آراء حول لقاء الولايات المتحدة و الصين

      التعليقات على آراء حول لقاء الولايات المتحدة و الصين مغلقة

الكتّاب : ديفيد دولر، مايكل أوهانلون، ميريا سوليس

الناشر: معهد بروكينغز

ترجمة : هبه عباس محمد علي

تحليل : م. مؤيد جبار حسن

 

 

في 1٥  آذار ، ذهب مسؤولو السياسة الخارجية لإدارة بايدن في زيارة خارجية  لأول مرة؛ اذ التقى وزير الخارجية أنتوني برينكن ووزير الدفاع لويد أوستن بمسؤولين في اليابان؛ وفي 17 آذار، التقوا بمسؤولين في كوريا الجنوبية. و في 18 آذار، سافر برينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى ألاسكا للقاء المسؤولين الصينيين. وعلى ضوء هذا اللقاء  اوجز بعض خبراء من جامعة بروكينغز ارائهم حول المكاسب الرئيسة للاجتماع؟ وماذا يمكن أن يحدث بعده؟.

 

ديفيد دولر باحث في مركز ثورنتون الصيني : يرى ان المباحثات الامريكية الصينية في انكوراج، الاسكا لم تكن سلسة في بادئ الامر، وفضل الجانبان السياسة الداخلية على الدبلوماسية، وكانت توقعات نجاح هذه المفاوضات منخفضة ، اذ انتقد مسؤولو كلا الجانبين بعضهما البعض وهذا امر غير فعّال من الناحية الدبلوماسية.

 

كما لم تتوصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق في العديد من المجالات، وعلينا عدم اخفاء هذه  الخلافات، لكن من مصلحة الولايات المتحدة منع تحولها الى صراع ، وسيسهم تحقيق هذا الامر في تقليل حدة الخطاب العام و التفاوض بهدوء، وفي الآونة الأخيرة فرضت الولايات المتحدة على الصين العديد من العقوبات في المجال التقني و التجاري بعضها مهم وفعّال والبعض الآخر غير مهم ويلحق الضرر بالمصالح الامريكية اكثر من الصين ؛لذا من الذكاء إعادة النظر في هذه العقوبات والتفاوض بعيدا عن فرض الرمزية وغيرالمهمة منها.

اذ يمكن للجانبين اتخاذ خطوات بسيطة  منها؛ إعادة فتح القنصليات والسماح بدخول الصحفيين من كلا الجانبين ،ويمكن اعتبار التحركات الإيجابية بشأن هذه القضايا إجراءات لبناء الثقة التي تمهد الطريق  لحل الخلافات العالقة. ان الدبلوماسية بين الولايات المتحدة و الصين، ليست مهمة لكلا البلدين فقط ،بل ان حلفاؤهم المهمين في اوربا و اسيا يبحثون عن ادلة تثبت قدرة الولايات المتحدة على التعامل مع الصين بطريقة متوازنة، ومواجهة سلوكها العدواني في مجال الأمن و حقوق الانسان، فيما تعمل مع الصين في القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل الحد من انبعاث  ثنائي اوكسيد الكاربون والحفاظ على نظام عالمي مفتوح للتجارة والاستثمار.

 

مايكل اوهانلون مدير أبحاث وزميل اول في برنامج السياسة الخارجية : يأمل فيما يتعلق بكوريا الشمالية ان يكون الرئيس بايدن مبدعا وجريئا كما فعل مع أفغانستان ، ويتعين على كوريا الشمالية الالتزام الكامل بنزع السلاح، وعلى الولايات المتحدة عدم الاعتراف بالترسانة النووية لبيونغيانغ ، وان لا نتظاهر بعدم امتلاك كيم جونغ أون أسلحة نووية، وعدم تجاهل  التحليل الذي قدمه الزملاء في معهد بروكينغز بشكل مقنع على مر السنين – ، مثل والده وجده، لن يتخلى عن جميع القنابل لأنه يعتبرها كنوز عائلية ، والا سيحدث له ما حدث لصدام حسين و معمر القذافي، وعندما هدد الرئيس ترامب بالحرب عام ٢٠١٧ لم يوافق كيم جونغ على نزع السلاح واكتفى بالحوار.

ويأمل كيم  بأن يتعافى بلده اقتصاديا بعد تراجعه بنسبة ١٥٪؜ منذ عام ٢٠١٧ وفقا لتقديرات بنك كوريا ، ولاختبار استعداده للتفاوض يجب ان يتم الاتفاق على رفع العقوبات جزئيا مقابل التوقف عن انتاج الصواريخ البالستية ،واذا تجاهلنا هذه المشكلة علينا توقع حدوث ازمة جديدة في الوقت الحالي.

 

 

ميريا سوليس  مديرة مركز دراسات سياسات شرق آسيا في معهد بروكينغز: ترى ان  التواصل الدبلوماسي لأدارة بايدن مع الحلفاء و الدول ذات التفكير المماثل في اسيا لاقى ترحيبا في طوكيو ، وسرعان ما تبددت مخاوف عدم انفتاح فريق بايدن بشأن الهند و المحيط الهادئ وعدم اتخاذ طريق اكثر ليونة تجاه الصين ، بفعل القمة الرباعية التي تضم ( الولايات المتحدة واليابان والهند  وأستراليا) واجتماع٢+٢ في طوكيو بين وزراء الخارجية و الدفاع وخطط رئيس الوزراء يوشييد سوغا في ان يصبح  أول زعيم أجنبي يزور البيت الأبيض؛ أصبحت اليابان في مقدمة استراتيجية اسيا التي تتبناها إلادارة الحالية.

وسلط الاجتماع المشترك٢+٢ الضوء  على التقارب الواسع النطاق بين أولويات الحليفين وتوجهات جهودهم في مجال الدفاع و التنسيق مع الديمقراطيات ذات التفكير المماثل، والتصدي للتحديات المتمثلة بكوفيد ١٩ وتغير المناخ ، ويجب الإشارة  إلى استعداد اليابان لإدانة الصين بشكل مباشر لانتهاكها النظام الدولي وتأكيد معارضتها لعدم الاستقرار. ومن جانبهم حدد الحلفاء السلام والاستقرار في مضيق تايوان كمصدر قلق رئيسي، واعترفوا بأهمية التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.

 

كان للاسبوع  المتوتر للدبلوماسية الأمريكية في اسيا اهداف مختلفة، منها:  اقناع الحلفاء بأن الالتزام بالتنسيق امر حقيقي، و وضع أساس للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وإثبات قدرة الولايات المتحدة على توفير المنافع العامة الرئيسة للمنطقة، وهي الأمن واللقاحات، وهنا تلوح بالافق أسئلة مهمة لطوكيو منها هل بأمكانها المحافظة على توازنها الدقيق مع الصين؟ كيف يمكن ان تتفق القمة الرباعية  التي تضم ( الولايات المتحدة واليابان والهند  وأستراليا) بعد اثبات فاعلية اللقاح؟ وهل يمكن إيقاف التدهور في العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية ؟

 

التحليل : ان التغيير الذي اصاب توجهات الخارجية الامريكية مع مقدم الرئيس الجديد جو بايدن ورحيل سلفه دونالد ترامب، فتح مجالات جديدة امام الحوار بين دول العالم وامريكا ، وانعش الامال بعودة المياه الى مجاريها بفعل دبلوماسية امريكية جديدة تنفتح على جميع الامم ، وتبشر بخير وأمل منتظر.

ان هذا المقال جمع اراء عدد من الباحثين ، الذين تناولوا هذه التحركات الامريكية بشيء من التفصيل. فالكاتب ديفيد دولر كان متشائما من هذه المباحثات ويرى انها لن تصل لشيء بفعل الخلافات التي تشق صف الطرفين المتحاورين . فالعقوبات الامريكية على الشركات الصينية لازالت مستمرة والتوتر على خلفية وباء كورونا ومن يتحمل المسؤولية في وجوده وانتشاره، لازال يلقي بظلاله الداكنة على العلاقات بين القطبين الامريكي والصيني.

الباحث مايكل اوهانلون يتأمل ان تتعامل واشطن مع بيونج يانغ كما تعاملت مع افغانستان، أي باسلوب اكثر شدة وغلظة ، كي تتمكن من ثني الرئيس كيم جونك ايل من المضي في برامجه التسليحية المثيرة للجدل . وان تجاهل الخطر الكورس الشمالي سينذر بكارثة ومشكلة دولية قادمة ، كما لا يجب ان يغيب عنا الدعم والمساندة الصينية للنظام الشمولي في كوريا الشمالية ، وهذا الامر يعطي للقضية بعدا دوليا اخر .

 

اما الكاتبة ميريا سوليس فقد ركزت على دور وأهمية اليابان في تلك المحادثات المتعددة الاطراف، لما لها من مكانة مهمة واستراتيجية للسياسة الخارجية الامريكية بين دول اسيا . كما يمكن ان تلعب طوكيو دور الحليف ضد النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة والعالم ، فيما يشبه الحلف الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية ، لمواجهة التحديات الدولية الراهنة ، كوباء كورونا والتغير المناخي .

 

ان العهد الجديد للادارة الامريكية تتوقع دول العالم منه الكثير ، بعد التخبط والانسحاب من الساحة الدولية وتغيير اولويات امريكا على عهد الادارة السابقة، وكل ذلك ممكن التحقيق اذا توفرت النوايا الصادقة ، لما فيه خير البشرية جمعاء.