م.م.عبير مرتضى حميد السعدي
باحث في قسم إدارة الأزمات مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
نيسان ٢٠٢٢
تواجه أغلب شعوب العالم اليوم، أزمات عديدةتهدد أمنها الغذائي، وتزيد من براثن الفقر والجوع.إذ أدى التدهور البيئي والتغير المناخي، وموجات الجفاف التي ضربت أكثر من ربع الكرة الأرضية،وجائحة كورونا، والحرب الأوكرانية، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية على روسيا،إلى ارتفاع شديد في أسعار المواد الغذائية والأسمدة والوقود العالمية، مما نتج عنه نقص كبير في الامدادات الغذائية. فقد أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، أنَّ أسعار السلع الغذائية العالمية، وصلت إلى “أعلى المستويات على الإطلاق” في آذار الماضي، بسبب الحربالروسية على أوكرانيا، إذ ارتفع مؤشر متوسط أسعار الأغذية في شهر آذار إلى (159.3) نقطة، أي بزيادة قدرها (17.9) نقطة، أي (12.6%) عن مستواه المسجل في شهر شباط، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1990. بحيث ارتفعت أسعار القمح بنسبة (21%)، والشعير بنسبة (33%)، والأسمدة بنسبة (40%).
فمن المعلوم أنَّ أوكرانيا وروسيا أكبر مصدرين للحبوب ولاسيما القمح والذرة، إذ تنتج روسيا وأوكرانيا معًا ما يقرب من (30%) من القمح في العالم، و(17%) من الذرة في العالم، و(32%) من الشعير، و(75%) من زيت عباد الشمس. في حينتعد روسيا أكبر مورد في العالم للأسمدة والغاز الطبيعي، إذ تمثل (15%) من التجارة العالمية للأسمدة النيتروجينية، و(17%) من أسمدة البوتاس، و(20%) من الغاز الطبيعي. وتهدد الأزمة الحالية بالتسبب في نقص الغذاء العالمي، فارتفاع الأسعار لأهم المحاصيل الزراعية، أدى إلى قلة الاستهلاك والإنتاج للمنتجات الغذائية المشتقة منها، مثل:الخبز، ففي كينيا، ارتفعت أسعار الخبز بنسبة (40%)، وفي لبنان ارتفعت بنسبة (70%)، في حين العراق ارتفعت بنسبة قاربت (40%). وفي الوقت نفسه، تواجه بلدان أخرى مشكلة قلة الشعير(التي تستخدم كعلف للحيوانات) والأسمدة، ففي البرازيل التي تعد إحدى المشتريتين الرئيستين لسماد البوتاس من روسيا وبلاروسيا، تواجه اليوم مشكلة انخفاض الإنتاج الزراعي، بسبب نقص الأسمدة التي تشتريها الدولة من كلا البلدين. لذا تحذر الأمم المتحدة من أنَّ مستقبل الأمن الغذائي العالمي سيء جداً، وأنَّ هناك العديد من الدلائل التي تشير إلى أزمة جوع وفقر كبيرة، قد تضرب العديد من الدول في ظل موجات الجفاف المستمرة خلال السنوات القادمة، وتدهور الأوضاع المناخية، فضلا عن الصراعات السياسية التي أثرت بشكل كبير في قطاع الزراعة في العالم. أمّا أكثر الأقاليم تضرراً فهي شمال أفريقيا والشرق الأوسط، كونها من المستوردين البارزين للحبوب والزيوت من أوكرانيا وروسيا. فوفقًا للأمم المتحدة، تستورد (45) دولة أفريقية ما لا يقل عن ثلث إنتاجها من القمح من روسيا أو أوكرانيا، وتعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ تستورد اكثر من (70%) من وارداتها من روسيا وأوكرانيا، في حين تستورد تركيا أكثر من (80%)، وتستورد كل من لبنان واليمن والتونس مانسبته (50%، 22%، 42%) من أوكرانيا.