تحديد نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية
الدكتورة روافد الطيار
رئيس قسم الدراسات القانونية / مركز الدراسات الاستراتيجية
آذار 2022
أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، والتي تمثل القضاء الدستوري في العراق، حكمها في الثالث من شباط 2022، بتحديد نصاب انعقاد جلسة مجلس النواب الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، بحضور ثلثي أعضاء مجلس النواب.
جاء هذا القرار ردًا على الطلب التفسيري المقدم من الرئيس الحالي (برهم صالح)، لتفسير المادة (70/ أولا) لبيان الاغلبية الواجب توافرها للشروع بالتصويت على انتخاب رئيس الجمهورية.
وأجابت المحكمة بأنَّ دستور جمهورية العراق أشار في المادة (72/ثانيا”/ب) إلى: ((يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهماته إلى مابعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقاد له))
وفي المادة (70/ أولا) أشار إلى: ((ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية باغلبية ثلثي عدد اعضائه)). وحسب رأي المحكمة فإنَّ هذا النص يعد نصًا خاصًا بانتخاب رئيس الجمهورية، وغير مرتبط بأحكام المادة (59/أولا وثانيا)، والخاصة بتحديد نصاب جلسات مجلس النواب بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه وليس أغلبية الثلثين.
وعليه أصدرت حكمها بأن (ينتخب مجلس النواب رئيسًا للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع أعضاء مجلس النواب الكلي، ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي).
التساؤل الذي يثار: هل من صلاحيات المحكمة الاتحادية العليا إصدار قرار يضيف نصًا أو قاعدة دستورية جديدة لدستور جمهورية العراق لعام 2005 ؟
إنَّ الطلب المقدم من رئيس الجمهورية في الاول من شباط 2022، يتضمن طلبا بتفسير نص المادة (70/أولا ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، وهو اختصاص أصيل للمحكمة الاتحادية العليا، استنادا إلى المادة (93/ثانيا) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، والتي تنص على: ((تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي:… ثانيا: تفسير نصوص الدستور)) وكذلك المادة الثانية من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (25) لعام 2021، والتي تشير إلى )) تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي:… ثانيا: تفسير نصوص الدستور)).
إلا أنَّ جواب المحكمة لم يكن تفسيريًا، بل قامت المحكمة بإضافة نص دستوري لم يكن موجودا سابقا في وثيقة دستور جمهورية العراق لعام 2005، وهو تحديد النصاب لانعقاد جلسة مجلس النواب العراقي الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهو خلاف ماهو محدد في الدستور وفق المادة (59/أولا)، والتي تشترط، لتحقق النصاب، الاغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب لكل جلسات مجلس النواب دون استثناء، وهو نص واضح لا يقبل التأويل والتفسير.
ويعد الشعب هو صاحب السلطة التأسيسية والجهة الوحيدة المخولة بإضافة نص دستوري أو تعديل نص دستوري قائم، عن طريق نوابه في مجلس النواب، وأي تعديل أو إضافة للدستور لا تكون صحيحة إلا بعد موافقة الشعب، باستفتاء عام وفق المادة ( 126/ ثالثا)، وبموافقة أغلبية المصوتين ممن يملك حق التصويت من الشعب، وفق المادة (131) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.
وعليه نرى أنَّ قرار المحكمة المذكور آنفا لا يعد قرارا صحيحا، ولا يدخل ضمن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا، فهي لا تتمتع بصلاحية إنشاء قاعدة دستورية جديدة، بل يقتصر دورها على تفسير نص دستوري قائم، عن طريق ايضاحه وبيان معناه، وذلك بالرجوع إلى نية المشرع الدستوري وقت وضع النص الدستوري .