الدكتور: حيدر فوزي الغزي/ مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
تجري الولايات المتحدة الامريكية مجموعة من النماذج الانتخابية المعقدة والمتنوعة وعلى عدة مستويات: 1-انتخابات مجلس النواب الفيدرالي ل (435) مقعد والذي يشكل احد مجلسي الكونغرس والتي تجري كل سنتين بمشاركة جميع الولايات ويخصص لكل ولاية عدد من المقاعد يتناسب مع عدد سكانها. 2-انتخابات مجلس الشيوخ والتي تجري كل سنتين لتجديد ثلث عدد اعضاء المجلس عن طريق الاقتراع المباشر والتي تشارك بها جميع الولايات ال (50)، وتمثل كل ولاية باثنين من الشيوخ بغض النظر عن عدد سكانها ومساحتها، لاجل احداث التوازن بين الولايات الكبيرة والصغيرة داخل الكونغرس. 3-انتخابات حاكم الولاية. 4-انتخابات الهيئات التشريعية في كل ولاية. 5-انتخابات الحكومات المحلية في الولايات. 6-انتخابات على مستوى المقاطعات والمدن والبلدات والاقسام الادارية والقرى. 7-واهمها الانتخابات الرئاسية لاختيار الرئيس الامريكي التي تجري كل اربع سنوات في اول يوم ثلاثاء من شهر تشرين الثاني والتي ستصادف في هذه الانتخابات يوم الثلاثاء الموافق (3-11-2020)، وهي الانتخابات الرئاسية ال(59).. وبعد ذلك سيختار ناخبي الدرجة الثانية الذين يبلغ عددهم (538) بعدد اعضاء مجلسي الكونغرس رئيس الجمهورية ونائب الرئيس (الذي هو رئيس مجلس الشيوخ) في يوم الاثنين الذي يلي ثاني اربعاء من شهر كانون الاول والذي يوافق (14-12-2020) وهو موعد دستوري، وتمثل هذه ال (538) عدد اعضاء مجلس النواب البالغ (435)+(100) عدد الشيوخ + 3 مقاعد لمقاطعة كولومبيا…ويسمى (بالمجمع الانتخابي)، والذي يعقد في عواصم ولاياتهم.. وينص الدستور الامريكي على أن الناخبين في كل ولاية يقومون بعد التصويت بتوقيع النتيجة وختمها بختم الولاية، ثم إرسالها إلى رئيس مجلس الشيوخ، عندئذ تعقد جلسة مشتركة لمجلس النواب والشيوخ برئاسة رئيس مجلس الشيوخ يتم فيها فتح مظاريف كل الولايات وعد أصوات المنتخبين ويكون الفائز هو المرشح الذي يحصل على أغلبية أصوات المنتخبين من كل الولايات. ومن يحصل من المرشحين على نصف العدد الكلي من الاصوات (269)+1 اي (270) صوت سيفوز بمنصب الرئيس. وإذا تعذر ذلك وتساوت الاصوات اي حصل كل مرشح على (269) صوت، يرحّل اختيار الرئيس إلى مجلس النواب، حيث يصوت الاعضاء من كل ولاية، ولمقاطعة كولومبيا أيضا صوت واحد فقط. ومن المقرر أن يجري انتخاب الرئيس من قبل مجلس النواب اذا تساوت اصوات ناخبي الدرجة الثانية في أعقاب الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في السادس من كانون الثاني/ 2021 (ما لم يحدد الكونغرس موعداً آخر بحسب القانون). وبعد ذلك سيتم تنصيب الرئيس وفقاً للدستور الامريكي يوم (20-1-2021) ويعتبر موعد (20) من كانون الثاني موعداً ثابتاً في الدستور الامريكي. ولايفوتنا ان نذكر بأن البداية التمهيدية للانتخابات تكون من شباط وتستمر الى آب من نفس سنة الانتخابات، والتي تعقد سلسلة من الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية في عملية انتخابية غير مباشرة تبدأ في الولايتين الرئيستين (أيوا ونيوهامشير)، يجري فيها اختيار المندوبين من الولايات الى مؤتمر الحزب السياسي لانتخاب مرشحي الحزب لمنصب الرئيس ونائب الرئيس، وقد حصل دونالد ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس ومايك بنس لمنصب نائب الرئيس، في حين حصل منافسه جوزيف بايدن على ترشيح الحزب الديمقراطي وكامالا هاريس لمنصب نائب الرئيس. لماذا طلب دونالد ترامب تاجيل الانتخابات: طرح الرئيس الامريكي دونالد ترامب احتمالاً لتاجيل الانتخابات على الرغم من ان موعدها دستوري ويخرج عن صلاحيته وتراوحت اعذاره بين: طرح في تغريدته عبر تويتر خوفه من التلاعب بنتائج الانتخابات بسبب اعتماد الاقتراع عبر البريد الالكتروني، واشار الى ان (انتخابات 2020 الاكثر فساداً وعرضة للغش عبر التاريخ)، وان التصويت بشكل مباشر يضمن للشعب الامريكي التصويت بشكل آمن ولائق وبسلام، وبسبب اعتماد الانتخابات التمهيدية على التصويت الالكتروني، فان ترامب يتوقع حدوث حالات التزوير واسعة النطاق، مقابل اعتراض مسؤولو الانتخابات في الولايات المتحدة الامريكية. يعتقد الكثير من الامريكيين قد يذهب ترامب بطريق تاجيل الانتخابات الرئاسية بسبب ظروف انتشار فايروس كورونا الذي عجزت الدول العظمى عن اكتشاف علاج او لقاح له، لان امامه فرصة استغلال حالة الطوارئ الفيدرالية، ففي كل الاحوال لايمكن الغاء او تاجيل الانتخابات الرئاسية الا بوجود ظروف طارئة. تشير معظم استطلاعات الرأي الى تقدم مرشح الحزب الديمقراطي جوزيف بايدن على مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، لان بايدن وجد شعبيته بين الناخبين المستقلين وذوي الاصول الافريقية واللاتينية والنساء. وأكد الخبير القانوني مارك الياس في الحزب الديموقراطي “ان رئيس الولايات المتحدة لا يملك صلاحية تغيير او الغاء تاريخ اجراء الانتخابات في اول يوم ثلاثاء بعد يوم الاثنين الاول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني لانه توقيت دستوري”. ولا حتى باصدار امر تنفيذي لانها لا تدخل في نطاق صلاحياته، ولا يملك سلطة تغيير موعد الانتخابات العامة، وهذا ما اتفق عليه الخبير الجمهوري المختص في قوانين الانتخابات ايدوين فيولنر. تراجع ترامب عن اقتراح تاجيل الانتخابات: بعد ان وجد الطريق القانوني مسدوداً امامه وان المنافذ مغلقة، تراجع ترامب عن اقتراحه بتاجيل الانتخابات، لكنه لم يتراجع عن توقعاته بالتزوير، ويبدو ان خوفه من هزيمة الانتخابات الرئاسية واحساسه بقوة منافسه جوزيف بايدن دفعته للتكهن واعطاء المقدمات بهذه النتيجة، على حد قوله “ارغب في ان تجري الانتخابات في موعدها ولكن قد نضطر الى الانتظار ثلاثة اشهر ونتفاجأ بعدها باختفاء بطاقات الاقتراع وبان الانتخابات لا تعني شيئاً لان هذا هو ما اتوقعه والجميع يعلم بالامر وهذا ما يقوله المنطق، لان الانتخابات القادمة ستكون الاكثر تزويراً في التاريخ”.. لكن ماهي سيناريوهات مابعد الانتخابات؟؟ اولاً: السيناريو الاول: قد يدعي ترامب فوزه بالانتخابات قبل ان يكتمل فرز الاصوات. ثانياً: السيناريو الثاني: قد يرفض الاعتراف بنتائج الانتخابات وهذا يفتح الباب للطعن بنتائجها وفتح باب الشكاوى التي ستؤخر اعلان النتائج. ثالثاً: السيناريو الثالث: قد يرفض ترامب مغادرة البيت الابيض يوم 20-1-2021 وهو سيناريو صرح به منافسه الانتخابي جوزيف بايدن عندما قال “بان ترامب سيحاول سرقة الانتخابات، وافصح عن اطمئنانه بان القادة العسكريين سيخرجون ترامب من البيت الابيض اذا رفض مغادرة السلطة، وعبر بايدن عن خشيته من ان تكون هذه الانتخابات سبباً في حدوث الاضطرابات المدنية لان ترامب سيكون سعيداً بهذه النتائج، متهماً ترامب بان الولايات المتحدة شهدت في فترة حكمه ظروفاً غير مسبوقة في ظل حكم رئيس لا يراعي النظام الدستوري للحكم ويفضل مصالحه الذاتية على مصلحة البلاد”. الاتهامات الموجهه الى دول خارجية: اتهم مدير المركز الوطني لمكافحة التجسس في المخابرات الامريكية وليام ايفانينا دولاً بعينها وهي الصين وروسيا وايران من سعيها للتاثير على مسار الانتخابات، واعتبرهم خصوم الولايات المتحدة محذراً من اختراق الاتصالات الخاصة بالحملات الانتخابية وما يتعلق بالمرشحين، ومحذراً من محاولاتهم اختراق شبكات الاتصال المرتبطة بادارة الانتخابات، وحذر من استغلال هذه الدول وسائل التواصل الاجتماعي للتاثير على اختيار الناخب الامريكي، مما قد يهدد بانهيار الثقة بالعملية الانتخابية، والذي ينعكس على الثقة بالديموقراطية الامريكية، لان الصين تحاول التأثير سلباً على بعض الشخصيات السياسية التي ترى انها تتعارض مع مصالحها… وكذلك فان روسيا تحاول اضعاف الولايات المتحدة وتحجيم دورها العالمي لانها تعمل على نشر معلومات مضللة في امريكا، اما ايران فقال بيان المركز بانها تنشر معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي وكل ما هو مناهض للولايات المتحدة. وحالياً تدرس شركة (facebook) حظر الاعلانات السياسية على منصتها خصوصاً الايام التي تسبق الانتخابات الرئاسية في 3-11-2020، بسبب تعرض فيسبوك لانتقادات اعفائها اعلانات السياسيين من الخضوع للمراجعه التي تتعلق بالكشف عن الحقائق، وهذا ما حذر منه المدير الرقمي لحملة جوزيف بايدن روب فلاهيرتي في تغريدته على تويتر والتي وصفها بظاهرة التضليل الاعلامي للمنشور المجاني على فيسبوك، بسبب عدم تصدي ادارة فيسبوك لمنشورات الرئيس الامريكي ترامب والتي وصفت بالتحريضية ولاسيما في مواجهة الاحتجاجات المنددة بسوء معاملة الامريكيين السود من اصول افريقية والرافضة لسلوك الشرطة ومواجهة خطاب الكراهية وتغيير الحقائق الاعلامية. اخفاقات ترامب: لماذا يتخوف ترامب من خوض الانتخابات؟ لقد اظهرت استطلاعات الرأي ان اغلب الامريكيين يفضلون بايدن على ادارة ترامب لان ترامب قد فشل في عدة ملفات حساسه منها: تصاعد عدد الاصابات والوفيات في الولايات المتحدة بسبب فايروس كورونا والذي اظهر استهزاء ترامب بالشعب الامريكي لعدم جديّته في توجيه المراكز البحثية الطبية لايجاد علاج او لقاح، مقابل منافسه بايدن الذي فاقه في وضع الحلول، مما وضع رئاسة ترامب على المحك. اتهام ترامب بانه اول رئيس امريكي عنصري بعد مقتل الرجل الاسود جورج فلوي وهو من اصول افريقية في ايار/2020 من قبل شرطة مينيابوليس الامريكية، وفشل ترامب في معالجته للموقف بعد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت الولايات المتحدة، ووصف المرشح الديموقراطي بايدن ذلك بانه “لأمر مقزز ان يتعامل ترامب مع المواطنين الامريكيين على اساس اصلهم ولون بشرتهم ومن اين جاءوا”.. كما تعهد المحامي الشخصي السابق لترامب (مايكل كوهين) بكشف تلاعب ترامب في انتخابات 2016 بمساعدة روسية في كتابه القادم، كما اتهم كوهين الرئيس الامريكي ترامب بانه قد سبّ رئيس جنوب افريقيا السابق نلسون مانديلا ويحتقر السود والاقليات في الولايات المتحدة، وانه يصف السود في الولايات المتحدة بالاغبياء جداً، وانه يواجه تهديدات بالقتل من انصار ترامب، وان ترامب تحدث عن نلسون مانديلا عقب وفاته عام 2013 بالفاظ بذيئه ووصفه بانه “لم يكن زعيماً”. الاتهامات المتبادلة بين ترامب ومنافسه بايدن: هاجم ترامب منافسه بايدن ونجله واتهمهم بالفساد، حيث صرح بان بايدن فاسد ونجله فاسد ولم يكن بايدن يوماً رجلاً ذكياً، وان نجله هانتر بايدن عضواً في مجلس ادارة مجموعة غاز اوكرانيا عندما كان والده نائباً للرئيس الامريكي السابق باراك اوباما… بالمقابل: بايدن يهاجم ترامب ويحمله مسؤولية ماحصل في العراق وايران مؤخراً، وان ترامب يحتضن مجرمين في مختلف انحاء العالم ويغرز اصابعه في اعين الاصدقاء والحلفاء، واشار الى تصعيد الولايات المتحدة الاخير في العراق وايران وانه جاء نتيجة لقرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، واستهداف الشخصيات العسكرية (قاسم سليماني وابو مهدي المهندس) في العراق مما زاد حدة التوتر بين العراق وايران من جهه والولايات المتحدة من جهة اخرى.. ومع كل ماطرحناه يبقى دونالد ترامب علامة فارقة في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة الامريكية من حيث تصرفاته الغير مستقره وهمجيته في معالجة الكثير من الملفات الساخنه من ضمنها الملف السوري اليمني..