م.م. عبير مرتضى حميد السعدي
باحثة في قسم إدارة الأزمات
مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء 17 ايار 2020
تُواجه حكومات الدول النامية اليوم خطرا يهدد المجتمع لا قل خطورته عن خطورة وباء كورونا يتمثل بالنفايات الطبية الناتجة عن المستشفيات والمراكز الرعاية الصحية التي يرقد فيها المصابون بمرض كورونا او المراجعون لدور الرعاية الصحية التي تقدم لهم المستلزمات الطبية المطلوبة؛ ويتعدى الامر الى النفايات المنزلية وأماكن الحجر الأخرى التي بمجملها تطرح النفايات الطبية من الأقنعة الملوثة والقفازات والأدوية المستعملة والحقن وغيرها من الأدوات الملوثة والحاملة للفايروسات والمايكروبات . وفي العراق في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الغير مستقرة لا يستشعر المواطن بجدية الحكومة بالاهتمام بهذا الامر. فالنفايات الطبية في الوقت الحاضر تعامل معاملة النفايات العادية ،اذ ترمى في مواقع رمي النفايات مكشوفة بدون فرز او تقطيع ولا أي معامل لحرق تلك النفايات ولا أي مواقع للطمر ولا أي معالجات كيمياوية قد تخفف من خطورتها وانما تترك بدون أي أساليب علمية امنة للتخلص منها، مما تتعرض البيئة وصحة المجتمع اليوم الى خطر انتقال مرض كارونا والامراض الأخرى الى الذين يعيشون على تلك النفايات المعروفين بالنباشين وكذلك الحيوانات السائبة ، ففي تقرير نشر في المركز الدولي للتكنولوجيا البيئية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في أوساكا، اليابان بعنوان مجموعة من تقنيات معالجة للتخلص من نفايات الرعاية الصحية، بينت قد أفاد طبيب أطفال مستشفى مدينة الصدر في العراق بأن العشرات من الأطفال الراقدين في المستشفى بسبب اصابتهم بالأمراض المعدية نتيجة ملامسة النفايات بما في ذلك نفايات المستشفى ،اذ يقومون بجمع المواد القابلة لإعادة التدوير لبيعها لمنشآت إعادة التدوير للحصول على مبالغ. وفي ظل تزايد أعداد المصابين بالوباء في العراق وما يرافقه من تزايد حجم النفايات الطبية بشكل كبير ،اشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن كمية النفايات الطبية المطروحة من المستشفيات في ألايام العادية يصل إلى 0.5 كغم لكل سرير في اليوم ، مما يعني ان الكميات قد ازدادت في ظل جائحة كارونا الى اضعاف، مما سنواجه أزمة بيئية و صحية تتمحور حول كيفية إدارة تلك النفايات التي قد تسبب تلوث للطبيعة، وتنقل المرض من جديد من النفايات إلى الحيوانات والافراد الذين يعيشون على نبش تلك المطامر او على العمال الذين ينقلون تلك النفايات ، لذا لابد من وضع حلول عاجلة للتعامل مع تلك النفايات وفق أطر علمية سليمة وامنة ويمكن الاستعانة بتجارب دولية في كيفية التلخلص من تلك النفايات فضلا عن اتباع الأساليب الأساسية في إدارة النفايات الطبية من جمع النفايات الطبية وفصلها ليتم بعد ذلك تخزينها ونقلها ومعالجتها والتخلص منها بشكل مناسب، فضلاً عن مراعاة التطهير الصحي للعاملين وتوفير الألبسة الوقائية من المرض. وقد اوضحت اتفاقية بازل ضرورة اعتماد الأساليب التقنية في التخلص من النفايات الطبية وتوجيه البلدان النامية بشكل خاص الى كيفية إدارة تلك النفايات وفق طرق سليمة تحترم فيها افراد المجتمع والبيئة عبر معالجتها للتخلص منها بشكل نهائي وهذا يتم من خلال عمليات أساسية أربعة، وهي: العمليات الحرارية، والكيميائية، والإشعاعية، والبيولوجية، وتكون كل تلك العمليات من مسؤولية الدولة وأجهزتها المؤسسية.