م.م. سعد محمد حسن الكندي باحث في قسم إدارة الأزمات- مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء 17- ديسمبر- 2019
على الرغم من مرور سنتين أو اكثر على إقرار قانون الاسلحة, الا إن تطبيقه على أرض الواقع لايزال حلمًا لكل مواطن عراقي يسعى لبناء دولة مدنية ذات مؤسسات مهنية، فالمعوقات التي تحول دون تطبيق القانون كثيرة منها ما يتعلق بطبيعة المجتمع العراقي المسلح منذ تأسيس الدولة العراقية (1921) وإلى يومنا هذا, ومنها ما يتعلق بعدم جدية الحكومات المتعاقبة على الحكم منذ عام 2003إلى (حكومة المستقيل عادل عبد المهدي) في ضبط ، أو حصر السلاح بيد الدولة, والذي بات يشكل تهديدًا حقيقيًا لأمن وسلامة السلم الاهلي وتهديدًا لأمن الدولة أيضًا. و من أجل وضع قانون يستوعب التطورات التي طرأت، ووضع ضوابط جديدة لحيازة وحمل السلاح، وتأهيل المواطن فنيًا لحمل السلاح، وتحديد عمر الشخص المخول بحيازة، أو حمل السلاح، و تنظيم أيلولة السلاح الذي تقرر المحكمة مصادرته فقد شرع قانون الاسلحة رقم 51 لسنة 2017 و الذي عدّ نافذًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/3/2017 . وحدد القانون أنواع الأسلحة بالسلاح الناري و السلاح الحربي و العتاد الناري والحربي ، ويمكن تحديد من يمكنه حيازة السلاح على وفق ما جاء في القانون بالنقاط الآتية : حدد المشرع أنواع الاجازات لحمل و حيازة السلاح و لفتح محلات لتصليح الاسلحة و سلطة الاصدار بوزير الداخلية . حدد القانون شروط حيازة وحمل السلاح بأن يكون الشخص قد أكمل الخامسة و العشرين من عمره . أن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف وغير مصاب بعوق بدني أو مرض عقلي أو نفسي يمنعانه من استعمال السلاح على أن يؤيد ذلك بتقرير من لجنة طبية رسمية. أن يكون مؤهلًا فنيًا لحمل السلاح أو ممارسة مهنة البيع أو الاصلاح بموجب اختبار تجريه جهة الاصدار . نص المشرع على عقوبة السجن على كل من هرب أسلحة أو اجزاءها أو عتادها و الاتجار بها بدون إجازة، و تكون العقوبة الاعدام أو السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة بقصد إشاعة الإرهاب أو الاخلال بالأمن العام أو دعم أي تمرد مسلح ضد الدولة والحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات و بغرامة لا تقل عن مليون و لا تزيد على خمسة ملايين كل من اتهم بحمل السلاح الناري وكان حاصلا على اجازة لحمله، و حمله اثناء اشتراكه في تظاهرات و تجمعات ضد الحكومة، و تكون العقوبة السجن إذا كان حمل السلاح بدون اجازة وبالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة كل من حمل أو باع أو اصلح أسلحة ناريةأ عتادها بدون إجازة من سلطة الاصدار، و يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مئة الف دينار و لا تزيد على مئتين و خمسين الف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام هذا القانون أو التعليمات أو البيانات الصادرة بموجبه في غير الأحوال الأخرى المنصوص عليها ويتم مصادرة السلاح و عتاده وسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة مع مراعاة حالة صاحب السيارة حس النية. استثنى القانون رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس النواب ونوابه و رئيس مجلس الوزراء و نوابه و القضاة و الادعاء العام من إجازة حيازة و حمل السلاح وأجاز لرؤساء الوحدات الإدارية و المحققين القضائيين و منفذي العدول و مديري المصارف و الموظفين من درجة مدير عام فما فوق حيازة و حمل السلاح بوثيقة صادرة من وزير الداخلية ويجوز للأجنبي حمل السلاح الناري و عتاده على وفق قاعدة المقابلة بالمثل و لوزير الداخلية إعارة الأسلحة الحكومية إلى غير الموظفين عند تحقق الضرورة و المصلحة العامة وتسترجع منهم عند زوال الأسباب المسوغة لذلك ، و أجاز لضباط الجيش و قوى الأمن الداخلي و منتسبي جهاز مكافحة الإرهاب و الأمن الوطني و هيأة الحشد الشعبي و جهاز المخابرات و البيشمركة حمل السلاح بوثيقة من الجهة المختصة. ولهذا القانون أهمية بالغة في حفظ الأمن والسلم, لأنه يحدد مستعملي السلاح وبصورة رسمية ، و قد جاء هذا القانون بعد مطالبات بحصر السلاح بيد الدولة. وفي الختام فإنه من المستحيل عودة الأمن والاستقرار للعراق في ظل وجود السلاح بيد الجماعات والتنظيمات التي تعد خارج سيطرة الدولة, و إن كانت هذه الجماعات أو التنظيمات صديقة أو معادية للدولة وأجهزتها الأمنية, لأن السلاح الذي لم يوجه اليوم بوجه مؤسسات الدولة ربما يوجه مستقبلًا، وهذا تحدي خطير تواجهه الدولة العراقية في المستقبل, من هنا نرى بأن هناك دعوات كثيرة ومن مختلف شرائح المجتمع العراقي بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وهذا المطلب لايزال مطلبًا اساسيًا تطلبه ساحات التظاهر اليوم، لأنها أكثر عرضة للسلاح المنتشر بيد جهات غير رسمية أو ما تعرف (بالطرف الثالث), فقد شهدت حوادث عدة منها (القنص للمتظاهرين, أو الاغتيالات والخطف للناشطين, وعمليات السطو المسلح, ومجزرة السنك, وغيرها من الحوادث التي تؤكد على خطورة بقاء السلاح بيد أشخاص منفلتين ولا يحترمون النظام والقانون . من جانب آخر، فقد أكدت خطبة المرجعية الدينية في النجف الاشرف على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة, لما شاهدته من مخاطر على السلم الاهلي ، كما يمكن القول بأن بقاء السلاح خارج سيطرة الدولة يعد عائقًا حقيقيًا أمام كل خطوات الاصلاح التي نتطلع إليها كشعب منتفض بوجه الفساد وسراق المال العام, و أكثر من ذلك فإنه يرفع من حالة الفوضى في المجتمع المسالم .