م.م. عبير مرتضى حميد السعدي
قسم إدارة الازمات/ مركز الدراسات الاستراتيجية
تاريخ 12/10/2021
على مدى العقدين الماضيين ، واجه الاقتصاد الأمريكي العديد من المشاكل الاقتصادية كان أهمها زيادة حجم الدين العام للولايات المتحدة بشكل مطرد ، ومع ظهور جائحة كورونا والاضرار الصحية والاقتصادية التي تسببت به إضافة عبئ جديد على الميزانية الفيدرالية الأمريكية، من خلال زيادة نفقات الطوارئ على برامج الضمان الاجتماعية والرعاية الطبية وتوفير الخدمات الصحية والتي أدت الى زيادة عجز في الميزانية في الولايات المتحدة الامريكية ، مما التجأت الحكومة الى تمويل العجز بطرح سنداتها للاقتراض الخارجي ليرتفع بذلك حجم الدين العام من 17 ترليون دولار عام 2019 الى 22 ترليون دولار عام 2021.
لذلك ، سعت الحكومة الأمريكية السابقة والحالية إلى تنفيذ عدد من السياسات المالية والنقدية لتقليل العجز في الموازنة الفيدرالية ، وبالتالي خفض الدين العام عن طريق خفض معدل الإنفاق العام ، وخاصة الإنفاق العسكري ، وزيادة الإيرادات من خلال رفع سقف الضرائب ومنها (ضريبة الكربون وضريبة الدخول المرتفعة) وتخفيض أسعار الفائدة لتحفيز المستثمرين على الاستثمار في الاقتصاد الأمريكي ، بالإضافة الى اقتراض الخارجي عبر طرح السندات الحكومية الذي يعد الدعم الرئيسي للميزانية الفيدرالية ، ومع ذلك لم يتحسن الوضع المالي في الاقتصاد الأمريكي وظل في دوامة الديون المتراكمة التي بدأ يرافقه مشاكل أخرى الا وهي تزايد معدلات البطالة . الا ان الكثير من السياسيين يسعون الى تخفيف من حدة الوضع الاقتصادي من خلال طرحهم بعض الحلول الانية الغير المدروسة الا وهي ان الاقتصاد الأمريكي من اقوى الاقتصادات والذي تسيطر عملته الدولار على كافة التعاملات التجارية والمصرفية وان اصدار المزيد من الدولار الأمريكي سيحل المشاكل المتعلقة بالديون الخارجية وهذا ماشار اليه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، الا ان هذا طرح في الحقيقة تشوبه الكثير من الثغرات الا وهو ان سيعاني الاقتصاد الأمريكي من تضخم كبير في الأسعار السلع و عدم ثقة المستثمرين في الاقتصاد واذا ما اضفنا مشكلة البطالة فأن بالمحصلة سيعاني الاقتصاد من مشكلة الركود التضخمي بحيث يصاحب ارتفاع التضخم ارتفاع في معدلات البطالة. لذا فأن الضغط المستمر على البنوك المركزية بإصدار العملة الدولار ستولد في نهاية المطاف انفجار وانهيار في منظمة الاقتصاد الأمريكي ، خاصة مع توقع اغلب معاهد الامريكية بتزايد معدلات الدين العام في السنوات القادمة بحيث ترتفع من 22تريليون دولار في عام 2021الى ضعفها عام 2051.
لذا في الآونة الأخيرة ظهرت بعض المقترحات بان لابد ان تتبع الحكومة زيادة الضرائب وخفض الانفاق وتنمية الاقتصاد عبر التحول من الاقتصاد التقليدي الى الاقتصاد الرقمي الذي يعمل بالابتكار والتكيف التكنولوجيا المتطورة وكان احد سمات ذلك الاقتصاد هو إصدار العملة الرقمية للبنك المركزي الأمريكي او ما يعرف الدولار الرقمي كان احد أهدافها هو التخفيف من حدة الدين العام وتقليل المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الامريكي، وبأن اصدار تلك العملات سيضيف أسلوب جديدة في تعاملات المصرفية الذي سيكسب المستثمرين في الاستثمار ويحفز الافراد على الادخار من خلال التخلص من الرسوم التي كانت تفرضها الشركات الوسيطة ، كما انها ستقوي من ثقة المستثمرين بنظام الاقتصادي وبشكل خاص بالدولار الامريكية مما سيحسن من الوضع الاقتصاد الأمريكي ويخفض تكاليف الاقتراض الحكومي ويعجل من النمو الاقتصادي كما يخفف من الضغوط التضخمية التي قد يسببها اصدار العملة بشكلها تقليدي فضلا عن ذلك، ستخلق العملة الرقمية منافسة كبيرة بين الأسواق المالية خاصة بعد طرحت كمبوديا اول عملة رقمية سميت باكونغ ، ومن المتوقع ان تصدر كل من الاتحاد الأوربي والصين عملات رقمية من قبل البنك المركزي خلال السنوات القادمة. لذا تحاول تلك البلدان ومنها الولايات المتحدة ان تضع كافة الأطر قانونية والتنظيمية والمؤسساتية الجديدة و توفيرالتقنيات والأساليب التكنولوجية الحديثة الخاضعة لرقابة البنوك المركزية .