الكاتب: نيل كويليام زميل مشارك في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية
الناشر : تشاتام هاوس
٤/٥/٢٠٢١
ترجمة: هبه عباس محمد علي
التحالف الجديد بين مصر والأردن والعراق يمكن ان يعيد العراق الى الحاضنة العربية لكن ربما لا تتقبله دول الجوار.
التحالفات في الشرق الأوسط كثيرة وغالبا ما تتشكل نتيجة لمنافسات إقليمية وتدخلات خارجية، وقد شهدت السنوات القليلة الماضية تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة و إسرائيل و المصالحة بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد أربعة سنوات من الخلاف فضلا على تحسين العلاقة بين السعودية والامارات بعد ان تعرضت للضغوط.
عند التمعن بالتحالف الثلاثي بين(مصر و العراق و الأردن) نرى ان مصر قد فقدت ثقلها المزعوم في المنطقة وتم تهميش الأردن خلال فترة حكم ترامب وفقدت موقعها كمحاور من اجل السلام بالنسبة للامارات والبحرين ، اما العراق فقد ترك الحاضنة العربية منذ وقت طويل. فهو تحالف غير مقنع وغير مهم بالنسبة لخبراء السياسة و المحللين ، لكن اذا توفرت فيه ثلاث خصائص يمكن ان تجعل منه تحالفا مقنعا وثيقا
اولاً/ هناك رغبة سياسية حقيقية للمضي بتشكيل التحالف من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأردني الملك عبد الله و رئيسي الوزراء العراقيين المتعاقبين عادل عبد المهدي و مصطفى الكاظمي، في حال استثمروا الوقت والجهد لتشكيله، ويبدو ان مصالحهم المشتركة ستؤدي الى نجاح هذه الشراكة ، ومن جانبهم التقى وزراء الخارجية سامح شكري و ايمن صفادي و فؤاد حسين في ٢٩/٣ في بغداد بعد تأجيل اللقاء بسبب حادثة القطار في مصر، اشار الاجتماع الى استمرار نمو العلاقات القائمة على تحقيق الامن ومكافحة الإرهاب وأمن الطاقة والصناعة والتجارة وإعادة الاعمار.
ثانياً/ يجمع التحالف بين ثلاث دول منها ما يتمتع بموارد طاقة كبيرة (العراق) ورأس المال البشري (الأردن) و عمال البناء و القدرات العسكرية(مصر) ، لكنها لاتملك ثروة كالتي تتمتع بها دول الخليج المجاورة والتي يبلغ عدد سكانها مجتمعين حوالي ١٥٠ مليون فضلا على قدرتها الصناعية والزراعية المحلية. واذا استثمرت هذه الدول (العراق و الأردن ومصر) ماتتمتع به فستشكل تحالفاً ناجحاً، فعلى سبيل المثال ستدعم كل من الأردن و مصر إعادة اعمار العراق ،وستكون الأردن بمثابة نقطة عبور الغاز الطبيعي العراقي الى ميناء العقبة و الغاز الطبيعي المسال في مصر، كما يمكن ان تعالج المصافي المصرية نفط البصرة الخفيف وغيره من أصناف النفط الأخرى سواء ذات الاستهلاك المحلي او التصدير .
ثالثا/ اذا ما تم اعتبار التنمية الاقتصادية و الامن و مكافحة الإرهاب من المحركات الرئيسة لهذا التحالف؛فمن المؤكد ان يمنح الأردن ومصر نفوذا سياسيا (محليا و دوليا) جديدا، وسيصبح لدى رئيس الوزراء العراقي وحلفائه شركاء جدد غرب بغداد
. فقدت الأردن ثقلها لدى دول الخليج العربي -خاصة بعد تطبيع العلاقة بين الامارات والبحرين وإسرائيل – وتلاشت أهميتها لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد ان كانت شريك استراتيجي مهم، لذا فإن علاقتها القوية مع مصر والعراق بمثابة وسيلة للتحوط من تراجع دعم الامارات لها وزيادة حدة العداء الإسرائيلي من ناحية؛ و تساعد على تحسين علاقاتها مع الرياض من ناحية أخرى . كما تسعى الى تحسين علاقتها مع بغداد لكن هناك عواقب تحول دون تحقيق ذلك،وبعبارة أخرى يمكن لهذا التحالف ان يؤدي الى تقريب العلاقات بين الأردن والسعودية .
مصر من جانبها متحمسة لاستعادة مكانتها كدولة عربية رائدة ، وان تحالفها مع الأردن والعراق سيضعها في قلب التحالف العربي الجديد، والامر المهم بالنسبة لمصر ان هذا تحالف لا يمكن شراؤه باموال النفط بل يعتمد على الدبلوماسية القديمة التي يمكنها الاستفادة منها للمساعدة في تشكيل العلاقة، ولن يؤدي هذا الى تقليل اعتمادها الاقتصادي على دول الخليج فحسب بل سيشجع على إعادة العراق الى الحاضنة العربية الأمر الذي تتوق الى تحقيقه المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول.
الهدف السياسي للتحالف الثلاثي، بحسب الكاتب ، هو الحد من النفوذ الإيراني في العراق، ليس من خلال التدخل العسكري المباشر اوغير المباشر، او دعم الوكلاء او تنفيذ عمليات سرية بل من خلال تعزيز الروابط الاقتصادية وتشجيع التبادل السكاني والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب وربط الدول الثلاث ببنية تحتية واسعة للطاقة .
ان سبب ترحيب الحكومات العربية والغربية بهذا التحالف هو انه تحالف حقيقي، وفي الوقت الذي ترغب فيه القيادة العراقية الى تحسين علاقتها مع الأردن ومصر؛من المستبعد ان تغض ايران الطرف وتسمح لعمان والقاهرة بسرقة بغداد.
https://www.chathamhouse.org/2021/05/new-arab-alliance-too-good-be-true