م. علي مراد النصراوي / قسم إدارة الأزمات
القصة بدأت عندما رفضت حركة طالبان التي كانت تحكم افغانستان بعيد الانسحاب السوفيتي منها ، تسليم أسامة بن لادن المسؤول عن تنفيذ هجمات 11 ايلول 2001 للولايات المتحدة الامريكية ، الامر الذي دفع بالاخيرة الى قيادة تحالف دولي واعلان الحرب على افغانستان ، بهدف الإطاحة بحكومة طالبان تحت عنوان مكافحة الارهاب الدولي ، لكن طالبان بدأت بعد هذه الحرب بالتحول نحو أن تكون حركة تمرد دينية تهاجم القوات الامريكية والافغانية والقوات الأخرى، وترفض الانخراط في العمل الحكومي، وتتهم الحكومة الافغانية بالعمالة وبأنها غير شرعية .
أمّا عن مسير المفاوضات فيعود لعام 2011 عندما استضافت قطر بعض قادة طالبان لبحث السلام في أفغانستان ، إلا إن مسار المفاوضات شابه نوع من الغموض، ولم يكن واضحَ المعالم ، فيما اعقب ذلك فتح مكتب سياسي لطالبان في قطر عام 2013 ، لكنّه أغلق بعد مدة على أثر خلاف بشأن رفع أعلام التنظيم.
واستضافت قطر مرة أخرى مؤتمرًا كبيرًا وذلك في تموز/ يوليو، وقد كان من نتائج هذا المؤتمر أنه خرج بخارطة طريق للسلام في أفغانستان، وضم المؤتمر مسؤولين من طالبان ومن الحكومة الأفغانية اللذين حضروا بصفتهم الشخصية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 2018، أعلن قادة طالبان أنهم سيلتقون بمسؤولين أمريكيين لمحاولة إيجاد (( خريطة طريق للسلام ))، بيد إنهم استمروا في رفض إجراء محادثات رسمية مع الحكومة الأفغانية، التي وصفوها بأنها مجموعة ((دمى)) أمريكية.
وبعد أكثر من 18 عامًا على الحرب في أفغانستان، جرى مؤخرًا اتفاق ما بين طالبان والولايات المتحدة برعاية قطرية، وقد اعتمد هذا الاتفاق على انسحاب قوات الناتو والقوات الامريكية خلال 14 شهرًا من افغانستان، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن ملف التفاوض في افغانستان كان طويلًا وشاقًا، وعزز ذلك بقوله: (( لقد حان الوقت بعد كل هذه السنوات لإعادة جنودنا إلى الوطن)) ، وفي الوقت ذاته فإن ترامب لوح بإمكانية العودة عن الاتفاق إذا لم تحسن طالبان التصرف بعد التوقيع عليه ، و مما يذكر إن قرابة 2500 جنديًا امريكيًا قتلوا في افغانستان منذ بدء الحرب هناك .
أما أهم بنود الاتفاق فهي :
تكمل الولايات المتحدة وحلفاؤها سحب قواتهم المتبقية من أفغانستان في غضون 14شهرًا من توقيع الاتفاق.
تخفض الولايات المتحدة عدد قواتها العسكرية في أفغانستان إلى 8600 في غضون 135 يومًا.
تلتزم الولايات المتحدة وفقًا للاتفاق بالامتناع عن استعمال القوة، والتدخل في شؤون أفغانستان الداخلية.
تقوم الحكومة الأفغانية بمخاطبة مجلس الأمن الدولي لإزالة أسماء قيادات حركة طالبان من القوائم السوداء، وقوائم العقوبات في أسرع وقت.
تحترم الولايات المتحدة الأميركية سيادة أفغانستان.
تدعم واشنطن قوات الأمن الأفغانية والمؤسسات الحكومية الأخرى.
تساعد واشنطن على خلق بيئة داعمة لإحلال السلام النهائي بأفغانستان من خلال دول الجوار.
تلتزم واشنطن بتسيير المناقشات بين أفغانستان وباكستان لوضع ترتيبات لضمان عدم تهديد أي بلد للآخر.
الولايات المتحدة على وفق الاتفاق مستعدة لمواصلة العمليات العسكرية في أفغانستان وبموافقة الحكومة الأفغانية لعرقلة خطط تنظيمي القاعدة والدولة.
تلتزم حركة طالبان بقطع علاقاتها مع تنظيمي القاعدة والدولة، وسائر التنظيمات الإرهابية.
تلتزم حركة طالبان بالدخول في مفاوضات جادة مع الحكومة الأفغانية لتحقيق السلام في البلاد.
يتوقف انسحاب الجنود الأمريكيين على التزام طالبان باتفاقها مع الولايات المتحدة.
أبعاد الاتفاق وامكانية التنفيذ
بحسب المصادر الرسمية الامريكية فإن الاتفاق يهدف لتجنب اعطاء المزيد من الخسائر في صفوف الجنود الأمريكان ، فضلًا عن عزل بقية التنظيمات الارهابية ومحاولة إيجاد قوة تعمل على مواجهتهم ، كما إن الوقت قد حان لعودة الجنود إلى ديارهم بحسب قول الرئيس ترامب ، إلى جانب ذلك فإن واشنطن تسعى لتهدئة الأمور هناك ربما للتفرغ لجبهة أخرى، أو هي ورقة ضغط بالضد من ايران التي رفضت هذا الاتفاق، أو هي رسالة لروسيا ، وبالتالي فإن امكانية تنفيذه تبقى متأرجحة مالم تلتزم طالبان بكامل بنوده، إذ هددت واشنطن في حال أخلفت الحركة أو تراجعت عنه فإن القوات الامريكية ستعاود هجماتها وبصورة أكبر وأشد، وهذا ما قد يحدث على وفق المعطيات المتوفرة، وخلفية المواقف الامريكية عند التمعن بها .