الكاتب: تيم مورر و آرثر نيلوسون
الناشر: معهد كارنيجي
ترجمة : الاستاذة زينب حسين علوان
يمر النظام المالي العالمي بمرحلة رقمية غير مسبوقة وذلك نظرا للتحول الذي سببته جائحة فيروس كورونا. حيث تبدو شركات الخدمات المالية, وبشكل متزايد, تشبه شركات التكنولوجيا والعكس بالعكس. إذ قامت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بإلقاء ثقلها وراء العملات الرقمية وتحديث أنظمة الدفع. وفي هذا الوقت من التغيير ، عندما يمكن وقوع حادثة بسهولة قان الثقة تضعف وتعرقل مثل هذه الابتكارات ، فإن الأمن السيبراني أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ان بعض الجهات الضارة او(الخبيثة) تستفيد من هذا التحول الرقمي و تشكل تهديدًا متزايدًا للنظام المالي العالمي ، والاستقرار المالي ، وتسبب ترهل الثقة في نزاهة النظام المالي. حيث تقوم تلك الجهات المتنفذة باستخدام القدرات الإلكترونية للسرقة أو التعطيل أو التهديد بطريقة أخرى للمؤسسات المالية والمستثمرون والجمهور على حد سواء. ان هذه الجهات الفاعلة لا تشمل فقط المجرمين ، ولكن أيضًا الدول التي تقوم بتمويل العدائيين (المهاجمين). ان كوريا الشمالية ، على سبيل المثال ، سرقت حوالي ملياري دولار من حوالي 38 دولة عبر القارات الخمس خلال السنوات الخمس الماضية وحدها. أكثر من ثلاثة أضعاف الأموال التي تمكنت من جنيها من خلالها نشاط مزيف على مدى العقود الأربعة الماضية فاستهدفت الجهات المتنفذة المؤسسات المالية، ومع توزيع واسع النطاق للمشكلة عالمية وهي مشكلة حجب الخدمة او ما تسمى بهجمات الحرمان والتي تتم عن طريق برامج مقرصنة من قبل عابثين الكترونيين. ويجب التصدي لمثل تلك الهجمات والتي لها بالمستقبل. وان من أكثر الأمور المثيرة للقلق هي تلك التي قد تصيب سلامه البيانات المالية. و لا تستهدف تلك الجهات المؤسسات المالية في أمريكا الشمالية وأوروبا والبلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع فقط ؛ بل الكثيرمنها يصيب أيضًا أهدافًا غير محصنة أقل حماية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا المالية هي كلمة شائعة في جميع أنحاء العالم ، إلا أن الاتجاه نحو الخدمات المالية الرقمية كان واضحا بشكل خاص في البلدان منخفضة الدخل . حيث ان توفير الوصول إلى الخدمات المالية و بدون حسابات مصرفية هو أولوية قصوى.
لقد دفع العقد الماضي ، مدفوعًا باستثمارات هائلة لمجموعة العشرين ، بالعديد من البلدان إلى قفزة نحو الخدمات المالية الرقمية. وعلى الرغم من قيامهم بتعزيز التضمين المالي ، تقدم الخدمات الرقمية أيضًا بيئة غنية للقرصنة وتكون أكثر عرضة لمخاطر جديدة لغسيل الأموال ، مما يوفر أرضًا خصبة لمجموعة كاملة من الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود.
ومن المثير للدهشة ، وعلى الرغم من الاعتماد المتزايد على النظام المالي العالمي للبنى التحتية الرقمية ، فمن غير الواضح من المسؤول عن حماية النظام ضد الهجمات الإلكترونية. يعود ذلك جزئيًا إلى أن البيئة تتغير سريع جدا. حيث يتفق الجميع على أن النظام المالي العالمي أمر بالغ الأهمية للمجتمع والاقتصاد العالمي وللتعافي من الوباء. وحتى الآن لا يزال القطاع المالي العالمي عرضة للتهديدات السيبرانية وغياب العمل ، وبذلك سيصبح أكثر عرضة للمنافسة وسيزيد الوباء من تأجيج الثورة الرقمية.
ان وجود العديد من التهديدات كالقرصنة الالكترونية والتي تركز على كسب المال ، والاعمال التخريبية البحتة ؛ علاوة على ذلك ، يوجد اشخاص يتعلمون كيفية السرقة عبر شبكات مختلفة وزلزلة النظام المالي ، والتي تسمح لهم بشن المزيد من الهجمات التخريبية أو المدمرة في المستقبل (أو بيع هذه المعرفة والقدرات للآخرين). ان هذا التطور السريع يفرض مشهد تطبيق اجراءات تحول دون انتهاك الحقوق حيث بدات الاوساط المالية تنظم صفوفها للتصدي لعمليات القرصنة.
ان القضية الرئيسية هي مشكلة العمل الجماعي: وهي أفضل السبل لتنظيم النظام للحماية عبر الحكومات والسلطات المالية والصناعة والأسلوب الامثل للاستفادة من هذه الموارد بفعالية وكفاءة. ان التجزئة الحالية بين أصحاب المصلحة والمبادرات ينبع جزئيا من حالة فريدة من نوعها للمخاطر السيبرانية. حيث ان مجتمعات مختلفة تعمل في الصوامع لمعالجة القضية من خلال رؤى مختلفة لكل منها.
ولقد أدى الانفصال بين المالية والأمن القومي والدبلوماسي للمجتمعات بشكل واضح الى ان تواجه السلطات المالية مخاطر فريدة من التهديدات السيبرانية ، ومع ذلك علاقاتها مع وكالات الأمن القومي التي تعتبر مشاركتها ضرورية للتصدي الفعال لتلك التهديدات ، تظل هشة في معظم البلدان.
ان هذه الفجوة في المسؤولية وعدم اليقين المستمر بشأن الأدوار لحماية النظام المالي العالمي المغذي للمخاطر.هو جزء من عدم الثقة وذلك بسبب التوترات الجيوسياسية الحالية ، والتي تعيق التعاون بين المجتمع الدولي.
وتشكل تلك الجهات المتنفذة في التهديد السيبراني نوعًا فريدًا من المخاطر. حيث يعمل الكثير منهم عبر الحدود. وهذا يتطلب من الدول ليس فقط تقديم الأفضل وانما ان تنظم نفسها محليًا و لتعزيز التعاون الدولي للدفاع بشكل مثالي. وهذا يعني أنه يجب على القطاع المالي والسلطات المالية التفاعل بانتظام مع أجهزة الدولة وغيرها من وكالات الأمن القومي وبطرق غير مسبوقة وعلى الصعيدين المحلي والدولي.
باختصار ، فإن هذه المخاوف المتزايدة والفجوات الموجودة تسلط الضوء على عدة اتجاهات ويمكن تلخيصها بالنقاط الرئيسية التالية:
• مزيد من الوضوح حول الأدوار والمسؤوليات هو امر مطلوب..
• التعاون الدولي ضروري وعاجل لتقليل حجم التهديد وطبيعة التعاون عالميًا ، اذ لا تستطيع الحكومات والشركات المالية وشركات التكنولوجيا الحماية بشكل فعال ضد التهديدات السيبرانية إذا كانوا يعملون بمفردهم.
• ان العديد من المبادرات جارية لتحسين حماية المؤسسات المالية ، ولكن العديد منهم ظلوا منعزلين. حيث العديد من المبادرات ناضجة بما يكفي ليتم مشاركتها وتنسيقها بشكل أفضل.