لماذا لن تقع حرب بين الولايات المتحدة و إيران ؟

      التعليقات على لماذا لن تقع حرب بين الولايات المتحدة و إيران ؟ مغلقة

 

الكاتب:علی عیدی پور

المترجم م. خالد حفظي التميمي

تحليل : م.د. حمد جاسم محمد

https://www.cmess.ir/Page/View/2021-01-23/4629

مركز الابحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية  في الشرق الاوسط

 

مرت قبل ايام  الذكرى الاولى لاغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني في 3 كانون الثاني 2020 ، اذ كان هناك دائمًا احتمال نشوب صراع عسكري بين إيران والولايات المتحدة، وهواحتمال ضعيف للغاية ، لأنه في الوضع الراهن ستكون الحرب على حساب البلدين وتمنعهما من تحقيق أهدافهما طويلة المدى. فمثلا،هدف إيران على المدى الطويل هو الحفاظ على النفوذ الإقليمي وتوسيعه ، وهدف الولايات المتحدة  على المدى الأطول هو منع تدهور القوة والعودة إلى قيادة النظام الدولي. تحدث الحرب عادة عندما يتم إغلاق جميع القنوات الدبلوماسية من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، تفوق الفوائد على التكاليف ، وهذا لا يتماشى مع الواقع الحالي للنظام الدولي والوضع الحالي بين البلدين, إيران و الولايات المتحدة الأمريكية.

منذ 8 ايار 2018 ، عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وطبقت سياسة “الضغط الأقصى” على إيران ، حاولت إيران دائمًا الحفاظ على التزامها تجاه هذا الاتفاق ، فطبقت ما يسمى”جسر العودة” في إطار سياسي بما يعرف  “بالصبر الاستراتيجي”. ومع ترك ترامب للرئاسة  ، وتولي إدارة بايدن السلطة ، أعلنت الاخيرة عزمها على العودة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، لذا فإن الحفاظ على “جسر العودة” من قبل إيران قد يكون مفيدًا لكلا الجانبين. وهذا يعني أن باب الحوار مفتوح ، وفي ظل هذه الظروف من المنطقي أن تمتنع إيران والولايات المتحدة عن أي عمل من شأنه تدمير هذا الجسر وغلق طريق الدبلوماسية.

وفي قضية اغتيال سليماني ، تجنبت إيران تصعيد الصراع مع الولايات المتحدة خلال العام الماضي من خلال تبني سياسة محسوبة ، تربط التسوية بانسحاب القوات الأمريكية من المنطقة ، الأمر الذي كان بالتأكيد فعالاً في تقليص حجم الصراع بين البلدين.

ففي حالة نشوب حرب ، قد يُعتقد أن أحد الطرفين هو المنتصر والآخر هو الخاسر ، لكن الحقيقة هي أنه في حالة نشوب الصراع بين البلدين ، فإن كلاً من إيران والولايات المتحدة هما الخاسران الرئيسيان . والمنتصرون في حرب المنطقة ،هم دول “السعودية وإسرائيل” وخارج المنطقة هي “الصين”. بمعنى آخر ، ان اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة سيكلف الطرفين الكثير ، فيما سينتفع منها الآخرين (السعودية وإسرائيل والصين).

 ان نشوب الحرب ، قد يؤدي الى ان تكون إيران هي الخاسر ، لأن سياسة إيران قائمة على “الصبر الاستراتيجي” ، من جهة ، وبعد انسحاب الولايات المتحدة من  الاتفاق النووي  واغتيال سليماني سيكون الامر بالنسبة لطهران غير مثمر.

ومن ناحية أخرى ، تترك ساحة التنافس الإقليمي لعدويها القدامى ،  السعودية وإسرائيل ، لأنها ستخوض حربًا مدمرة وستكون اقل قوة للحفاظ على نفوذها الإقليمي.

فإذا كانت هناك حرب ، فلن تكون السعودية وإسرائيل في مأمن منها بالتأكيد ، لكن هذا ليس في مصلحة إيران ، لأن الحفاظ على نفوذ إيران الإقليمي وتوسيعه يتطلب السلام في المنطقة. مع العلم أن البيئة السلمية في المنطقة مفيدة لتوسيع نفوذ إيران ، فيما تحاول السعودية وإسرائيل تحقيق أهدافهما المتمثلة في تقليص نفوذ إيران الإقليمي من خلال تحريض الولايات المتحدة على شن حرب ضد إيران.

من ناحية أخرى ، ستخسر الولايات المتحدة أيضًا بسبب أي حرب مستقبلية، مع فارق ان الذي ستخسره واشنطن  بشكل متزامن ومستمر على المستويين الإقليمي والدولي. فعلى الصعيد الإقليمي ، لا تزال الذكرى المريرة لحرب العراق حية لدى الأمريكيين. التجربة الأمنية الأمريكية في العراق ستجبرهم على استخدام نماذج “الكثافة المنخفضة ” ضد إيران ، وفي الوقت نفسه ، يجب تحليل نشر القوات الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة فقط لموازنة التهديد ، وليس لبدء الحرب.

وعلى المستوى الدولي ، يجب أن نشير إلى المنافسة الشرسة بين الولايات المتحدة والصين للسيطرة على العالم . فالوجود الإضافي للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط والخليج العربي يمنح الصين المزيد من الفرص لتوسيع نفوذها في العالم ، من أوروبا إلى الشرق الأوسط.

لذلك فإن الخيار الأفضل بالنسبة للصين هو بقاء الوجود الأمريكي طويل الأمد في الشرق الأوسط ، وخاصة صراعها العسكري في المنطقة ، لأنه يعني تمهيد الطريق للقوة العظمى الصينية ،و هذا أيضًا الخيار الأسوأ للولايات المتحدة.

 

التحليل: اكدت المقال ان احتمال نشوب حرب بين ايران والولايات هو احتمال ضعيف للغاية، وان الحرب حاليا ستكون خسارة للبلدين وتمنع و تحقيق أهدافهما طويلة المدى، لا سيما وان هدف ايران في المنطقة على المدى البعيد هو الحفاظ على نفوذها الإقليمي وتوسيعه، بينما هدف الولايات المتحدة هو استمرار قوتها العالمية، والعودة إلى القيادة في النظام الدولي. وان احتمال نشوب الحرب يبقى قائما في حالة انغلاق افق جميع القنوات الدبلوماسية من ناحية، وتفوق فوائد الصراع على تكاليفه،  كما ان تأكيد الكاتب على ان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني في 8 ايار عام 2018، وتطبيق عقوبات اقتصادية شديدة عليها لم يغير من موقف ايران منه واستمرار التزامها به وما اسماه بسياسة الصبر الاستراتيجي، وترك الباب مفتوحا للولايات المتحدة بالعودة اليه، وان مجيء ادارة جديدة للبيت الابيض الامريكي بقيادة الرئيس (جو بايدن) ستكون مستعدة للعودة لاتفاق النووي، وان استمرار ايران وتمسكها بالاتفاق النووي كان مفيدا للطرفين وهو ترك باب العودة مفتوح للولايات المتحدة، وان عدم انسحاب ايران من الاتفاق النووي جعل العودة للطرق الدبلوماسية اسهل،   كذلك ان ايران تمسكت بضبط النفس وعدم الرد على عملية اغتيال قائد فيلق القدس (سليماني)، وتجنب ايران تصعيد الصراع مع الولايات المتحدة، من خلال تبني سياسة محسوبة، وكان شرطها الوحيد للتسوية مع واشنطن هو انسحابها من المنطقة، لان الاعتقاد السائد لدى كل الاطراف ان اندلاع الحرب ستكون لها وقع ودمار كبير على المنطقة، وقد لا يمكن التحكم بها لاحقا، كما ان اطرافا اقليمية ودولية قد تنجر الى هذا الصراع، وان الدمار سيشمل اغلب دول الخليج العربي ويصل الى اسرائيل ايضا، كما ان الحرب ستكون فائدة لاطراف اقليمية ودولية مثل السعودية واسرائيل والصين، لان الانتشار العسكري الأمريكي الكثيف في الخليج العربي سوف يضعفها ، وذلك من خلال استخدام تكتيك التمكين من قبل ايران والصين؛ عبر السماح للمنافس بإهدار الكثير من الموارد مع جني فائدة اقل، وهو ما لا ترغب به الولايات المتحدة، وهنا فان فوائد عقد اتفاق ايراني امريكي ينهي الصراع بينهم، وان هذا الاتفاق سوف يصب بمصلحة الولايات المتحدة بشكل اكبر لانها سوف تتفرغ الى مناطق مهمة اخرى في العالم، وان التركيز الامريكي والوجود العسكري واستمرار التوتر وصراع في الخليج العربي او الشرق الاوسط سيكون فرصة لدول كبرى اخرى مثل الصين لتوسيع نفوذها وزيادة قوتها في مناطق اخرى مثل الشرق الاوسط واوروبا.