خيار (تموز) الإسرائيلي

      التعليقات على خيار (تموز) الإسرائيلي مغلقة

 

الكاتب : جاي مينز – المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الناشر: فورن بوليسي – 7/ نيسان/ 2021

ترجمة : م.مؤيد جبار حسن

عرض وتحليل : م.م.حوراء الياسري

 

بينما كان نتنياهو يشكل حكومته فإن أوجه الشبه بين السياسات التي أدت إلى توجيه ضربة لمنشأة العراق النووية وتلك التي يمكن أن تؤدي إلى استهداف إيران اليوم متقاربة ؛ فقبل 40 عامًا بالضبط قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء (مناحيم بيغن) ضرب وتدمير البرنامج النووي العراقي ، وبعد ثلاث سنوات ونصف من التخطيط اغار سرب من الطائرات الاسرائيلية ودمر ست سنوات من الجهود النووية العراقية في 90 ثانية فقط .

أن الوسائل غير التقليدية التي استخدمت لتأخير البرنامج النووي العراقي – كالتخريب والاغتيال والدبلوماسية – لم تجدي نفعاً ومع استنفاد هذه الخيارات ، نفذ ائتلاف حكومي متشدد الضربة مدفوعاً بشعور تخلي المجتمع الدولي عنه والذكرى الحديثة والواقعية للمحرقة ، لقد كانت الضربة ناجحة : وتم تدمير برنامج العراق النووي بالكامل تقريبًا ، ونجت إسرائيل عسكريًا ودبلوماسيًا من عواقب فعلها.

اليوم استذكر الصقور المتحمسون والحمائم القلقون -على حد سواء- هذا المثال في المناقشات حول خيارات إسرائيل بالنسبة لإيران ؛ وهناك بعض المقارنات السهلة بين عراق صدام حسين عام 1981 وإيران في عام 2021 يمكن ادراج ابرزها بالآتي :

  • معاداة السامية الصريحة
  • دوافع الإبادة الجماعية لامتلاك برنامج نووي
  • الشفافية غير المكتملة لبرامجهم النووية
  • التهديد الوجودي ضد إسرائيل .

وفي المقابل هناك تشابه أعمق قد يكون أكثر دلالة يتمثل بالديناميكية السياسية المحلية في إسرائيل وقت الهجوم على المفاعل العراقي ، والتي قد تتكرر مرة أخرى اليوم .

كما ان السياق الدولي المتغير وفر لـ(بينيت) -رئيس تحالف يميني- و (نتنياهو) الفرصة للعمل معاً منذ ما يقرب من 20 عامًا أذ حذر نتنياهو العالم من أن سلاحًا نوويًا إيرانيًا على وشك الظهور. وطوال المدة نفسها تقريبًا حذرت وسائل الإعلام التي غالبًا ما تلقتها “مسؤلون كبار” مجهولون من أن ضربة إسرائيلية على إيران وشيكة .

ومع ذلك ، عندما حذر مقال في النيويوركر في عام 2006 من أن ضربة إسرائيلية “وشيكة”  كان الشرق الأوسط مكانًا مختلفًا تمامًا . وكانت الولايات المتحدة قد مرت ثلاث سنوات فقط على حربها في العراق وكان صدام حسين على قيد الحياة واعتبر صانعوا السياسة الغربيون التهديد المنتشر في كل مكان للإرهاب العالمي كأولوية . والأهم من ذلك أن إسرائيل ودول الخليج كانتا منفصلين بشكل علني وانتقد ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله بشدة إسرائيل في واشنطن بعد أن هدد قبل أربع سنوات فقط بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة بشأن القضية الفلسطينية . في غضون ذلك ، كانت جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل لا تزال تستفيد إلى أقصى حد من لحظة ما بعد الحادي عشر من ايلول ، وكانت المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص غير مرغوبا بها ، وبعد مرور 15 عامًا ، تراجعت الولايات المتحدة عن التزاماتها في الشرق الأوسط ؛ واكبر مثال كان الاتفاق النووي لعام 2015 ، وهو إطار دبلوماسي لاحتواء البرنامج النووي الإيراني تم بناؤه وانهياره ؛ ولم تكن إسرائيل وجيرانها أقرب من أي وقت مضى . بينما لم توقع إسرائيل والسعودية على اتفاق سلام بعد ، وقد تغيرت المنطقة كثيرًا لدرجة أن احتمالية مشاركة البلدين في استهداف البرنامج النووي الإيراني أصبحت ممكنة الآن .

قبل ثلاثة أسابيع تم التكهن بأن (نتنياهو) في رحلته لدبي سيلتقي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمناقشة خطة طوارئ لمواجهة طهران وتشبه خطتهم المزعومة سيناريو تخيلتهُ مؤسسة بروكينغز قبل 10 سنوات مفادهُ : اذ ستستخدم الطائرات المقاتلة الإسرائيلية المجال الجوي السعودي وتزود بالوقود على الأراضي السعودية قبل أن تضرب إيران وبالتالي تخفف من الصعوبات اللوجستية الرئيسية للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية وتزيد من احتمال حدوث ذلك وأن الضربة الوقائية ستكون ناجحة على حد علمنا والخطة مجرد تخمين . ومع ذلك ، تُظهر الجدوى النظرية لذلك مدى تغير المنطقة والعدد المتزايد من المتغيرات المحلية التي يجب أن تتعامل معها الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط .

ان الظروف داخل إيران تشير إلى تحركات سياسة أكثر عدوانية وإن أيدي الرئيس الإيراني المنتهية ولايته (حسن روحاني) الذي تفاوض على الاتفاقية مقيدة بأمرين : أحدهما من قبل هيئة تشريعية متشددة ، والآخر من قبل مؤسسة دينية متنفذة على نحو متزايد ؛ وسوف يصوت الجمهور الإيراني لانتخاب رئيس جديد في حزيران المقبل ووفقًا لاستطلاع أجرته جامعة ماريلاند أيد فيه نحو 75 % من الإيرانيين الاتفاق النووي عند توقيعه ، اما اليوم فإن نصف الإيرانيين بالكاد يوافقون عليه .

وهذا يشجع الحكومة الايرانية في المراهنة على قيام إدارة بايدن بتقديم تنازلات واسعة من جانب واحد ومنح طهران انتصارًا في العلاقات العامة ، وعلى ضوء ذلك ، تواصل إيران الانجراف أكثر من الامتثال للاتفاقية محققة تقدمًا لا رجعة فيه في أبحاثها النووية وفقاً لكبار المتشددين فإن البلاد تدرس زيادة التخصيب النووي من 20% إلى 60% .

ويرى الكاتب ان هناك أسباب سياسية وإقليمية عديدة ، ستجعل من المنطقي أن تضرب إسرائيل إيران عاجلاً وليس آجلاً ، وهناك حسابات متغيرة للحكومات الإقليمية ، ولكن في المقابل هناك حظوظ متغيرة للعدو الرئيسي الآخر لإسرائيل الا وهو حزب الله ، ولا يزال لدى الجماعة ما يقرب من (150,000) صاروخ قوة كوماندوز قوامها نحو(20,000) فرد يمكنها الرد على الهجوم الإسرائيلي على إيران ، ولكن نظرًا لأن حزب الله هو أيضًا حزب سياسي – وهو حزب لا يحظى بشعبية متزايدة نظرًا لدوره في التفكك الاقتصادي للبنان – يبدو أنه من غير المحتمل أكثر من أي وقت مضى أن يكون قادرًا على الرد نيابة عن إيران والبقاء سياسيًا على الساحة اللبنانية .

وهنا يبرز تساؤل : كيف سترد إيران نفسها ؟ في عام 1981 كان العراق في خضم حرب برية ساحقة مع إيران لكن إيران اليوم لديها النطاق الترددي للرد على إسرائيل لو شنت الاخيره هجوماً على المنشآت النووية الإيرانية وهنا لن يكون أمام إيران خيار سوى الرد ،  وتقدر القيادة المركزية الأمريكية أن ما لا يقل عن بضع مئات من الصواريخ الباليستية الإيرانية تضع إسرائيل في نطاقها مما يعني أن هذه ستكون أكثر السبل المحتملة للرد ، ومن المستبعد جدًا أن تتمكن إسرائيل من اعتراض جميع الصواريخ ، ومع ذلك قد يجادل (نتنياهو) كما فعل (بيغن) بأن وابل من الصواريخ التقليدية أفضل من صاروخ نووي واحد .

ومن المرجح أن تراهن إيران على بقاء الولايات المتحدة خارج الصراع إذا تم تنفيذ الضربة الإسرائيلية الأولية دون تدخل أمريكي ، ولكن حتى لو حدث ذلك فإن الضربات الباليستية على إسرائيل ستجعل من غير المجدي سياسياً لإدارة بايدن إحياء الاتفاق النووي أو سحب عقوبات إدارة ترامب من إيران وسيستمر ذلك في إعاقة إعادة بناء إيران لبرنامجها النووي وتعافيها الاقتصادي ، وبالتالي حجب المزيد من التمويل لشبكة الوكلاء الإقليمية لإيران.

ويوضح الكاتب أن نتنياهو ليس بيغن ، وإيران اليوم ليست عراق ثمانينات القرن الماضي يختلف البرنامجان النوويان بشكل كبير، لكن القادة والعسكريين الإسرائيليين الذين شاركوا في ضربة تموز (أوزيراك) يقدمون مع ذلك تشابه مذهل مع الحاضر. إذا عاد نتنياهو إلى السلطة مع بينيت كوزير للدفاع ، فان حكومة الصقور الاسرائيلية ستبحث عن جرعة إضافية من الغرور والطموح السياسي . وفي الوقت الحالي يبدو من المرجح أكثر من غيره أن تكبح الولايات المتحدة إسرائيل وتغري إيران في النهاية بالعودة إلى الاتفاق النووي ، ولكن إذا استمرت الدبلوماسية في الفشل فستشعر إسرائيل بأنها مضطرة للتحرك وفي غضون أسابيع قليلة قد يكون لديها حكومة لتضغط على الزناد واعطاء الضوء الاخضر بالتنفيذ .

التحليل :-

في ضوء ما تقدم حاول الكاتب ان يحقق نوع من المقاربة بين البرنامج النووي العراقي والايراني في وقت الثمانينات وامكانية توظيف النموذج الايراني وسحبه من فترة الثمانينيات الى يومنا هذا اي لعام 2021 ، اضافة للدور الايراني الذي تلعبه في المنطقة واعتبارها عنصر مؤثر في الساحة العربية والخليجية وامكانية تسديد اسرائيل ضربة لها تحاول من خلال القضاء على هذا الدور المؤثر في المنطقة ، لكن جميع المؤشرات تؤكد وتجزم بضعف اسرائيل في توجيه هكذا ضربة ليس من ناحية القوة العسكرية وانما ضعفها الحقيقي في اتخاذ هكذا قرار قوي ومؤثر ولانغالي أن قلنا سوف يؤدي لتدمير وجودها الفعلي على الاراضي الفلسطينية وهي تحاول تثبت اركان دولتها ، وعلية من مصلحة الطرفين اليوم العودة للاتفاق النووي والالتزم به .

 

رابط المقال باللغة الانكليزية :-

https://foreignpolicy.com/2021/04/07/israels-osirak-option/