتحدة “لا تسعى لنزاع مع إيران”.
وأضاف “نحن على استعداد للدفاع عن القوات والمصالح الأميركية في المنطقة”.
وكانت واشنطن أرسلت الاثنين حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط في مناورة مصحوبة بتحذير “واضح لا لبس فيه” من البيت الأبيض إلى إيران، ما قد يشكّل تصعيداً خطيراً بعد عام من الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني.
وقال وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان إنّه أمر الأحد بنشر مجموعة لينكولن البحرية الضاربة المكوّنة من حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” وقطعاً بحرية مرافقة لها ومجموعة قاذفات “ردّاً على مؤشّرات حول وجود تهديد جدّي من قوات النظام الإيراني” .
وعلى الطرف الاخر، فأن إيران ايضا بدأت تعلي من صوت المؤسسة العسكرية، كرد غير مباشر على التهديدات الامريكية، ولكن على نحو اقل، وربما انها تدرك جيدا مكانتها في المنطقة وتدرك ايضا ان الولايات المتحدة لا تستهين بقدراتها، فهي احدى الدولة المهندسة لاحوال الشرق الاوسط في القرن الواحد والعشرين، وبالتالي فأن صانع القرار الامريكي ينبغي عليه ان يفكر الف مرة قبل الاقدام على اي عمل تجاهها. لكن اذا ما اردنا ان نجري محاولة استشفاف سريعة لمستقبل العلاقات بين الطرفين، او على الاقل ان نحدد بعض النقاط التي من الممكن ان تحدث، فلعنا سنلخصها بالنقاط الاتية:
1 – الولايات المتحدة لا تريد فتح جبهة جديدة في إيران. فلا زال الملف العراقي والسوري يؤرقها.
2 – ان مهاجمة إيران سيقوي كفة الدول الخليجية بالأخص السعودية، وهذا لا تريده امريكا في الوقت الحاضر.
3 – الارهاب قد يتكاثر ويبعث من جديد، وتصبح المؤسسات الامريكية او لنقل المصالح الامريكية في المنطقة على صفيح ساخن.
4 – الشعب الامريكي لن يقبل بمقامرة جديدة ، فهو الذي اجبر اوباما على الانسحاب من العراق عام 2011 .
5 – ايران نفسها، قد تضطر الى اجراء تكتيكات، حتى لو كانت مؤقتة، ان تقبل بدخول المفتشين، وان تخضع لبعض الشروط ، لكنها لن تسلم الاوراق النووية بسهولة .
اذن، كل المؤشرات لا تؤكد وجود حرب محتملة بين الولايات المتحدة وإيران، على الاقل خلال الفترة الراهنة او المستقبل المتوسط، وقد تكون الحرب في فترات بعيدة نسبيا.
وأكّد مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أنّ “الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب مع النظام الإيراني، لكنّنا على استعداد تامّ للردّ على أيّ هجوم، سواء تمّ شنّه بالوكالة أو من جانب الحرس الثوري أو من القوات النظامية الإيرانية”، من دون أن يحدّد طبيعة التهديدات المنسوبة لطهران.