م.م.حوراء رشيد الياسري
قسم الدراسات القانونية
مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
تشرين الثاني –نوفمبر2019
شهد العراق في الاول من تشرين الاول الجاري مظاهرات تعد الولى من نوعها منذعام 2003م الى يومنا هذا ؛ لكونها عبرت بامتياز عن مطالب الشعب ومهما حاولوا تسيسها لم يستطيعوا لكون الاخير وصل الى مرحلة لايقدر على تحمل اخطاء القيادات السياسية الحاكمة التي تحاول التدليس في اداراتها لشؤون البلد وبجميع مفاصلها وان الشعب اصبح يمتلك القدر الكافي من الوعي والادراك بعدم مقدرة الطبقة السياسية الحاكمة في ادارة شؤون البلد بعد ان اصبحت اثار الفساد منتشره بجميع مفاصل الدولة الحساسة منها والعادية ولا يستطيع احد اتن ينكر ذلك .
وكما يقال تبدأ الحرية عندما ينتهي الجهل ، يتضح لنا ان الشعب قد افاق من جهله المتعمد في ضعف البناء السياسي والاقتصادي للطبقة السياسية الحاكمة وما يمثله هذا تداعيات على كافة المستويات والاصعده سياسيا كانت ام اقتصادية وحتى الاجتماعية ، وان ما يميز هذه المظاهرات عن غيرها هو مشاركة فئة الشباب في قياداتها وادارتها بسبب تردي الاوضاع المعاشية وانتشار البطالة بين صفوف الشباب المتعلم بسبب عدم توفر التخصيصات المالية والدرجات الوظيفية التي يتم الاستحواذ عليها بمجرد انطلاقها وهذه احد اوجة الفساد الواضحة والتي اسهمت بشكل مباشر في غليان الشارع العراقي .
كثيرة هي المظاهرات التي خرجت ولكنها لم تكن بهذه الدرجة من الحده والقوة وذلك يعود للاسباب التالية :-
- انتشار البطالة وفي مختلف فئات المجتمع المتعلمة منها وغير المتعلمة .
- انتشار الفساد بصورة كبيرة ولدرجات متقدمة حتى اخذ يشمل جميع مفاصل الدولة .
- الوعود الكاذبة التي اطلقها اغلب السياسيين لتهدئة الاوضاع بشكلا آني .
- المناداة بالاصلاح مع وقف تنفيذ هذه الاصلاحات.
- اغلب الذين يتولون السلطة ليسوا من اهل الاختصاص وانما نتيجة المحاصصة التي اوصلتهم الى هذه المناصب .
- وجود هفوات كبيرة في المنظم الاول للدولة الا وهو الدستور والتغافل المتعمد عن هذه الشيء من قبل رجالات الدولة رغم المطالب المتكررة بتعديله .
وتعد هذه المظاهرات نتيجة حتمية ومتوقعه لما وصل اليه الوضع في البلد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وبعد أي مظاهره من المظاهرات السابقة كان من المتوقع ان تصبح نفس هذه المظاهرات ولكن كان يتم تلافي احداثها وتسيسها وتسويفها بمشاركة جهات وشخصيات سياسية ومن ثم اطلاق الوعود الكاذبة للمتظاهرين والعودة الى ادراجهم بغية انتظار تحقيق الاصلاحات التي ترفع من شأن هذه الجـــموع .
لقد اظهرت لنا هذه المظاهرات مدى التلاعب الكبير بمقدرات هذه الشعب المادية والمعنوية والاستخفاف به لدرجة قتله لكونه طالب بحقوقه المشروعه من العيش بحرية وكرامة والابتعاد الكلي عن شعاراتهم التي ينادون بها من احترام لحقوق الانسان لكونهم مارسوا ابشع الوسائل في مواجهتهم لهذا الحراك الشعبي.
ان الوسائل التي استخدمتها الحكومة في مواجهتها للمظاهرات الاخيره ان تنم على شيء فتنم عن فشلها في ادارة الدولة ومؤسساتها وعدم مقدرتها الفعلية في ادارة الدولة وان الشعب اصبح يمتلك من الوعي يستطيع ان يميز بين الحقيقة والكذب ، بالرغم من الاجراءات الحكومية العنيفة وفشلها في تسويف المظاهرات من خلال القول بوجود مندسين يقودون المظاهرات هذه كلها وسائل تحاول الحكومة من خلالها التكتم على فشلها الحكومي الذريع في ادارة مؤسسات الدولة وعجزها في تنفيذ برنامجها الحكومي المعلن .
في سياق ما تقدم اذا ما اراد السيد عادل عبد المهدي البقاء في ادارته للدولة ومؤسساتها عليه اتباع مجموعة من الخطوات الناجعة في كسب رضا الشارع العراقي الغاضب ومنها :-
- اجراء تعديلات دستورية شاملة يتم وضعها من قبل اصحاب الاختصاص .
- الابتعاد عن المساومات السياسية التي تحصل على حساب الشعب .
- العمل على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة بشكل فعلي وليس حبرا على ورق او استبدال الشخص السيئ بشخص اسوء .
- التقليل من اجهزة الدولة عديمة الفائدة ومنها الغاء مجالس المحافظات وغيرها الكثير التي تستنزف اموال طائلة دون جدوى او اهمية تذكر .
- تقديم اعتذار- ان لم نقل التنحي عن ادارة الدولة وتقديم استقالته – للشعب العراقي عن كل ما بدر من قمع للمظاهرات للتخفيف من حدة الغضب الذي يعتري الشارع .