م.م.حوراء رشيد الياسري
قسم الدراسات القانونية
مع التطور العلمي والتقني المتسارع الذي تشهده اغلب دول المنطقه بمعنى عدم اقتصار التقدم العلمي على الدول الغربية والاوربية فقط ؛ حيث شهدت معظم دولنا العربية استخدامها لوسائل التعليم المتقدمه والمتطوره ولا نغالي أن قلنا بأن معظم دول الخليج العربي قد بدأت فعلياً بادخال التقنية لوسائلها التعليمية وقد حدث ذلك فعلياً مع بداية الالفية الثانية .
لقد تم تداول مصطلح ( التعليم الالكتروني ) مؤخراً من قبل الجهات المعنية ، حيث يعد مصطلح التعليم الالكتروني جديد بعض الشيء على واقعنا العراقي – وأن كنا نسمع باستخدامه من قبل بعض الدول – بل وحتى داخل مؤسساتنا التعليمية ولكن الخاصة منها ، لكونها تستخدم هذه التقنية في التواصل مع التلاميذ واولياء امورهم .
يعرف التعليم الالكتروني بأنه : ( نظام تعليمي تفاعلي يقدم للطالب باستعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصال ، ويعتمد على بيئة إلكترونية رقمية متكاملة تعرض المقررات الدراسية كافة عبر الشبكات الإلكترونية ، ويوفر سبل التوجيه والإرشاد وتنظيم الاختبارات ) ، فبعد ان انتشر وباء كورونا في كل دول العالم اتخذت الحكومة المركزية سلسلة من الاجراءات التي من شأنها ان تبعد خطر وباء كورونا عن البلاد وان من هذه الاجراءات فرض حظر التجوال والذي عرف ب ( الحجر المنزلي ) والمتمثل بتعطيل دوام طلبة المدارس والجامعات والمعاهد الحكومية منها والاهلية في خطوة لعدم اختلاط اي مصاب او ملامس عن الاخرين الغير مصابين ؛ ولكن برغم كل هذه الاجراءات المتخذه الا ان الوباء قدم للعراق من قبل الوافدين والمسافرين فضلاً عن زيادة الملامسين للمصابين فارتفعت الاصابات والوفيات بشكل صدم الشارع العراقي .
وبعد توقف الدوام في الجامعات والمدارس والمعاهد وتسجيل اصابات وفي كل المحافظات العراقية اطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية منصات عدة لاكمال المناهج المقررة وعدم توقف الدراسة في الوقت الراهن من خلال تطبيق النظام التعليمي الجديد والذي اتبعته دول عدة في مدة حظر التجوال للحد من انتشار الوباء والسيطره عليه .
لكن هناك سؤال يطرح نفسه حول مدى مقدرة وامكانية الجهات المعنية بتطبيق هذا النظام التعليمي الجديد ؟ وهل تتوفر البنية التحتية اللازمه لمثل هذا النظام سواء كانت هذه الامكانيات مادية ام بشرية ؟
للاجابة على هذه التساؤلات لابد من التوقف على الواقع التعليمي في العراق الذي يتصف بالتأخر وعلى كافة الاصعدة ، اضافة لضعف البيئة التكنولوجيا والرقمية في اغلب المؤسسات العراقية ومن ضمنها المؤسسة التعليمية ؛ فبعد ان تحولت بعض المؤسسات الى استخدام التكنولوجيا في ادارة شؤونها كالجنسية والجوازات واليوم التعليم حيث اظهرت ضعف الاداء الحكومي المرافق لضعف البنية التحتية في قطاع الاتصالات والخدمات التقنية .
وهناك مجموعة من التحديات التي تواجه تطبيق النظام التعليمي الجديد ومن ابرزها ما يلي :-
- المحتوى التعليمي : يلجأ كثير من المعلمين إلى ما يسمى ب ( التصميم التعليمي( لإعداد مادة تعليمية تحقق الأهداف بكفاءة عالية حيث يقوم هذا التصميم عموماً على دراسة الاحتياجات التعليمية للطلاب ، وتحديد الأهداف والوسائل المناسبة لتحقيقها ، وأدوات لقياس مدى التعلم والتغذية الراجعة .
- جاهزية المعلم : يطلق مصطلح جيل بيبي بومر (Baby Boomers Gen ) على الفئات التي وُلدت ما بين عامي 1944 -1964 ومن أكبر المشاكل التي تواجه هذه الفئة هو الجاهزية لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في عملية التعلم ، وهذا ليس انتقاصاً منهم ولكنه واقع فرضه الاكتشاف المتأخر لكثير من أجهزة التكنولوجيا والتطبيقات . وكان من هؤلاء من استشعر أهمية الالتحاق بركبها فتعلمها واستخدامها ، ومنهم من ظن أنه في غنى عنه .
إلا أن طغيان التكنولوجيا وشغف الأجيال بها والوعي البيئي بضرورة التقليل من استخدام الأوراق إلى غيرها من العوامل أدت إلى التحول التدريجي والكبير نحو التكنولوجيا مما شكل صدمة لهذه الفئة التي غدت الآن تحت أمر واقع يحتم عليها استخدام التكنولوجيا، وبتفصيل يتعدى تحميل ملفات ومشاركتها على السحابات الإلكترونية إلى ما هو أبعد من ذلك .
- توفر التكنولوجيا: يعد توفر التكنولوجيا عاملاً مهماً لنجاح فكرة التعلم الإلكتروني ، فبدونه سيغدو الأمر مجرد حلم ؛ وهناك مستويات مختلفة لهذا التحدي ، حيث يعد توفر الأجهزة وشبكة الإنترنت وسرعة الإنترنت وحزم الإنترنت ، كل منها يعد تحدياً بذاته أو مجتمعاً مع الأخريات .
فقد يتوفر للطالب أو حتى المعلم الجهاز إلا أنه قد لا تتوفر لديه خدمة إنترنت أساساً وإن توفرت فقد تكون بطيئة أو ربما بحزمة غير كافية لتغطية عروض الفيديو والمواد ذات الحجم الكبير.
وفي ضوء ما تقدم يتضح لنا أن الأزمة التي واجهت القطاع التعليمي بسبب تفشي فيروس كورونا دفعت التعلم الإلكتروني نحو الواجهة فأصبح خياراً لا بديل عنه إلا حتى في حالة انعدام البنى التحتية – كما في العراق وبعض الدول الاخرى – وسيواجه المعلمون والطلاب تحديات كبيرة لمواكبة هذا التحول المفاجئ إلا أنه بالتخطيط المناسب يمكن التغلب على كثير من العقبات .