الكاتب : توماس دي وال ، زميل أقدم في مؤسسة كارنيغي أوروبا ، ومتخصص في أوروبا الشرقية ومنطقة القوقاز.
الناشر : مؤسسة كارنيجي ، 29 ايلول 2020
ترجمة : م. مؤيد جبار حسن
عرض وتحليل : م. د. حمد جاسم محمد
مقدمة:
للصراع في منطقة قره باغ او ناغورنو كاراباخ عوامل عديدة منها ما هو تاريخي يعود الى الصراع الارمني العثماني والادعاء بارتكاب مجازر ضد الارمن عام 1915 وسلب اراضيهم في تركيا ، كذلك مطالب الارمن بان هذه المنطقة كانت جزء من اراضيهم قبل ان يقوم ستالين بضمها الى اذربيجان عام 1923. كذلك تعد منطقة غرة باغ منطقة استراتيجية مهمة لكلا الدولتين وذلك لموقعها ضمن حزام القوقاز وبحر قزوين حيث مكامن النفط والغاز وانابيب التصدير، اضافة الى وجود مصالح اقليمية ودولية تذكي نار الحرب في المنطقة.
تحليل المقال:
ابتدأ الكاتب (توماس دي وال) حديثه عن صراع ناغورنو كراباخ من عام 1994 بعد عقد اتفاقية هدنة بين الطرفين بواسطة روسيا، ولكن الاتفاق لم ينهي هذا الصراع بل ضل التهديد بالحرب قائم.
يذكر الكاتب ان المنطقة يسكنها الارمن بشكل كامل، ولا تزال رسميا جزء من اذربيجان، الا ان الكاتب اهمل ذكر وجود اقلية اذرية في الاقليم. اذ هناك اقلية اذرية كانت متواجدة في الاقليم، وقد نزح اغلبهم نتيجة الصراع، اضافة الى ان جمهورية ارمينيا تحتل اراضي تقدر ب 20% من مساحة جمهورية اذربيجان.
ثم يحدد الكاتب عوامل الصراع والتصعيد الاخير بعاملين فقط هما، دور تركيا كقوة اقليمية صاعدة، وعضو في مجموعة منسيك الى جانب روسيا وامريكا وفرنسا وروسيا التي تشكلت لحل الصراع، اضافة الى روابط تركيا العرقية مع جمهورية اذربيجان، وهي داعم اساس لها في هذا الصراع، مركزا على العداء التركي – الارمني كأساس للصراع، الا ان الكاتب اغفل وجود اطراف اقليمية ودولية اخرى وقفت الى هذا الطرف او ذاك، منها اسرائيل التي دعمت جمهورية اذربيجان بالسلاح المتطور والخبرات، اضافة الى بعض دول الخليج التي وقفت الى جانب ارمينيا لوجود خلافات مع تركيا، كما ان الكاتب اهمل دور روسيا التي تعد مفتاح الحل في المنطقة.
ثم يركز الكاتب ايضا على دور الولايات المتحدة كقوة دولية كبرى مهيمنة في حل الصراعات الدولية، اذ يؤكد الكاتب على ان تخليها وعدم اهتمامها بالصراع هو سبب اشتعال الحرب بين ارمينيا واذربيجان، وان اهتمام الرئيس الامريكي (دونالد ترامب) يقتصر على الجانب التجاري فقط، اذ يذكر بجهود الولايات المتحدة عام 1997 الى جانب مجموعة مينسك في حل الصراع والذي لم يثمر عن شيء.
وهنا يحاول الكاتب ان يعطي الولايات المتحدة هالة كبرى ودور عالمي بدونه لن تتوقف الصراعات، والكاتب ابتعد عن وجود اسباب اخرى لعدم تدخل الولايات المتحدة منها، ان اندفاعها في منطقة القوقاز والتي تعد منطقة نفوذ روسية خالصة يعد خطرا عليها، اضافة الى المجابهة بينها وبين ايران حاليا، فهي تحاول التركيز على مصالحها في الخليج وعدم تشتيت قوتها، اضافة الى ان الانتخابات الرئاسية الامريكية على الابواب وهنا تخشى الادارة الامريكية الحالية من ان اندفاعها في القوقاز يكون سببا في هزيمتها في هذه الانتخابات.
اضافة الى ان الولايات المتحدة تعتمد على حلفاءها في هذا الصراع وهم تركيا واسرائيل، وهي هنا ترغب في الاستفادة من وجود مواجهة بين تركيا وروسيا ابتدأت في سوريا ثم في ليبيا والان في القوقاز.
كذلك الضعف الواضح للدور الاوربي في هذا الصراع، خاصة فرنسيا التي تعد من ضمن مجموعة مينسك، فلم نرى لها ذلك الدور في حرب البلقان في تسعينات القرن الماضي، فلم يطرح الاتحاد الاوربي أي مبادرة لحل النزاع، فقط دعوات لوقف القتال وتجنب المدنيين، ولكن اغلب دول الاتحاد الاوربي اكدت على وقف القتال واحترام سيادة الدول ووحدة اراضيها، وهي دعوة ضمنية لحق اذربيجان في استعادة اراضيها المحتلة، اضافة الى ان اذربيجان وما تملكه من موارد طاقة وخاصة الغاز ومد انابيب النفط الى اوروبا هي ذات اهمية لدول الاتحاد الاوربي ولشركات الطاقة فيها، وهنا تبرز المصالح الاقتصادية.
هنا يؤكد الكاتب على اهمية عودة الدور الدولي وتكاتف الجهود في حل هذا الصراع، وخاصة من جانب وثيقة عام 2006 ، ووجود مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وتمركزهم الدائم في المنطقة، وهو يركز بالأساس على الدور الامريكي والاوربي فقط في حل هذا الصراع، مؤكدا ان دور تركيا الحالي وايران المستقبلي وروسيا المبهم في الصراع هو دور سلبي وسوف يقود الى صراع دولي، خاصة مع وجود انابيب نقل الطاقة من بحر قزوين الى اوروبا. ويجب ان يتم ايقاف سيباق التسلح بين الدولتين، وايقاف الدمار، واقامة مؤتمر دولي لحل النزاع.
خلاصة القول، ان تركيز الكاتب كان عبارة عن دعوة للولايات المتحدة والاتحاد الاوربي الى التدخل في هذا الصراع، وعدم تركه بيد دول اخرى، مثل روسيا وتركيا وايران، والتي عدها الكاتب سبب اساس في هذا الصراع اضافة الى ان دورهم قد يقود الى حرب دولية، وهو لم يذكر ولو بلمحة الى دور اسرائيل الفاعل في هذا الصراع، والذي ذكرته اغلب وكالات الانباء الغربية، وخاصة في مجال نقل الاسلحة الاسرائيلية المتطورة الى اذربيجان، وهو هنا يرهن حل الازمات الدولية وايقاف الصراعات بمدى قرب او ابتعاد الولايات المتحدة عنه.
رابط المقال باللغة الانكليزية