م.م.عبير مرتضى حميد السعدي باحثة في قسم إدارة الأزمات مركز الدراسات الاستراتيجية /جامعة كربلاء
بعد أن واجه العالم أزمة مناخية كبيرة في المدة الماضية من حرائق مدمرة في استراليا وعواصف واعاصير ضربت جنوب الولايات المتحدة، وذوبان الجليد في أجزاء من القطبين: الشمالي والجنوبي، وظواهر جوية عديدة بسبب الاحتباس الحراري، فالعالم اليوم يعيش بأزمة أكبر آلا وهي جائحة كورونا التي أصبحت تهدد شبح الحكومات جميعها، التي عمدت على اتباع أساليب وطرق للمحافظة على حياة شعوبها من خلال حجر منزلي، وحظر للتجوال، واطلاق حالات طوارئ نتج عنها توقف العديد من المصانع والمعامل الصناعية في أكبر الدول الصناعية مثل: الصين، والولايات المتحدة، وألمانيا وغيرها من الدول، فضلًا عن توقف حركات النقل بأشكالها كافة، و انحسار كل أساليب التلوث الأخرى. ويظهر إنّ هذه العوامل قد أدّت إلى انخفاض انبعاثات غاز الكاربون في الجو، وانخفاض مستويات الاحتباس الحراري مما نتج عنها توقف اتساع ثقب الاوزون وأكثر من ذلك فقد أصبح الثقب أصغر حجما مقارنة بحجمه قبل أزمة كورونا ، هذا الثقب الذي كان شاغل علماء المناخ وكيف يمكن السيطرة عليه والحد من توسعه قد أغلق على مدار 3- 4 أشهر، ويعود الفضل في هذا لأزمة كورونا التي نبهت العالم إلى إن صحة المجتمع فوق الاقتصاد والسياسة ولابد من المحافظة على كوكبنا لأنه ملك الجميع. إنّ انغلاق ثقب الاوزن الذي دام تأكله إلى اكثر من 21 عام يواجه اليوم تخوف من فرصة نجاحه بالبقاء لمدة طويلة بعد انتهاء أزمة كورونا ورجوع الحياة إلى وضعها السابق، وعودة المصانع بطاقات إنتاجية أكبر، وحركة النقل تتضاعف، وحرق الوقود والنفايات يتزايد، وفي هذا الشأن أشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن معهد I4CE لاقتصاديات المناخ ومقره باريس، عن تقريرها الصادر بعنوان: الاستثمار في المناخ يمكن أن يساعد فرنسا في دفع الانتعاش الاقتصادي، إنه من الأساسي لعملية التعافي التحويلي والمراعي للبيئة اتخاذ إجراءات مبكرة بشأن جدول أعمال طويل الأجل لمعالجة تغير المناخ، وتجنب فقدان الموائل وتفتتها، ووقف فقدان التنوع البيولوجي، وتقليل التلوث، وتحسين إدارة النفايات والبنية التحتية. وان حزمة التمويل التي أطلقتها فرنسا التي تعد اواحدة من الدول الصناعية بقيمة 7 مليار يورو سيكون للجانب المناخي جزء منه، فقد وضعت نحو 30 استثمارًا رفيقًا للمناخ، وإعادة تأهيل المساكن العامة والخاصة والمباني الأخرى، ونشر مركبات الركاب منخفضة الانبعاثات، وتطوير البنية التحتية للنقل العام في المناطق الحضرية، والبنية التحتية للسكك الحديدية ومسارات الدراجات، والطاقة الكهربائية المتجددة، وإعطاء الأولوية لثلاثة جوانب هي: البيئة، والاقتصاد، والصحة. من هنا يبرز التأكيد على الجانب البيئي والمناخي في المستقبل وبشكل أكبر عبر الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل طرح ملوثات في الجو، وتوسيع نطاق العمل في الصناعات الخضراء من خلال حشد كل الجهات الفاعلة وفي بلدان العالم جميعها، فضلًا عن الشركات والمنظمات من أجل خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050، وكما هو مستهدف، فلابد من طرحها جميعًا في مؤتمر الأمم المتحدة الدولي السادس والعشرين بشأن المحيطات والتنوع البيولوجي والمناخ الذي كان من المقرر عقده في تشرين الثاني عام 2019 إلا إن ظهور وباء كورونا في الصين التي تعد واحدة من الأطراف الرئيسة في المؤتمر قد تسبب في تأجيل المؤتمر إلى عام 2021.