الخطابات الميكافيلية في حروب أفغانستان والعراق

      التعليقات على الخطابات الميكافيلية في حروب أفغانستان والعراق مغلقة

الكاتب: سكوت سافيتز

الناشر:  rand corporation  

ترجمة: هبه عباس محمد علي

  

 

بعد مرور ٢٠عاما على الحروب الفاشلة في أفغانستان والعراق؛ حان وقت استخلاص العبر و الدروس المهمة من كلا الصراعين لتجنب تكرار الأخطاء ذاتها. ويعد نيكولو ميكافيلي-الذي استمرت رؤيته لمفهوم فن الحكم على مدى خمسة قرون- افضل محلل لتلك الدروس .

 

وعلى الرغم من النظرة السائدة تجاهه باعتباره شخص متقلب، الا ان كتاباته تتضمن تذكيرا مهما حول كيفية تحليل الأحداث التاريخية و مجموعة من النصائح السياسية الحكيمة التي من الممكن الاستفادة منها في ظل التحديات المعاصرة وتطبيقها على الحروب في أفغانستان والعراق .

 

وقد سلط ميكافيلي الضوء على خطر تصديق وعود المنفيين الذين يعرضون المساعدة الخارجية من اجل السيطرة على بلدانهم لان لديهم اجندات خاصة كما ان وصفهم لوضع بلدهم يكون مشوباً بآمالاهم في العودة، وهدفهم الرامي الى الإطاحة بالحكومة القائمة، وقد تجسد هذا الامر من خلال تفاعل إدارة بوش مع المنفيين العراقيين قبل غزو العراق عام ٢٠٠٣.

 

ولم يكتف هؤلاء بترويج الأكاذيب بشأن الأسلحة التي يملكها صدام حسين وعلاقته بالإرهابيين بل اقنعوا القوات الامريكية بأنه سيتم الترحيب بها من قبل الشعب العراقي باعتبارهم محررين ، ودفع هذا الامر إدارة بوش الى تصديقهم لكن عدم تشكيكها في دقة و دوافع المنفيين العراقيين ساعدها على تبرير غزوها للعراق.

 

وفي احدى خطاباته ، حذر ميكافيلي القادة من استخدام عدد قليل من القوات لأنه سيعرض الدولة للخطر، وأوصى باستخدام القوة الساحقة و الهائلة من اجل ان تكون الحروب قصيرة.

 

كان عدد القوات الامريكية في العراق محدود جدا وبشكل متعمد في البداية على الرغم من دعوة رئيس اركان الجيش آنذاك أريك شينسكي الى المزيد من القوات، وعلى الرغم من ارادة وزير الخارجية كولن بأول بعدم شن الحرب في افغانستان دون استخدام القوة الساحقة، فقد كانت نسبة الجنود الأمريكيين قليلة جدا بالنسبة لعدد السكان ؛اذ بلغت حوالي امريكي واحد لكل ٢٠٠عراقي و امريكي واحد لكل ٣٠٠ أفغاني وهذا العدد غير كافِ لمواجهة التمرد حتى بمساعدة الحلفاء.

 

وبالنسبة للدول الغارقة بالفساد و ذات الحاجة الى إقامة حكومة مركزية قوية لمواجهة هذا الفساد، نصح ميكافيلي في حال اصلاح الدولة يجب الاختفاظ بظاهر الحكومة السابقة لجعل الإصلاح اكثر قبولاً وان قرار حل الحكومة للكيانات الحكومية العراقية بسرعة في اعقاب الغزو الأمريكي يتعارض مع هاتين النقطتين؛ اذ اثار الغضب في صفوف الذين فقدو وظائفهم بسبب حل هذه الكيانات وجعل من الصعب إعادة تشكيل حكومة جديدة قوية.

 

وكما هو الحال مع الفيلسوف والخبير العسكري سون تزو اوجب  ميكافيلي على القادة معرفة الطبيعة الجغرافية للمناطق وفهم كيفية تأثيرها على العمليات العسكرية، وربما لم يكترث القادة العسكريين الأمريكيين  لهذا الامر في أفغانستان، وقد فشل الكثير من القادة على مر التأريخ في غزواتهم لأفغانستان بسبب عدم معرفتهم بجغرافيتها المادية و البشرية اذ بقيت الكثير من المناطق عصية عليهم. وكذلك الحال بالنسبة للعراق الذي ينقسم الى عدة طوائف منها الشيعة والسنة  فضلا على الاكراد.

 

ليست الولايات المتحدة هي الوحيدة التي واجهت الصعوبات في حربي العراق وأفغانستان؛ اذ تزخر كتابات ميكافيلي بأمثلة لحالات مماثلة من العصور القديمة وحتى عصر النهضة، لكن من جانبها تسعى الولايات المتحدة الى تعلم الدروس من حروبها الأخيرة، ومن جانبها قد تساعد دراسة ميكافيلي وغيره ممن فكرو بشكل عميق بتاريخ الولايات المتحدة على تجنب الكوارث المستقبلية من خلال استخلاص الرؤى من تجاربها الخاصة.

 

 

 

https://www.rand.org/blog/2021/08/applying-machiavellian-discourses-to-the-wars-in-afghanistan.html