قانون جرائم المعلوماتية العراقي وانتهاك الحريات  

      التعليقات على قانون جرائم المعلوماتية العراقي وانتهاك الحريات   مغلقة

 

م. سعد محمد حسن الكندي
باحث في قسم ادارة الازمات_ مركز الدراسات الاستراتيجية_ جامعة كربلاء
10_ ديسمبر_ 2020

تصدرت مسودة قانون جرائم المعلوماتية المثير للجدل واجهة الأحداث مجددا بعد طرحها في البرلمان العراقي عام2007, ثم ظهر في صورة علنية عام 2011, وقد توجهت له انتقادات واسعة على المستوى المحلي والدولي, وقد جرت قراءته مؤخرا في مجلس النواب العراقي من دون مراجعة للإخفاقات السابقة مما اثار حفيظة الرأي العام, سيما تلك المتعلقة بحرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي, والتي عدت من جهات عديدة  بمثابة ضربة قاسية للتجربة الديمقراطية في العراق فما هي ابرز الإخفاقات؟
انتهاكات الحق في حرية التعبير:
في الوقت الذي يقر فيه القانون الدولي والدستور العراقي الدائم لسنة 2005, بأن قيودا محدودة ومحددة بوضوح على حرية التعبير يمكن أن يكون لها ما يبررها. فأن احكاما معينة في قانون جرائم المعلوماتية المقترح لا تتفق مع أي من المعايير التي يجب تسير وفقها القيود على حرية التعبير, اذ ان حرية التعبير في انتقاد السياسات او الحكومات, وفي الدعوة الى التغيير, وفي التعبير عن دعم الافكار السياسية, او الدينية, او الاجتماعية غير الشائعة هي المركز في حرية التعبير, ان قانون جرائم المعلوماتية المقترح بإمكانه تجريم العديد منها.
وان القانون الدولي يتطلب من الدول احترام حق مواطنيها في حرية التعبير التي تشمل” حريتهم في التماس المعلومات والافكار ونقلها الى الاخرين دون قيد”. وكذلك الدستور العراقي ينص على ان لكل فرد “حرية الفكر والعقيدة”. وان الافراد مكفول لهم الحماية من “الإكراه الفكري والسياسي والديني” وان التقيد الموجود يجب ان لا يمس جوهر الحرية.
حرية الاجتماع والتظاهر السلمي:
هناك مخاوف من ان استخدام المسؤولون العراقيون هذا القانون لمحاسبة ومضايقة حرية الاجتماع والتظاهر, ففي اذار من العام 2011, امرت قوات الامن بإغلاق مكاتب الحزب الشيوعي وحزب الامة بعد مشاركتهم بالتظاهرات آنذاك. وفي ابريل اعتقلت قوات الامن دون أوامر توقيف اعضاء من اتحاد المجالس والنقابات العمالية لاشتراكهم في التظاهرات. يبدو ان قانون جرائم المعلوماتية المقترح ينتهك احكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, والميثاق العربي لحقوق الانسان, والدستور العراقي, فهي مواثيق تحمي حرية الاجتماع والتظاهر السلمي.
فالقانون الدولي يفرض واجبا على الدول وهو احترام حقوق المواطنين في التظاهر السلمي, بما في ذلك التظاهر ضد الحكومات. وحق التجمع السلمي (انشاء نقابات او, منظمات المجتمع المدني, وغيرها ..
وفي المجمل يبدو أن فرص تمرير مشروع القانون بصيغته الحالية غير واردة تماماً على الرغم من التفاهمات الحاصلة بين الكتل المؤيدة للمشروع، خصوصاً أن البرلمان العراقي في الدورات البرلمانية السابقة لم يتمكن حتى من إتمام قراءته بسبب احتوائه على الكثير من الإشكاليات أبرزها تلك المتعلقة بمعارضة مواد الدستور العراقي المتعلقة بحرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وحرية التعبير، إضافة إلى حاجة أحزاب داخل البرلمان وخارجه إلى ما بات يعرف بـ “الجيوش الإلكترونية” وهي منصات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل عناوين مزيفة يسخّرها الحزب أو قيادات سياسية وأمنية لمهاجمة الجهات والأحزاب المعارضة لها وقد يحرمها التشريع الجديد من هذه الجيوش. ولكي تتجنب الجهة المشرعة لهذا القانون المقترح, التناقضات الحاصلة بينه وبين المواثيق الدولية والدستور العراقي, عيها تراجعه جيدا وتزيل ما هو مخالف اولا وتهيأت الاجواء المناسبة لتطبيقه ثانيا, ومن الافضل ان تركز على جرائم الابتزاز الكتروني (جرائم الانترنيت), بدلا من مضايقة الحريات.