أ.م.د. حمد جاسم محمد
قسم إدارة الأزمات
مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء
نيسان 2022
بدء العمليات العسكرية التي قادتها المملكة العربية السعودية، مع تحالف عدد من الدول، مثل: الإمارات العربيةالمتحدة والكويت وقطر والبحرين والسودان، ومشاركاترمزية محدودة من كل من الأردن والمغرب ومصر، ضد اليمن في 25 اذار عام 2015، والتي سميت بـ(عاصفة الحزم)،والتي خلفت في اليمن مئات الآلاف من الضحايا والجرحى،وملايين المهجرين والمشردين، وخسائر اقتصادية قدرت بـ(100 مليار دولار)، فضلا عن كوارث انسانية ومجاعات لملايين اليمنيين، كذلك شملت الخسائر دول التحالف العربي،ولا سيما المملكة العربية السعودية والامارات العربية،بقصف المنشآت النفطية والبنى التحتية والخسائر البشرية، ومع كل هذه الخسائر لم تحقق هذه الحرب أي من أهدافها المعلنة، ولم تحقق لليمن أي استقرار أو إعادة الحكومة المقالة، لهذا كثرت الدعوات الدولية ودعوات الأمم المتحدة والدول الاقليمية، إلى وضع حد لهذه الحرب ووقف نزيف الدم والدمار والتصعيد بين الدول الاقليمية، لاسيما أنَّ أغلب التهم توجه إلى إيران في دعم أنصار الله الحوثيين في صنعاء، في حين توجه اتهام ايضا إلى السعودية بأنَّها تنفذ أجندات دولية. وبعد قيام عدد من المفاوضات في عمان والسعودية إلا أنَّها لم تحقق أي وقف لإطلاق النار، أو حل سياسي للأزمة، وبعد فشل حكومة الرئيس المستقيل (عبد ربه منصور هادي) في إدارة الحكومة اليمنية في عدن،والضغوط المحلية والاقليمية والدولية، لجأ إلى تشكيل مجلس رئاسي في 7 نيسان، وهم كل من: (رشاد العليميرئيسًا لمجلس القيادة الرئاسي وعضوية كل من سلطانالعرادة، وطارق محمد صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة،وعثمان حسين مجلي، وعيدروس قاسم الزبيدي، وفرجسالمين البحسني، وعبد الله العليمي باوزير، ومنح صلاحيات كاملة لمجلس القيادة الرئاسي، مثل: ممارسةالحكومة لاختصاصاتها بكامل صلاحياتها وتعزيز الأمن، كذلك قيادة المفاوضات مع الحوثيين من أجل التوصل إلى حلّ سياسي لأزمة اليمن.
إنَّ خطة الرئيس المستقيل (منصور هادي) بتشكيل المجلس، جاءت لأسباب داخلية منها: إنَّ حكومة الرئيسالمستقيل (عبد ربه منصور هادي) أصبحت في نظر الكثير من الأطراف الداخلية وحتى الخارجية، جزء من المشكلة ولم تقدم أي مبادرة حقيقية أو حلّ لهذه الأزمة، بل تفاقمت أكثر وأدت إلى انشقاق داخل الحكومة نفسها، وإنشاء ما يسمى المجلس الانتقالي لجنوب اليمن، الذي أسس عام 2017 بعد إقالة الرئيس لبعض القادة الذين ينتمون إلى جنوب اليمن ومنهم (عيدروس الزبيدي)، الذي أصبح أحد أعضاء المجلس الرئاسي، كذلك ازدياد معاناة اليمنيين الانسانية والجرائم التي ارتكبت ضدهم، وإنَّ الحرب تقود إلى أي انتصار على الأرض، أو إنهاء لأنصار الله الحوثيين،وعودة الشرعية كما خطط لها، بل زادت من قوتهم وعزلت حكومة الرئيس المستقيل (منصور هادي) أكثر، كما أنَّ أكثر ما كان يقلق شعب اليمن هو وجود استهداف لجزء منه،ومحاولة تهميشه بصورة كلية، وهم الحوثيون وجنوب اليمن، لهذا كثرت المطالبات من أجل إشراك كل أطياف اليمن في حلّ هذه المشكلة، لهذا ضمَّ تشكيل المجلس الرئاسي الحالي كل أطياف اليمن من شماله إلى جنوبه، الهدف منه عدم استثناء جهة معينة، ولتكون الحلول شاملة وجذرية. ونظرت كل الأطراف في اليمن إلى أنَّ الحل العسكري والاقتتال الداخلي لم ولن يحل الأزمة مهما طالت، ولابد من الوصول إلى حلّ سياسي يرضي كل الأطراف، وأن تكون مصلحة الوطن والمواطن هي العليا.
إقليميًا ودوليًا، إنَّ الأطراف الخارجية المشاركة في هذه الأزمة أيضا، رحبت بهذه الخطوة وعدَّتها طريقًا سياسيًامهمًا لحل الأزمة، لخشية هذه الأطراف من أن تقود الحرب في اليمن إلى حرب إقليمية، تجد هذه الأطراف نفسها في مواجهة بعضهم بعضا، ولاسيما توسع الاستهداف ووصوله إلى عمق دول الخليج، وضرب المنشآت النفطية بالقرب من القواعد الأمريكية، إذ إنَّ أي توسع في الصراع في المنطقة، ستكون له عواقب كارثية. يضاف إليه قرب توصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق حول برنامجها النووي دفع دول الخليج إلى البحث عن حلّ سياسي للأزمة، خشية من تخلي الولايات المتحدة عنها، كما أنَّ بعض التقارير ذكرت أنَّ بعض الدول الغربية هي من تسهل وصول الأسلحة بعيدة المدى إلى الحوثيين في استهداف المنشآت النفطية، ووجود خلافات وإن كانت غير ظاهرة بين دول الخليج العربية والولايات المتحدة، فيما يخص موقفهم من الأزمة الأوكرانية، وعدم انتقادهم للغزو الروسي، وإبقاء سقف انتاج النفط كما هو، خشية من رد فعل روسيا. أما من جهة ايران فهي تريد إنهاء هذه الأزمة، والتوجه لعقد اتفاق نووي مع الغرب، يخدم مصلحتها ويرفع العقوبات الاقتصادية عنها، كذلك التفرغ لدورها في الخليج ومواجهة التواجد الاسرائيلي، الذي اصبح قريبا منها بعد سياسة التطبيع الخليجية، الولايات المتحدة من جانبها أصبحت تبحث عن حلول عاجلة لأزمات المنطقة من أجل التفرغ لمواجهة التوسع الروسي في أوروبا،ومنع توسع الغزو خارج حدود اوكرانيا، فقد ارسلت واشنطن عدة وفود للمنطقة كذلك إلى فنزويلا رغم العداء بينهم، من أجل وقف تأييد بعض الدول لروسيا، أو حيادها على أقل تقدير، لهذا فهي ترى حل أزمة اليمن وعقد الاتفاق النووي، سيخفف عنها الضغط في الخليج العربي.