الكاتبة: بوني كريستيان
الناشر: defenseone
ترجمة: هبه عباس محمد علي
تحليل : م.مؤيد جبار حسن
من بين اهداف إدارة بايدن الجديدة في العراق هي إطالة امد الوجود العسكري الأمريكي ،وقال القائم بأعمال المبعوث الأمريكي لدى الأمم المتحدة، ريتشارد ميلز” من بين الأولويات القصوى للولايات المتحدة هو سعيها لمساعدة العراق في اثبات سيادته ومواجهة الأعداء في الداخل والخارج من خلال منع عودة ظهور داعش والعمل على تحقيق الاستقرار وهذا يعني تسهيل اجراء انتخابات حرة ونزيهة فضلا على محاربة الفصائل المسلحة مثل داعش وغيرها والتنمية الاقتصادية والتحسينات الإنسانية و القضاء على الفساد، واختتم حديثه بالقول” ستبقى الولايات المتحدة شريكا ثابتا وموثوقا بالنسبة للعراق والعراقيين اليوم وفي المستقبل”. ومع هذه الأهداف سيكون للولايات المتحدة وجود عسكري وقائمة من مشاريع بناء الدولة في العراق ليس فقط في عهد بايدن بل في ظل الإدارات المتعاقبة.
ومن جانبه وعد بايدن خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحروب الدائمة في أفغانستان والشرق الأوسط، والتي كلفت الولايات المتحدة الكثير من الأموال والارواح، كما قوضت قدرتها على إعادة بناء أدوات القوة الخاصة بها ، وخلال فترة وجوده كنائب للرئيس الأمريكي أوباما عارض زيادة عديد القوات الامريكية في أفغانستان وتغيير النظام في ليبيا وكان يرغب بعراق فيدرالي للحد من الخصومات الداخلية التي ستؤدي بدورها الى تقليل التدخل الأمريكي.
حتى الان لم تتضح معالم سياسة بايدن في العراق، لكن تشير ملاحظات ميلز الى عدم توقع تحول جذري في دور الولايات المتحدة في العراق كالانسحاب العسكري الكامل الذي قد يتوقعه الناخب العادي عند سماعه تعهدًا بإنهاء الحروب إلى الأبد”.
وان تعهدها بمنع عودة “داعش” وتحقيق الاستقرار في العراق ، وتأمين اجراء الانتخابات وانهاء الفساد ما هي الا حجج لاستمرار بقاء الولايات المتحدة في العراق، حيث كان كل عنصر فى القائمة، باستثناء داعش، هدفًا مباشرا لها بعد الغزو فى عام 2003. ولكن خطة بايدن للانسحاب تفتقد الى ثلاث نقاط أساسية:
أولا: لايمكن القضاء على داعش او أي مجموعة متطرفة أخرى من خلال الوسائل العسكرية لانها معركة أفكار و مخاوف وعنف جسدي ، وان الوجود العسكري الأمريكي بحجة منع عودة الإرهاب يعني الالتزام به الى الابد ، ولم يكن هذا محور تركيز الولايات المتحدة فى العراق. لكن أصبحت الحرب الأمريكية فيه منذ فترة طويلة مشروعًا واسع النطاق لمكافحة الإرهاب والتمرد.
ثانيا: محاربة فلول داعش لاتتطلب استمرار الوجود الأمريكي الى اجل غير مسمى، لكن إذا حاول “داعش” أو غيره من الحركات الإرهابية جمع قوته من اجل إعادة إحياء حلم الخلافة، فمن المرجح ان يأذن الكونجرس بعودة القوات الأميركية إلى العراق. لكن على بايدن ان يدرك ان الولايات المتحدة ليست الخصم الوحيد للارهاب اذ لا توجد أي دولة إقليمية صديقة لداعش “بما في ذلك ايران”
ثالثا: ان إبقاء القوات الامريكية في العراق لفترة أطول لن يسهم في تقليل المخاطر بل على العكس سيعرضها للخطر من قبل الجماعات المناهظة لها ومن بينها “داعش” ، وان استمرار الحرب في العراق سيؤدي الى الحرب مع ايران وبالتالي احداث نتائج عكسية لاهداف بايدن المتعلقة بالعلاقات الامريكية -الإيرانية.
وبالتالي لا يحظى الوجود العسكري الأمريكي في العراق بقبول كلا الحزبين في الولايات المتحدة لانهم يدركون ان الحرب الامريكية في العراق كانت خطأ كبير وعلى بايدن انهائها الى الابد من خلال الانسحاب الكامل للقوات الامريكية.
التحليل: ان القوات الامريكية في العراق ، خيار استراتيجي مهم ليس من السهل على أي ادارة امريكية سواء كانت جمهورية او ديمقراطية ، التضحية به ، حتى وان زاد الحاح العراقيين او تصاعدت مقاومتهم الرافضة لذلك الوجود.
وبعيدا عن حكاية التورط الامريكي في المستنقع العراقي ، الذي تنفيه الاحداث التاريخية حين انسحبت تلك القوات بكل سرعة من بيئات كانت رافضة لها وكبدتها الكثير من الخسائرلا بالارواح والاموال، المسألة هنا تتعدى العراق ، ليكون أمن اسرائيل مشتركا مع قضية النفوذ الامريكي في المنطقة ، ووجود حاجز بين ايران ودويلة اسرائيل، بالاضافة الى ان تلك القوات وعلى صغر حجمها تمثل شوكة في ظهر الدب الروسي النهم ، كما ان وجودها يقص مخالب التنين الصيني ان لا يتمدد صوب مياه الخليج العربي .
ان المتابع لجريان الاحداث سوف يلاحظ ان دعوات اخراج القوات الامريكية من العراق، تتبناها جهة معينة تابعة عقائديا لدولة اخرى، وكأن وجود تلك القوات هو لدى باقي التيارات والاحزاب الضامن لوجودها وهو الحامي لعلمانية ومدنية الحياة في البلاد المنحصرة اصلا. وحين تتصاعد تلك الدعوات تتصاعد أيضا هجمات تنظيم داعش الدموية هنا وهناك ، في أشارة واضحة ان هناك تنظيم ارهابي على ابواب المدن العراقية ولولا وجود الجيش الامريكي لحدث ما لا تحمد عقباه!
ان ادارة بايدن لا تختلف عن من سواها في الحفاظ على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة عبر ابقاء القوات في العراق ، وان محاولة ربط بقائها بمحاربة داعش ، ما هي الا حجة واهية ، امام انكسار داعش امام الجهد العسكري العراقي الخالص ، والاصرار على الانتقام من القتلة واستعادة الارض المغتصبة .
https://www.defenseone.com/ideas/2021/02/biden-administration-taking-steps-stay-iraq-forever/172209/