م.مؤيد جبار حسن/ قسم الدراسات السياسية/مركز الدراسات الاستراتيجية
تكررت خلال المدة التي تلت زيارة بابا الفاتيكان للعراق مؤخرا ، دعوات الى الحوار وبيان اهميته وفائدته الجمة للبلاد. وكأن هناك منازعات بين ابناء الوطن الواحد يتطلب مثل تلك الدعوات ، وحتى ما حصل للمسيحيين على يد تنظيم داعش ، فهو لم يكن استهداف عراقي لعراقي يخدش التعايس السلمي، وانما فعل تنظيم ارهابي عابر للحدود ، استهدف جميع القوميات والمذاهب التي تخالفه الرأي ، ولم يأتي ضد مجموعة بعينها .
لكن ما يثير الاستغراب والتساؤل اسئلة بديهية منطقية مثل : بين من يجري الحوار مثلاً؟ هل الشعب العراقي الذي قسمته الديمقراطية الغربية الى مكونات، متخاصم مع بعضه ويحتاج الى استراحة حوار؟ اذ اثبتت الحوادث المتكررة ان العراقيين مترابطين بصلة الوطن اكثر من السياسيين الذين يدعون تمثيلهم، وحتى هؤلاء الاخيرين ، لا توجد –على عكس ما يظهرون احيانا- أية خلافات بينهم ، وهم يطبقون المقولة الشهيرة: في السياسة لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وانما مصلحة دائمة .
وهذا الحوار سيجري حول ماذا ؟ ما هي القضايا التي ستناقش على طاولة الحوار ؟ هل ستكون مصيرية كفكرة الاقاليم التي تعصف بالبلد الواحد ام تكون وطنية كاعمار الموصل المهدمة او اخراج جميع القوات التي تحتل اراضينا دون وجه حق ، ام ستكون حول قضايا محلية كالماء الحلو للبصرة او العشوائيات في المحافظات الفقيرة؟
ان الوضع السياسي المتأزم والمشلول في البلاد ، لن تنقذه دعوات جانبية لحوار لا يوجد فيه متحاورين ولا قضايا يتحاورون حولها ، محاولة كسب الوقت على حساب قضايا الوطن لن تنجح ، فالعراقيون اذكى من ان يخدعوا او يلدغوا من الجحر مرتين ، الصراع الدولي البغيض على ارض العراق لن يغطيه السياسيون المتحزبون بغربال جديد اسمه الحوار .
ان الاوطان تبنى بالافعال الصادقة لا بالنوايا الطيبة ، والحوارات واللقاءات والمؤتمرات ، التي لم يكن لها مردود سوى المزيد من النفقات والهدر المالي في زمن الازمة الاقتصادية العالمية. وللعراق ، لا شك، ابنائه الشرفاء الذين يقدسون وحدته واستقلاله وسيادته ، وسيكون لهؤلاء كلمة الفصل، حين يشاء الله والشعب .