أ.م.د. خليل جوده الخفاجي
مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء
نيسان/ 2022
ينحدر ساسون حسقيل من الأسر اليهوديه الغنية المعروفة بالتجارة، من مواليد بغداد عام ١٨٦٠، ويعد من الشخصيات الوطنية التي أسهمت في بناء أسس الدولة العراقية الحديثة، في مطلع عشرينيات القرن الماضي، وقد حظي باحترام العراقيين ومودتهم ولاسيما النخب المثقفة. وقد أدار موقعه الوظيفي كوزير للمالية في الوزارات النقيبية الثلاث، ومن ثَمَّ وزارة السعدون الأولى للمرة الرابعة، وتلاها في وزارة الهاشمي الأولى للمرة الخامسة والأخيرة في آب ١٩٢٤.
يعد خبيرًا في الأمور المالية، وحرص على الحفاظ على المال العام، ووصف بالحزم والصرامة في محاربة الفساد. ساسون حسقيل وإن كان يهوديًا، إلا إنَّه عراقي ووطني بارع في مجال اختصاصه، وحافظ على مصالح العراق، وعمل على بنائه وتطويره.
نحن اليوم نعيش في عراق تكثر فيه الخيرات، ويقلّ فيه من يحمي الأموال ويحرص عليها، وبين الفينة والأخرى نسمع أو نقرأ عن اختلاس أموال من أشخاص في وزارات الدولة المختلفة. إنَّ الوطنية هي عبارة عن حب الوطن، والانتماء إليه، والدفاع عنه، والحفاظ على أمواله، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه. فهذا الرجل هو يهودي لكنه وطني، ودافع عن الوطن، وكم هجاه العراقيون وتنابزوا بكلمات (لا تحسقلها) بالإشارة إليه، أي لا تكون مثل حسقيل، لمن يقتر في الصرف.
فكم حسقيل نحتاج اليوم، لكي نحمي أموال العراق ونصونها، في ظل الايرادات الكثيرة، وكم حسقيل نحتاج ليكون وطنيا يدافع عن العراق، وكم، وكم. فلابد أن يدار العراق برجاله الأكفاء، لحماية ثرواته، وأمّا إذا استمر الحال على ماهو عليه، فسوف يكون وضع العراق كما في لبنان.
لابد من متابعة جميع مصروفات الدولة العراقية، بحزم وبيد رجال أكفاء، وبمهنية عالية، ليخلدهم التاريخ مثلما خلد ساسون حسقيل، وأنور شوئيل، ورافائيل بطي، وغيرهم من رجالات العراق الحديث. فنحن الشعب الوحيد الذي يحن لماضيه ويترحم عليه، ولا ينظر إلى المستقبل. فطوبى لكل وطني شريف يخدم العراق ويصون وحدة أراضيه ويحمي ثرواته.