البرلمان العراقي الجديد وإحداث التغيير

      التعليقات على البرلمان العراقي الجديد وإحداث التغيير مغلقة

الكاتب: حيدر الشاكري

الناشر: chathamhouse.org

ترجمة: هبــه عباس محمد علي

عرض وتحليل: م. علي مراد النصراوي

 

مؤخراً، اجتمع أعضاء البرلمان المنتخبون حديثاً في العراق للمرة الأولى، بعد ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات، التي فاز فيها جيل جديد من المستقلين وزعماء احتجاجات تشرين، بعشرات المقاعد في البرلمان، ولديهم القدرة على إصلاح النظام السياسي تدريجياً، لكن عليهم صياغة استراتيجية موحدة إذا أرادوا إحداث التغيير.

 

وتشير تصريحات بعض أعضاء البرلمان البدلاء، والحائزين على أكثر من (٧٠) مقعداً، إلى رغبتهم في تشكيل تحالف موحد، لكن هناك صعوبة في تشكيله بسبب الانقسامات التي حدثت بين العديد منهم، قبل اجراء انتخابات عام ٢٠٢٠.

 

واختلفت الآراء بشأن الانتخابات، إذ دعا البعض إلى مقاطعتها بسبب اتهامات بالعنف قامت به الحكومة ضد النشطاء؛ فيما يرى البعض أنّ هذه الانتخابات تمثل فرصة للتصويت لمرشحين جدد يمكنهم إحداث الإصلاح .

 

 

 

التحديات من أجل الوحدة لا تزال قائمة:

 

اثبت هذا الانقسام انعدام التماسك بين البرلمانيين الجدد، فمنذ اجراء الانتخابات، تشكل ما لا يقل عن ثلاث كتل بديلة مستقلة ضمن المجموعة الجديدة، في حين انسحب ثلاثة من أعضاء حركة امتداد – وهي أحد الأحزاب التي انبثقت من حركة الاحتجاج – بسبب الخلافات السياسية.

 

ترشح العديد من النواب الذين كانت لديهم صلات بأحزاب سياسية كمستقلين بهدف زيادة أصواتهم، فيما تم استدراج المستقلين الحقيقيين للانضمام الى الأحزاب السياسية، التي تم تأسيسها منذ إجراء الانتخابات.

 

فيما حافظ حوالي (٣٠) نائبًا من أصل (٧٠) نائبًا على استقلالهم، واستمروا في الدعوة الى نظام بديل للنظام السياسي بعد عام ٢٠٠٣. ومن ابرز هذه الكتل “تحالف من اجل الشعب”، الذي يتألف من (١٨) نائبًا من حركة امتداد والجيل الجديد والكتلة الشعبية المستقلة، المكونة من خمسة نواب ترشحوا كمستقلين، و فاز حزب “اشراقة كانون” بستة مقاعد، وشكّل الآن كتلة من عشرة أعضاء في البرلمان، مع عدد قليل من المرشحين الإضافيين، في حين أنّ عددا من أعضاء البرلمان الجدد، لا يزالون مستقلين ومترددين في الانضمام إلى أي تحالف أو حزب.

 

بشكل عام، يبدو أنَّ هؤلاء النواب الجدد يتفقون على قضايا جوهرية، مثل: تفشي الفساد والحاجة إلى اصلاح منهجي، لكنهم يختلفون حول أفضل السبل لتحقيق ذلك، ومن المتسببين بتفشي الفساد وسوء الإدارة الحكومية، ومن الذي يجب استهدافه. واتضح هذا الامر جلياً في التصويت الذي جرى مؤخراً لمصلحة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فيما أبدى آخرون معارضتهم لنظام المحاصصة بأكمله، وأدلوا بأوراق تصويت فارغة. وهذا يشير إلى عدم قدرة هذه الكتل على العمل ككيان واحد.

 

طرق التغيير موجودة:

 

وبما أنّ معظم أعضاء البرلمان العراقيين الجدد، هم من المبتدئين في النظام السياسي، فإن مهاراتهم وكفاءاتهم السياسية تبقى محل قلق، لا سيما أنّ أعضاء البرلمان والأحزاب السياسية الراسخين، لديهم خبرة واسعة في الانقسام والقمع العنيف، للحركات التي تسعى إلى تحدي الوضع السياسي الراهن.

وهذا يثير الشكوك بشأن قدرتهم على إحداث التغيير، فعلى الرغم من عملهم معا من أجل ترشيح النائب الأول لمجلس النواب من حركة امتداد، خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في شهر كانون الثاني، إلا انهم تمكنوا من الفوز بـ (٣٤) صوتا فقط مقابل (١٨٢) صوتاً لمنافسه.

 

وهناك ما يشير إلى أنّ أعضاء البرلمان الجدد، قد يعملون معاً لاستجواب السياسيين الذين يشغلون مناصب وزارية، في عملية برلمانية لا تتطلب سوى (25) صوتاً كحد أدنى. وقد يكون هذا أداة قوية لممارسة الضغط على السياسيين الفاسدين، أو المتورطين في الهجمات على المتظاهرين.

 

ومع ذلك، إذا ظل التعاون مؤقتاً بين الأحزاب والكتل السياسية الجديدة، سيكون تأثيرها محدوداً، فمن اجل تشكيل معارضة فعّالة داخل البرلمان، عليهم تعزيز التعاون فيما بينهم، لتطوير الاستراتيجية وتقديم رؤى خاصة بهم بشأن القضايا الرئيسة.

 

وبمجرد تحقيق هذا الأمر عليهم إقامة علاقات مع الإصلاحيين في الخدمة المدنية والبيروقراطية، ودعمهم من قبل الهيئات التشريعية، ومع منظمات المجتمع المدني، ليظلوا مسؤولين امام ناخبيهم.

 

وإنَّ السعي وراء إقامة تحالفات مستقرة أمر مهم بالنسبة لقادة العراق الجدد، من اجل تحقيق إصلاح حقيقي وجوهري للنظام السياسي المتعب والفاسد.

 

التحليل : تتفق أغلب الآراء على أنَّ الانتخابات الأخيرة تختلف عن السابق، من حيث القانون الجديد ذات الدوائر المتعددة، عبر تقسيم العراق إلى (83) دائرة انتخابية، فضلا عن السماح بترشح المستقلين، وايضاً العد والفرز الالكتروني. وعلى الرغم من كل الاعتراضات والطعون، إلا أنَّ الأمور مضت نحو الاعتراف، ومن ثم المصادقة على النتائج، التي افرزت تقدم الكتلة الصدرية بـ (73) نائبا. ومع أنَّ المستقلين قد حصدوا أصواتا ليست بالقليلة، إلا ان بعض الانقسامات التي شهدتها تلك الكتل المستقلة، أو حتى اندماج بعضهم مع كتل أخرى، قد اضعف موقفهم داخل البرلمان، وحال دون حصولهم على منصب نائب رئيس البرلمان. وهناك موقف مغاير إذ إنَّ موضوع الاستقلال داخل مجلس النواب، يمثل تحديا، لكون النظام البرلماني يتألف من كتل فائزة وتحالفات، فأين موقع المستقل أو الكتلة الصغيرة من ذلك؟ وهنا لابد من المستقلين حسم موقفهم، اما الاندماج مع كتلة كبيرة تحقق رغباتهم في إحداث الاصلاحات الضرورية، أو المضي بموقف ثابت عبر جمع أكبر عدد من الكتل الجديدة والمستقلين، والتوجه نحو المعارضة التصحيحية .

 

https://www.chathamhouse.org/2022/02/iraqs-new-mps-must-unite-achieve-genuine-change