هل تعتقد أن لدينا أسبقية عسكرية على الصين؟ فكر مرة اخرى

      التعليقات على هل تعتقد أن لدينا أسبقية عسكرية على الصين؟ فكر مرة اخرى مغلقة

الكاتب: ديفيد إغناتيوس

الناشر: ذا واشنطن بوست

بتاريخ: 13 آيار/ 2020

ترجمة: م. حسين باسم

قسم الدراسات السياسية/ مركز الدراسات الاستراتيجية

 

استهل الكاتب “إغناتيوس” مقاله المُثير باستفزاز محقون في عنوان المقال لدغدغة مشاعر صناع القرار والعسكريين وحتى المدنيين الامريكان المهتمين بالتنافس مع الصين. معتبرا بأن الحقيقة يجب أن تذهل كل أمريكي يفترض أنه لأننا ننفق ما يقرب من تريليون دولار سنويا على الدفاع، لدينا الأسبقية على منافسنا الناشئ، الصين.

“على مدى العقد الماضي، في ألعاب الحرب الأمريكية ضد الصين، تمتعت الولايات المتحدة بسجل مثالي تقريبًا: لقد خسرنا كل مرة تقريبًا”.

يذكر الكاتب “إغناتيوس” بأن هذا اقتباس من كتاب جديد بعنوان “سلسلة القتل: الدفاع عن أمريكا في مستقبل حرب التكنولوجيا العالية”، وهو النقد الأكثر استفزازية لسياسة الدفاع الأمريكية التي قرأتها – حب تعبير الكاتب – منذ سنوات. كتبه “كريستيان بروس”[1]، المدير السابق للجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ والمستشار المقرب للسناتور الراحل جون ماكين. الكتاب ليس مجرد مكالمة إيقاظ، إنه إنذار حريق في منتصف الليل.

يضيف الكاتب بأن “بروس” شرح في كتابه حقيقة رهيبة بشأن الحرب مع الصين: سيتم تعطيل أقمار التجسس والاتصالات الخاصة بنا على الفور. إن قواعدنا الأمامية في غوام واليابان ستغمرها الصواريخ الصينية الدقيقة؛ ستضطر حاملات طائراتنا إلى الإبحار بعيدًا عن الصين هربًا من الهجوم؛ لن تتمكن طائراتنا المقاتلة من طراز F-35 من الوصول إلى أهدافها لأن ناقلات التزود بالوقود التي تحتاجها سيتم إسقاطها.

كما بين الكاتب بأن “بروس” قد أكد في كتابه: “ستصبح العديد من القوات الأمريكية صماء بكماء عمياء“. وجادل بأننا أصبحنا ضعفاء للغاية، لأننا فقدنا المتطلبات الأساسية للقوة العسكرية -“سلسلة القتل” كما وصفها في عنوان كتابه- وهو ما يعني رؤية التهديدات واتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لوقفها.

كيف حدث هذا؟ لم يكن فشلًا استخباريًا، أو خبيثًا في البنتاغون والكونغرس، أو نقصًا في المال، أو براعة تكنولوجية غير كافية. لا، لقد كان ببساطة الجمود البيروقراطي الذي ضاعفته المصالح الراسخة. البنتاغون بارع في فعل ما فعله بالأمس، ويصر الكونغرس على ذلك بالضبط. لقد كنا مشغولين للغاية في تلميع أنظمتنا القديمة بحيث -كما ذكر بروس- “تعرضت الولايات المتحدة لكمين من المستقبل.”

ويفترض الكاتب ضرورة أن نفكر في ضعف أمريكا الآن، لاسيما والعالم مغلقا بالكامل ولدينا فرصة لإعادة التقييم. حيث سيظهر عالم جديد بعد جائحة الفيروس التاجي العالمي، عالم عازمة فيه الصين بوضوح على تحدي الولايات المتحدة كقوة عالمية. إن حروب البروباغندا حول أصل الفيروس الجديد الذي تسبب في انتشار جائحة كوفيد-19 ما هي إلّا مجرد إحماء للاختبارات المقبلة.

ويسلط الكاتب الضوء على ما حاول بروس الفات النظر اليه، حيث ذكر بأن

  • الجيش الصيني لا يركز على إبراز القوة، كما هو الحال لدينا، ولكن بدلاً من ذلك على منع الهيمنة الأمريكية. وبدلاً من مباراة أساطيلنا من حاملات الطائرات وأسراب الطائرات حول العالم، طورت بكين أسلحة دقيقة لمنع الولايات المتحدة من تعبئة وحشد هذه القوات. ومن الأمثلة على ذلك DF-21، أول صاروخ باليستي مضاد للسفن في العالم، والذي يقول بروس أنه يعرف باسم “القاتل الناقل“.
  • يريد البنتاغون مواجهة التحدي الصيني، لكنه يصر على إبقاء نفس المنصات الضعيفة والمكلفة للغاية في قلب القوة العسكرية للولايات المتحدة. ويطالب الكونجرس بالالتزام بهذا الوضع الراهن. عندما حاول وزير الدفاع جيم ماتيس ووزير البحرية ريتشارد سبنسر سحب حاملة طائرات في عام 2019، رفض الكونجرس. الطائرات المقاتلة باهظة الثمن لها لوبي أيضًا. كما يلاحظ بروس: “هناك سبب لبناء أجزاء من F-35 في كل ولاية في أمريكا. . . . إنها نفعية سياسية”.
  • عندما يحاول البنتاغون الابتكار، يخفق عند المناورة والتكيف. مثال كلاسيكي هو مغامرة الجيش البالغة 18 مليار دولار والمعروفة باسم “أنظمة القتال المستقبلية”، والتي كان من المفترض أن تنسق الأسلحة الحديثة ولكن تبين أنها أقل رشاقة من “بلي ستيشن سوني“!!

يجادل بروس بأن الوقت قد حان لإعادة التفكير بشكل جذري. وبدلاً من بناء أسلحة لاستراتيجية عفا عليها الزمن لإظهار القوة، يجب علينا تسليح أنفسنا في محاولة “لحرمان الصين من الهيمنة العسكرية”. وهذا يعني العديد من الأسلحة الرخيصة والمستقلة على حافة المحيط، بدلاً من عدد قليل من الأسلحة الرائعة المعرضة للهجوم.

هذه الأنظمة الذكية موجودة: فمثلا طائرة “XQ-58A” بدون طيار التابعة للقوات الجوية، والمعروفة باسم “فالكيري”، قادرة تقريبًا مثل المقاتلة ولكنها تكلف حوالي 45 مرة أقل من طائرة F-35؛ وكذلك المركبة البحرية غير المأهولة التابعة للبحرية، والمعروفة باسم “Orca”، أقل تكلفة بـ300 مرة من غواصة هجومية من فئة فيرجينيا بقيمة 3.2 مليار دولار. لكن هذه الروبوتات ليس لديها لوبي ينافس مقاولي الدفاع العمالقة!!

يتصور بروس نسخة عسكرية من “إنترنت الأشياء” – أنظمة ذكية على الحواف الخارجية لدفاعاتنا يمكن أن تخفف هيمنة الصين دون كسر الميزانية أو المخاطرة بمواجهات صفرية. وقد كتب في هذا الصدد “لدينا المال والقاعدة التكنولوجية والمواهب البشرية”. ما نفتقر إليه هو إرادة التغيير.

ويختتم الكاتب “إغناتيوس مقاله بسؤال موجه للأميركيين ليتأملوا في انتقادات “بروس” البسيطة وهو “كيف يمكن الفوز بالمستقبل”؟ ويضيف الكاتب قائلا: لدينا فترة من الوقت الآن، بفضل الإغلاق المفروض علينا، للقيام ببعض التفكير الإبداعي في الدفاع. سيكون من الحماقة أن تدخل عالمًا جديدًا بعد الجائحة بنفس العتاد والمعدات القديمة.

 

 

[1] – كريستيان بروس هو زميل أقدم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ورئيس الاستراتيجية في أندوريل للصناعات. من 2015 إلى 2018 ، كان مديرًا للجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي.