م. علي مراد النصراوي / قسم إدارة الأزمات
ما إن أعلنت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 / 10/ 2021 ، والتي حدثت في أجواء مثالية من الناحية التنظيمية والأمنية بإشادة المراقبين الدوليين وحتى المحليين مقارنةً بالانتخابات السابقة، لاسيما أنها أول انتخابات تجري من دون ترشح رئيس الوزراء أو تبنيه قائمة بعينها، وهي سابقة لم نشهدها من قبل، فضلاً عن إشراك القضاة في مجلس المفوضية، كما أن قانون الانتخابات الجديد القائم على أسس الفائز الأعلى أصواتاً،ضمن الدوائر المتعددة الموزعة على مختلف محافظات العراق، والتي يبلغ عددها (83) دائرة انتخابية، أعطى فرصة للمستقلين والأحزاب الصغيرة للفوز في الانتخابات، أيضا من مميزات هذه الانتخابات السرعة بإعلان النتائج الاولية خلال (24) ساعة، وبطبيعة الحال اظهرت تقدم قوى سياسية وتراجع أخرى، وهذا ما يحصل في كل دول العالم،لكون الانتخابات تمثل الحد الفاصل في توجهات الرأي العام باختيار من يراه مناسباً، أو يعمل وفق ما يريده الشعب، وربما هناك أحزاب تكيفت مع القانون الجديد كما التيار الصدري الذي سعى إلى توجيه جماهيره وفق تقسيم جغرافي معد مسبقاً، مما اظهر تقدم الكتلة الصدرية بقرابة الـ (73) مقعداً، ويليها تحالف تقدم ومن ثم الديمقراطي الكردستاني، فدولة القانون وبعدها بقية الكتل الأخرى،فضلاً عن قوائم جديدة وبعض المستقلين، فيما سعت الأطراف التي تراجعت أو خسرت إلى القول بأن الانتخابات قد شابها تزوير وتلاعب بأصواتها، لذلك تقدمت بطعون للمفوضية التي تعاملت معها بسرعة وأعادت عد وفرزالأصوات يدوياً للمحطات المطعون بها، وقد ظهرت جميع النتائج مطابقة بحسب تصريحات مفوضية الانتخابات .
لذلك دعت قوى تحالف الإطار التنسيقي الشيعي لإعادة عد وفرز المحطات الانتخابية جميعها يدوياً، الأمر الذي ترفضه المفوضية باعتبار أن قرار العد والفرز اليدوي للمحطات الانتخابية جميعها يحتاج لأمر القضاء في ذلك ، لذلك دعت قوى الإطار جمهورها للتظاهر امام بوابة المنطقة الخضراء، والتي شهدت احتكاكاً مع القوات الأمنية، الأمر الذي أدى إلى وقوع ضحايا وجرحى، والذي أزم الموقف كثيراً وسط تصاعد الدعوات للتهدئة وسلوك الطرق السلمية والقانونية فيما يخص الاعتراض على النتائج .
من أحداث المقدادية إلى استهداف رئيس الوزراء:
دائما ما تلجأ التنظيمات الإرهابية لخلط الأوراق لاسيما عند الأزمات، لذلك نلاحظ أنَّ غالبية الهجمات التي حدثت في السابق كانت ردود أفعال لأزمات سياسية أو طائفية، وربما تسعى أطراف معينة أو حتى جهات إرهابية إلى توظيف ذلك الخلاف السياسي أو الطائفي لأجل إثبات وجودها وزعزعة الاستقرار الأمني، وما حصل مؤخراً في مدينة المقدادية خير دليل على ذلك، إذ أثر الخلاف بين الكتل السياسية حول نتائج الانتخابات في قيام مجاميع إرهابية لشن هجمات مسلحة على قرى بني تميم، وراح ضحيتها العديد من أبنائها، ليتعبها هجمات مضادة على قرى معينة، وكادت أن تحدث أزمة كبيرة لولا تدخل القوات المسلحة لإعادة الاستقرار الأمني إلى المدينة، أمّا الحدث الأكبر فهو استهداف محل إقامة السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في المنطقة الخضراء بثلاث طائرات مسيرة، تمكنت القوات الأمنية من تحييد طائرتين في حين تمكنت الطائرة الثالثة من قصف المنزل بعدة قنابل، انفجرت وأدت إلى أضرار مادية في المبنى ونجاة السيد رئيس الوزراء، وقد تعالت الأصوات المنددة على المستوى المحلي والدولي، وهي حادثة خطيرة جداً تستهدف رأس السلطة التنفيذية والذي يعد استهدافاً للدولة، والموضوع يبدو كبيراً وشائكاً، لاسيما مع وجود خلاف سياسي بين بعض القوى بسبب نتائج الانتخابات، وأتى في توقيت حساس على أثر المناوشات التي حصلت عند مداخل المنطقة الخضراء، ما بين متظاهرين معترضين على نتائج الانتخابات والقوات الأمنية ، ويبدو أنَّ الطرف الذي استهدف رئيس الوزراء يبحث عن إثارة الفتنة وكيل التهم المتبادلة، وإنَّ الأمر يحتاج لإجابات من اللجنة التحقيقية، فليس من السهولة أن تخترق هذه الطائرات كل هذه التحصينات الأمنية، وإنَّ الجهة المنفذة تبدو ذات خبرة كبيرة وامكانية ودقة، وربما يكون هناك عامل خارجي يعمل على توظيف الأزمة لأجل تمرير أمر معين، أو تمت بدعم من قوى إرهابية لأجل خلط الأوراق، أو هناك غايات سياسية، ومهما يكون السبب والجهة المنفذة للاعتداء تبرز الحاجة الملحة لكشف الملابسات والحيلولة دون تكرارها