ا. م. د. حسين احمد السرحان
رئيس قسم الدراسات السياسية
مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء
كانت اتفاقيات السلام بين الامارات والبحرين من جهة واسرائيل من جهة اخرى انعكاس لنمط جديد التفكير وهو مزيج من التخوف والطموح سيطر على ذهنية صانعي القرار السياسات في منطقة الخليج العربي وبلدان المشرق العربي. التخوف يتأتى من متابعة تصورات الادارة الاميركية المقبلة حول الشرق الاوسط وقضايا السلام والتهديد الايراني والطاقة ومواجهة داعش الارهابي. اما الطموح فهو يتجه نحو جعل بلدانهم في وضع افضل واكثر استعدادا وامنا تجاه الطموح الايراني في توسع النفوذ والتأثير.
لاتزال ادارة الرئيس دونالد ترامب تسعى وراء منجز امام الراي العام الاميركي بما يرجح كفة الرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد ان اظهرت استطلاعات الرأي تفوق محدود لمنافسه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن في بعض الولايات. والبعد الاستراتيجي لهذا الامر يتجلى اكثر بعد الانتخابات سواء استمر الريس دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة او وصل جو بايدن للبيت الابيض.
فبالنسبة للرئيس دونالد ترامب، لازال ينظر للموضوع من زاوية الكلفة والعائد. وتصريحه الاخير بشان النية لعقد اتفاق جديد مع ايران بشأن برنامجها النووي يشير الى ان ادارة ترامب بدأت تدرس كلفة وجود قواتها في المنطقة للحد من النفوذ الايراني، وبين كلفة التفاوض مع ايران للوصول الى اتفاق نووي جديد يضمن عدم حصولها على الاسلحة النووية. ومؤكد ان اجراء اتفاق جديد هو اقل كلفة.
كما ان جو بادين، في حال فوزه برئاسة الولايات المتحدة سيعمل – على الاكثر – بما عمل عليه الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، وسينتهج تكتيكا قائم على الانسحاب من الشرق الاوسط لمواجهة تحديات الولايات المتحدة في جنوب شرقي اسيا وتصاعد قدرة الصين العسكرية والاقتصادية، وربما العودة الى الاتفاق النووي بين ايران والدول الـ(5+1) لاسيما مع بروز معارضة اوروبية للتوجهات الانفرادية للولايات المتحدة في موضوع العقوبات على ايران، فضلا عن تركيز الجهود الاميركية على مواجهة جائحة كورونا في الولايات المتحدة وبث المزيد من جرع الانقاذ للاقتصاد الاميركي كما ورد ذلك في خطاباته الانتخابية. الامر الذي سيعزز من شوكة ايران ويزيد من قدرتها على مد وتوسيع نفوذها في المنطقة. ومن جانبها ترى ايران ان فشل الولايات المتحدة في تحقيق اجماع في مجلس الامن على حظر توريد الاسلحة الى ايران هو امل يمكن التمسك به، ودافع لان تنتظر لما ستؤول اليه الانتخابات الاميركية.
هذا الامر مدرك من قبل صانعي القرار في المنطقة وهو من دفع صناع القرار في اسرائيل والدول الخليجية الى ابرام اتفاقات سلام والبدء بعلاقات متكاملة تشمل جوانب العلاقات الدولية بينهما كافة.
بالنتيجة المنطقة ومنها العراق امام تحولات مهمة لابد من توافر صناع القرار في منطقة المشرق العربي ومنها العراق على هذا المدرك ولابد من الشروع بتحالفات جديدة شرق اوسطية تضمن نوع من التكامل بين دول المنطقة القادر على الاستمرار والتطور. ونرى ان الشكل الاقتصادي لهذا التكامل هو امر مهم بسبب الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا على الاقتصادات الشرق اوسطية، وكذلك الامكانيات والموارد الاقتصادية التي تتوافر عليها هذه دول المنطقة.