باحث في قسم الدراسات القانونية-مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
حزيران 2019
يمكننا ان نجري عملية تقييم لعمل البرلمان العراقي خلال السنة التشريعية الاولى، عبر الاتي:
اولاً: اتهامات التزوير لنتائج الانتخابات:
بعد نهاية الانتخابات البرلمانية العراقية للدورة الرابعة والتي جرت في (12-5-2019) وبعد صراع مرير حول الاتهامات المتبادلة بين الكتل السياسية في تزوير الانتخابات وحرق مجموعة كبيرة من صناديق الاقتراع في مناطق بغداد والغاء البعض الآخر منها في بعض المحافظات ، وتسبب ذلك بالغاء اكثر من (1000) مركز انتخابي وتجميد عمل مفوضية الانتخابات، وفي حزيران قرر البرلمان انتداب هيئة قضائية تتولى العد والفرز اليدوي . وقد رافق ذلك نشوب حريق كبير في (10/ حزيران/ 2018) اثار الكثير من الشبهات ، بعد ان التهم الكثير من صناديق الاقتراع في مخازن قاطع الرصافة ببغداد والذي حدث بعد قرار البرلمان اعادة العد والفرز اليدوي لحوالي (10.000.000) ملايين صوت.
ثانياً: انعقاد الجلسة الاولى:
عقدت الجلسة البرلمانية الاولى في (3-9-2019) اي بعد (4) اشهر من اجراء الانتخابات البرلمانية في دورتها الرابعة برئاسة النائب الاكبر سنا محمد علي زيني، واجتمع المجلس في اليوم الثاني (4-9-2018) ضمن الجلسة الاولى المفتوحة ولم يتمكن من حسم اختيار رئيس المجلس، واصطدم المجلس الجديد باحداث البصرة الدامية، وانعقد مجددا في يوم السبت الموافق (8-9-2018) ليقف عند هذه الاحداث المؤسفة، وفي الجلسة الاولى المستمرة يوم السبت الموافق (15-9-2018) تم اختيار محمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب.
ثالثاً: اختيار رئيس المجلس ورئيس الجمهورية:
وبعد الانتخابات بحوالي (5) اشهر وتحديدا في (15-9-2018) تم انتخاب رئيس البرلمان محمد ريكان الحلبوسي باغلبية (167) صوتا وفي (16) ايلول استكمل البرلمان هيئته الرئاسية بانتخاب نائبين لرئيس البرلمان كان الاول من تحالف سائرون (حسن كريم مطر الكعبي) قائمقام السابق لمدينة الصدر، لتبدأ بعد ذلك رحلة البحث عن مرشحي رئاستي الجمهورية والوزراء بعد فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية الكترونيا، وفي (2-10-2018) في الجلسة الرابعة لمجلس النواب التي عقدت في يوم الثلاثاء صوّت البرلمان العراقي على مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح رئيسا للجمهورية بحصوله على (219) صوتا بالاغلبية المطلقة لاصوات اعضاء مجلس النواب.
رابعاً: تشكيل الحكومة العراقية (2018-2022):
كلّف رئيس الجمهورية (برهم صالح) مرشح الكتلة النيابية الاكبر (عادل عبد المهدي) بتشكيل الحكومة العراقية في غضون شهر واحد بموجب الدستور، ونال عادل عبد المهدي الثقة لحكومته مع (14) وزيرا في (24-10-2018) وصوّت على منهاجه الوزاري وادى اليمين الدستوري مع حكومته، وتسلم السلطة رسميا من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في (25/ تشرين الاول)، وخلال شهر تشرين الثاني بقيت المباحثات مستمرة للتوافق على اختيار (8) مرشحين للوزارات المتبقية، حتى تم منح الثقة لوزارء التعليم العالي والتخطيط والثقافة في (18-12-2018) وفي نهاية عام (2018) في (24/ كانون الاول) تم اختيار وزيري التربية والهجرة والمهجرين، والذي تبين فيما بعد بان وزيرة التربية شيماء الحيالي من الموصل (تدور حولها شبهات ارهابية تتمثل بانتماء احد افراد عائلتها للتنظيم المتطرف داعش، لذلك تمر اعفائها من الوزارة)، وتم ترحيل الوزارات الثلاث الدفاع والداخلية والعدل الى عام (2019) لاستكمال التشكيلة الحكومية والذهاب الى ماراثون الموازنة الاتحادية العامة واقرار القوانين المعطلة والمرحّلة من الدورات الانتخابية السابقة.
وقد بقيت وزارات الداخلية والدفاع والتربية رهن المحاصصة السياسية ولم تجد لها وزيراً وبقيت تعمل بالوكالة.
خامساً: الوفاء بالوعود الانتخابية:
في جلسته الخامسة التي عقدت يوم الثلاثاء (9-10-2018) طرح موضوع قبولات طلبة الدراسة الاعدادية وتدخل في عمل وزارة التعليم العالي، وكذلك الطلب لاستضافة وزير التعليم العالي لتوسعة مقاعد الدراسات العليا واعادة العمل بنظام العبور السيء الصيت، وكذلك الدور الثالث في الامتحانات النهائية، (وكل هذه الاجراءات قد جلبت الويلات للتعليم العالي) ، وهذا يثبت بان جل النواب كانوا قد قطعوا لناخبيهم وعودا لاترقى بالمؤسسات التعليمية وانهم استخدموا هذه المؤسسات للوصول الى النيابة على حساب الرصانة العلمية، فما الضير من ان يعيد الطالب سنته الدراسية كي يتحسن مستواه العلمي وننهض بالتعليم، وهذا الطرح كان من النائب غايب فيصل عنيد حامي، وبدعم النائب الاول لرئيس مجلس النواب السيد (حسن كريم مطر الكعبي)، وقالتها صراحة النائبة آلا الطالباني، بان اغلب النواب لديهم طلبات من طلبة الجامعات، بالاضافة الى طلبهم بخصوص الطلبة الذين لديهم معدلات (90) فما فوق ولم تظهر لهم القبولات في الكليات الطبية والهندسية، دون الاهتمام بتوسيع طاقة الجامعات الاستيعابية ودعم وزارة التعليم، وكذلك طرح الموضوع من قبل النائب (خالد الجشعمي) في الجلسة السادسة.
وفي جلسته السادسة التي عقدت يوم الخميس الموافق (11-10-2018) طلب النائب (حسن سالم عباس جبر) مناقشة قرار أللجنة الإقتصادية في مجلس الوزراء السابق بمنع إستيراد السيارات المتضررة والمستعملة الذي تسبب في أوضاع معيشية لشريحة كانت تستحصل رزقها من هذه السيارات، فاللجنة الإقتصادية في مجلس الوزراء ألغت إستيراد السيارات المتضررة والمستعملة الامريكية وحصرتها بسيارات الزيرو من شركات ثلاث هي شركة القاصد وشركة سردار وشركة ليث العبيدي لمصلحة وزير التجارة السابق سلمان الجميلي.
وبدأت المطالبة كذلك بالدرجات الوظيفية والتثبيت على الملاك الدائم وتنفيذ بنود القانون رقم 10 لسنة 2018 قانون التعديل الثالث لقانون المحافظات غير المنتظمة باقليم رقم 21 لسنة 2008 ، وكذلك تثبيت موظفي العقود في وزارة الكهرباء ومحاضري محو الامية المجانيين والتدريسيين المحاضرين وعقود الصحوات والاجراء اليوميين، وتشير هذه المطالبات الى ان الاعضاء الجدد قد انبروا وراء مطالب ناخبيهم بدل ايجاد الحلول الناجعة مثل الذهاب الى فتح مصانع ومشاغل لامتصاص البطالة والاستفادة من الموارد البشرية العراقية والتي اصبحت في تزايد مستمر لا يمكن لوزارات الدولة الحالية استيعابهم كموظفين، خصوصاً وان اغلب الشباب لا يملكون شهادات تؤهلهم للعمل كموظفين.
سادساً: اهم القوانين الصادرة:
اقر مجلس النواب العراقي خلال عام من انعقاده رزمة من القوانين ومن اهمها:
اولاً: قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2019:
هناك العديد من المؤشرات على قانون الموازنة بسبب نسبة الاقتراض العالي من المصارف وصندوق النقد الدولي، بالرغم من ارتفاع سعر برميل النفط في السوق الدولية، ففي المادة -2- ثانياً: الفقرة (4/ أ) الاقتراض من البنك الاسلامي للتنمية بقيمة (279) مليون دولار.
ويبدو ان الصفقات السياسية كانت حاضرة في قانون الموازنة، فمن ضمن ابواب التخصيص هناك اربعة مشاريع تاهيل معامل تنقية البذور والمخازن في محافظات (صلاح الدين والانبار ونينوى وديالى) بقيمة (27,5) مليون دولار لصالح وزارة الزراعة، في حين لم يتم تخصيص اي مبلغ لمشروع لتنقية البذور في كربلاء والذي مضى عليه اربعة سنوات ولم يكتمل.
اهملت الموازنة حاجة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من حيث التخصيصات القليلة مقابل الزيادة المروعة لعدد الطلبة المقبولين سنويا فيها والتي لم تعد ضمن طاقتها الاستيعابية، هناك مشروع لاعادة اعمار المعهد التقني في الحويجة في محافظة كركوك بقيمة (17) مليون دولار.
وفي المادة (65/ اولاً): تخفيض حصة محافظة كربلاء من مبلغ الزائر دولار الى (30%) بعد ان كانت في الموازنات السابقة (40%).
ثانياً: قانون اعادة منتسبي وزارة الدفاع والداخلية الى الخدمة:
يعتبر هذا القانون من قوانين الصفقات السياسية على حساب احترام القانون والوقوف بوجه التزوير، فقد قدم هذا القانون مكافأة لمنتسبي القوات الامنية الذين قدّموا شهادات دراسية للمرحلة الابتدائية مزورة للمدة من (2010-2019) وهذه لوحدها تعتبر مؤشر خطير على عدم احترام القانون، والاكثر من ذلك ان القانون أكد في المادة (3) على تعطيل القانون او قانون العقوبات تحديداً لانه يؤكد على اعفاء المشمولين من الملاحقة القانونية، يعني ان مجلس النواب قد تدخل في عمل السلطة القضائية، حيث اشار في المادة (5) من هذا القانون الى انه لايعمل بأي نص يتعارض مع احكام هذا القانون.
ثالثا: قانون المدن الصناعية:
الغرض منه تاسيس المدن الصناعية وتاسيس هيئة المدن الصناعية ويكون ارتباطها بوزارة الصناعة والمعادن ويعتبر هذا القانون خطوة نحو الامام.
رابعاً: قانون المرور:
وهو من القوانين التنظيمية الجيدة حيث لم يوضع قانون للمرور منذ سقوط نظام البعث، بل ان المعمول به هو الامر الاداري لسلطة الائتلاف المؤقتة رقم (86 لسنة 2004)، اما القانون الاخير فانه كان جريئا في طرح مجموعة من الغرامات على المخالفين لقواعد السير والمرور خصوصاً انتشار الفوضى التي ترافق الشوارع العامة وعدم الالتزام من قبل سائقي المركبات والدراجات، وكذلك عدم التزام المواطنين بقواعد العبور.
ومن خلال الطرح اعلاه يتوضح لنا بان اداء المجلس لم يكن بالمستوى المطلوب قياساً بحجم المشاكل التي ورثها من المجلس السابق، حيث بدا ذلك واضحا من خلال بحثه عن بعض الجزئيات للوفاء بالتزاماته ووعود اعضائه الانتخابية لناخبيهم بدل التاسيس لمشاريع رصينة تسعف حال الدولة العراقية ومن ضمنها مشاريع الطاقة.