م.د. بلسم عباس حمودي
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية.
نيسان/ 2022
محمد حافظ إبراهيم الشاعر المصري الملقب بشاعر النيل وشاعر الشعب، من محافظة أسيوط، ولد في عام 1872م. كتب قصيدته الرائعـــة على لسان اللغــة العربيــة عام 1903، مادحًا فيها اللغة الفصيحة لغــة القرآن الكريم. تحدث حافظ إبراهيم في قصيدتـــه بلسانها، وهي ترثي حالها، وتستهجن أفعال أبنائها،وتشكو ما بها من إهمال، مثيرًا بذلك الناطقين بها، ليقفــوا تجاه التحديات الداعيــة لإلغاء وجودها، مشيرًا إلى أنَّ إلغاء وجود اللغــة العربيــة، ما هي إلا محاولة لإلغاء القومية العربية، وإبعاد الناس عن تراثهم وثقافتهم التي يعتزون بها.
قال شاعر النيل حافظ إبراهيم في رائعته على لسان اللغة العربية:
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني وَمِنكم وإن عَزَّ الدَواءُ أساتي
فلا تَكِلوني للزمانِ فإنَّني أخافُ عَليكُم أن تَحينَ وَفاتي
أرى لِرجالِ الغَربِ عزًّا وَمَنعَةً وكم عَزَّ أقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
أتَوا أهلهُم بالمعجزاتِ تفَنُّنًا فيا ليتكُم تأتونَ بالكلماتِ
أيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعبٌ يُنادي بِوأدي في رَبيعِ حياتي
سقى اللهُ في بطنِ الجزيرةِ أعظُمًا يَعِزُّ عليها أن تَلينَ قَناتي
حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ لَهُنَّ بقلبٍ دائــمِ الحَسَراتِ
أرى كلَّ يومٍ بالجرائدِ مَزلقًا مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أناةِ
وأسمَعُ للكُتَّابِ في مصرَ ضَجَّةً فأعلَمُ أنَّ الصائحينَ نُعاتي
أيهجُرُني قَومي عَفا اللهُ عَنهُمُ إلى لُغــــةٍ لم تتصل بِرواةِ
سرت لوثَةُ الإفرنجِ فيها كما سرى لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فجاءَت كثوبٍ ضمَّ سبعينَ رُقعَةً مُشكَّلـــــةَ الأَلوانِ مُختلفاتِ
ويختتم قصيدته بهذه الأبيات:
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في البِلَى وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ