أ.م.د. خليل جوده الخفاجي
باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية/ قسم إدارة الأزمات
شباط 2022
منذ ثلاثينيات القرن الماضي بدأت حقبة مريرة في تاريخ العراق السياسي، ولاسيما بعد توقيع معاهدة عام ١٩٣٠، إذ بدأت أسعار النفط بالارتفاع قليلا، إلّا أنّ العراق سخّر موارده جميعها بدون دراسة، وبمنهج اقتصادي يفتقر إلى التخطيط، فضلا عن التركة الثقيلة نتيجة الصراعات السياسية بين الاحزاب والانقلابات العسكرية، لاسيما بعد تزايد سلطة الجيش، وتسخير موارد الدولة لخزانته. ثم تلتها فترة الاربعينيات والشعب لم تتحسن اوضاعه الاقتصادية حتى عام ١٩٥٠، عندما تم تشكيل مجلس الإعمار، الذي أخذ على عاتقه الحفاظ على أموال النفط، وصرفها وفق خطط مرتبة، وتلته وزارة الاعمار التي تبنت الخطط الخمسية. وتعد هذه الفترة من أحسن فترات العراق الاقتصادية في مجال التنمية والمشاريع، لكنها ارتبطت بأحلاف خبيثة ضد الكتلة الشرقية عام ١٩٥٥( حلف بغداد)، وختمها انقلاب عسكري نتيجة تنامي قوة العسكر، وتنويع مصادر تسليحه عام ١٩٥٨.
وفي عام 1962 بدأ انحسار المشاريع وزج الجيش في الانقلابات، وتوالت إلى عام ١٩٦٨ عندما تسلم حزب البعث السلطة، والشعب يعيش تحت خط الفقر، ويعوم على بحيرة نفط، ودخل العراق في حروب خارجية وداخلية أنهكته اقتصاديا وبشريا، سواء في حرب الاكراد أو في حرب فلسطين ٧٣. وعلى هذا النحو استمر شعبنا طوال سبعينيات القرن الماضي، يعاني من الفقر والقتل والتشريد. ثم ادخلنا صدام في حرب ضروس كلفت العراق اموالا طائلة واستهلكت فيها أرواح الشباب، وأصبح العراق عاجزا عن تسديد ديونه. وختمها بحرب الكويت التي اكلت الاخضر واليابس، وكلفت البلد اموالاً نأن عن تسديدها الى اليوم، وجميع اموال العراق احترقت كبقايا اسلحة مدمرة.
وختاما، بعد ٢٠٠٣ إلى اليوم، وبالرغم من تزايد ايرادات النفط إلا أنّ ساسة البلد جعلوا الشعب العراقي يبحث عن رغيف الخبز في القمامة، نتيجة للصراع المحتدم بين الاحزاب لتقاسم هذه الايرادات، من دون حساب لمعاناة الشعب. وسيبقى يدفع فاتورة الصراع من لقمة عيشه، وسيستمر لعدم وجود رادعٍ قوي، وسلطة قوية، وحكومة قادرة على تجاوز الأزمات في ظل الصراعات السياسية.