الكاتب: طه اكرمى
مركز الابحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية في الشرق الاوسط/ طهران
المترجم: م. خالد التميمي
قسم الدراسات السياسية
حزيران/2020
في الأشهر الأخيرة، تم الإعلان عن حالة الطوارئ في مختلف بلدان العالم، مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة وإيران والسعودية وألمانيا وبريطانيا وغيرها بسبب فايروس كوفيد-19 كورونا. وقد لوحظ هذا الفيروس في جميع دول العالم تقريبًا، وتفشى في جميع دول العالم، وشكل نماذج جديدة لإدارة الأزمات في هذه البلدان. ففي ايران، حيث جعلت العقوبات الأمريكية مشكلة وقضية أكثر تعقيدًا من حيث إرسال المساعدات الإنسانية.
لكن انتشار مثل هذه الحالات في العالم غير مسبوقة ويمكن ايضا الاشارة الى الطاعون الكبير ومن ثم الإنفلونزا والحالات أخرى مثل سارس و الجدري وغيره. فقد انتشر الطاعون او ما يعرف ب الطاعون الاسود في العصور القديمة، مما أسفر عن وفاة عدد كبير من الناس في جميع أنحاء العالم. اما فيما يخص الإنفلونزا والتي ظهرت في الاشهر الاخيرة من الحرب العالمية الاولى لم تحظ باهتمام كبير بسبب مشاركة الدول في الحرب العالمية. اما بخصوص فيروس كرونا فقد أحدث حالة تفشي عالمي والذي أصاب حتى الآن ملايين البشر وقتل مئات الالاف منهم حول العالم.
أدى انتشار الفيروس التاجي في جميع أنحاء العالم الى نقص كامل في الأدوية خاصة في البلدان الغربية ولجأت البلدان الى سياسات مثل التباعد الاجتماعي والحجر الصحي، كان الوضع نفسه في إيران. وبعد وصول فيروس كورونا الى إيران والإعلان الرسمي للمسؤولين الصحيين في البلاد عنه، اصبح الوضع في إيران، التي كانت تحت ضغط أميركي او ما يسمى بسياسة الضغط الأقصى ، صعبًا مثل بقية دول العالم.
لذلك، وبسبب تفشي فيروس كورونا في ايران، وفي الوقت الذي طلبت فيه الحكومة خمسة مليارات دولار مساعدات من صندوق النقد الدولي ، دعت الحكومة الى رفع العقوبات الأمريكية لتعزيز قدرة البلاد على مكافحة الوباء. بعد الطلب، أدلى مسؤولون أمريكيين مرة أخرى بتصريحات قوية ضد إيران ورفضوا رفع العقوبات، حتى خلال وجود المرض.
من ناحية أخرى، تشير التقارير الفصلية الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية الى أن الولايات المتحدة حدت من التراخيص التي تمنحها للشركات لتصدير بعض المنتجات الطبية إلى إيران والتي تشمل أجهزة إنتاج الأكسجين, قناع الجهاز التنفسي، والأشعة المقطعية ومعدات التعقيم، والتي أثرت على كل من العاملين في مجال الصحة والعلاج والجمهور الإيراني عامة.
في غضون ذلك، صرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن العقوبات الأمريكية ضد إيران لا تشمل الإمدادات الإنسانية والطبية. اذ أرسل الديمقراطيون في ولاية ماساتشوستس الى مجلس الشيوخ رسالة إلى وزير الخزانة ووزير الخارجية، داعين فيها إلى رفع العقوبات الأمريكية على إيران نظرا لتفشي فيروس كورونا في البلاد.
ومع ذلك ، فقد ساعدت بعض الدول إيران في التعامل مع كورونا، بما في ذلك الكويت وقطر والإمارات وتركيا واليابان وأوزبكستان والصين والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والنمسا وغيرها وهذا الامر يوضح امكانية التعاون وتقوية العلاقات الثنائية بهذه القضايا.
ولكن بافتراض الرفع المؤقت لبعض العقوبات الأمريكية وإمكانية إرسال مساعدات إنسانية إلى إيران، ستكون هناك مشاكل أخرى على طول الطريق. المشكلة الأولى هي تشكيك الشركات في التعاون مع إيران. تحتاج الشركات إلى تخطيط طويل الأمد للتعاون وبدء شراكة مع اية دولة، وليس ترخيصًا لعدة أشهر للتعاون في ظل ظروف محددة. بالإضافة إلى ذلك، لا تعرف الشركات بالضبط ما هي السلع التي تم إعفائها من العقوبات (وهي ما تواجهه في الوضع الحالي)، وقد خلقت الولايات المتحدة الكثير من الغموض في هذه المسألة.
المشكلة الثانية: هي أنه لم يتم إصدار التراخيص بالكامل والتي تشمل بعض المواد في العقوبات، وسيمنع هذا أيضًا وصول جميع السلع الضرورية إلى البلاد وستظل هناك مشكلة في الدواء.
المشكلة الثالثًة، ليس هناك الكثير من الطرق والقنوات القانونية التي تدفع إيران لدفع ثمن وشراء المواد التي تخضع لعقوبات أمريكية. وتجدر الإشارة أيضًا إلى إضافة إيران إلى القائمة السوداء F. A. T. يجعل التبادلات المالية أكثر صعوبة مما كانت عليه في الماضي؛ وتشمل الأمثلة فتح قناة تجارية بين سويسرا وإيران وإعداد آلية مالية لتسليم المساعدات الانسانية وتوريد المعدات الزراعية والغذائية والصيدلانية والطبية.
المشكلة الرابعة: ليس لدى إيران أموال لتدفعها (حتى لو كانت هناك قنوات للدفع)، وقد ضاعف ذلك المشكلة ؛ لقد تعرضت إيران لضغوط وعقوبات أمريكية مكثفة في السنوات الأخيرة، لذا فقد انخفضت إيراداتها بشكل حاد وخاصة في صادرات النفط.
المشكلة الخامسة: يمكن القول أنه من شبه المستحيل أو المعقد للغاية إرسال البضائع والمساعدات إلى إيران، وهو ما يشكل في حد ذاته عقبة أمام تسليم الاحتياجات الإنسانية الى ايران، ويجب على الولايات المتحدة ان ترفع العقوبات في هذه المسألة على المدى الطويل وليس على المدى القصير.
في النهاية، يبدو أن المشكلة الإيرانية لن تحل على المدى القصير، حتى مع الرفع المؤقت للعقوبات والإعفاءات الجزئية والتراخيص. وبالتالي يجب البحث عن حل آخر. على سبيل المثال، بالنظر الى نهج إدارة ترامب الحالي تجاه المؤسسات والمنظمات الدولية، يمكن لإيران بناء المزيد من الثقة والجهود للتأثير على هذه المؤسسات أكثر من أي وقت مضى. كما يجب عليها أن تبحث عن بدائل أخرى للولايات المتحدة وأن تسعى إلى تحسين علاقاتها مع الدول المجاورة من خلال تفعيل دبلوماسيتها الإقليمية، حسب قول الكاتب.
رابط المقال الاصلي:
https://www.cmess.ir/Page/View/2020-05-16/4556