م. مؤيد جبار حسن
باحث في قسم الدراسات السياسية
مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
أيلول-سبتمبر 2019
(قد تكون الأساليب مستحدثة ومتطورة لكن الهدف والمبتغى قديم وتقليدي)
تاريخ استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار يصل الى ما قبل الحرب العالمية الثانية، لكنه تطور مع دخول التقنية والإلكترونيات في قطاعات الحياة العامة، وتنوع استخدامها من الاستطلاع الى حمل الأسلحة وضرب الأعداء ومنشأتهم.
وفي الوقت الحالي، تقدم الاعتماد على الطائرات المسيرة وتنافست الدول على اقتنائها والارتقاء بها، باعتبارها سلاح المستقبل الفتاك. ومن تلك الدول الولايات المتحدة التي كانت تحتكر صناعة الطائرات المسيرة، ثم تليها بريطانيا وإسرائيل. ومن دول الشرق الأوسط، برزت ايران في مجهوداتها العسكرية وصناعتها الحربية، ومن بينها الطائرات المسيرة بأنواعها المختلفة والمتنوعة.
وفي الحرب اليمنية، نلاحظ ظهور قوي للطائرات المسيرة ضد المناطق الجنوبية السعودية، والتي يتم التحكم فيها كطائرات انتحارية تتوجه صوب أهدافها بسرعة وتهوي عليها بما تحمله من شحنات متفجرة. وبسبب ضعف وبدائية التسليح لدى الحوثيين فقد توجهت أصابع الاتهام في امتلاكهم لمثل هذا سلاح الى الدعم الإيراني.
ان القوى في منطقة الخليج تلعب لعبة صفرية خطرة، يتحدى فيها كل طرف الاخر بالتدمير والازالة ان مست مصالحه الاستراتيجية. فأعداء السعودية يعلمون ان الأخيرة ليس لها القدرة على مواجهتهم، وانها ستستعين بالإدارة الامريكية لتكبح جماح المستنفرين، وان الولايات المتحدة لن تدخل حربا ورئيسها يسعى لولاية ثانية قريبة، كذلك لن تتورط مع عدو قد يشعل الخليج العربي ان تعرض لضربة عسكرية.
الحل لجميع الأطراف يكمن في الرسائل الموجهة، فالذي استهدف منشآت النفط السعودية ، أراد ان يهدد الخليج بأجمعه باعتبار الرياض قمته واراد أيضا تهديد الغرب بخسارتها شريان الطاقة اذا ما تضررت مصالح الطرف المهاجم.
الرد لن يكون من نفس جنس العمل، فلجأت واشنطن الى العقوبات الاقتصادية لتخنق النظام الإيراني من الداخل ، وتثير النقمة والسخط الشعبي ،الذي تخشاه جميع أنظمة الشرق الأوسط بعد الربيع العربي ، فالتعويل على الثورات والاضطرابات الداخلية اقل كلفة من الضربات العسكرية المكلفة مالية وبشريا.
اما الرد الخليجي والسعودي على وجه الخصوص، فلن يكون سوى رسائل موجهة الى الداخل، لحفظ ماء الوجه وطمأنه شعوبها بانها لن تسكت امام هذا الاعتداء، والجميع يعرف ان تلك الدول الغنية رغم امتلاكها الكثير من الأسلحة والطائرات المتطورة لن تتجرأ على القيام بعمل عسكري بنفسها، ودون مباركة وموافقة البيت الأبيض.
وغير بعيد عن شواطئ الخليج الملتهبة، الذي ربما، طارت فوق سمائه رسائل الطائرات المسيرة ردا على نظيراتها التي شنت، سابقا، هجمات شبه مستمرة على مخازن السلاح التابعة لفصائل في الحشد الشعبي لاسيما التابعة لإيران كما تعتبرها الولايات المتحدة. واصابع الاتهام تتوجه صوب إسرائيل وبتسهيلات أمريكية، مما يعقد المشهد العراقي الذي تتجاذبه قوى إقليمية ودولية ليدور في فلكها على حساب مصالحه الخاصة وامنه الوطني ورفاه شعبه.
تلك الاحداث جميعا تؤشر الى حدث خطير، هو ان العراق أصبح ساحة لتصفية الحسابات ومعارك بالنيابة عن تلك القوى المتصارعة على حدود الخليج وذهبه الأسود. وكل ذلك يستوجب من صانع القرار العراق وحتى الشعب عموما الانتباه والوعي والاحتياط لقادم الأيام كي لا يكون العراق سوريا أخرى.