م.د. حوراء رشيد الياسري
قسم الدراسات القانونية
أيار/ 2022
وفقاً للدستور والقانون الإماراتي فإنَّ الشيخ محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم، هو الذي يشغل منصب النائب لرئيس دولة الإمارات فيما سبق، كما أنَّه يشغل منصب الحاكم لإمارة دبي منذ العام 2006م. وينص القانون الإماراتي على أنَّه في حالة شغور منصب الرئيس فإنَّ النائب هو الذي يتولى الحكم من بعده، وتعهد إليه إدارة شؤون البلاد كافة، إذ بدأ عهده بتجربة انتخابية نادرة في منطقة الخليج عام 2006، مع ولادة المجلس الوطني الاتحادي -وهو مجلس استشاري يضم (40) عضواً بينهم نساء-.
لم يشكل موت الشيخ خليفة بن زايد انعطافاً واضحاً في حكم دولة الامارات العربية المتحدة، لكونه لم يمارس العمل السياسي او اتخاذ القرارات المهمة منذ عام 2013م، بسبب مرضه، إذ قام محمد بن زايد بمزاولة العمل الرئاسي، واتخاذ القرارات السياسية التي تتعلق بسياسة الدولة الخارجية والداخلية.
تسنَّم محمد بن زايد الحكم رسمياً في دولة الامارات العربية المتحدة بتاريخ 14/ايار/2022، وعيّن محمد بن راشد آل مكتوم نائباً لهُ. يعرف محمد بن زايد بأنهُ الرجل القوي صاحب القرارات التي لا يبالي لأحد عند اتخاذها، وكان أبرزها قرار المشاركة في الحرب على اليمن، وارسال قوات إماراتية للمشاركة في هذه الحرب، وهذا لم يحصل في تاريخ الامارات منذ تأسيسها عام 1971م، والقرار الآخر هو التطبيع مع اسرائيل في الوقت الذي كانت معظم الدول العربية ترفض هذا الأمر، لحين إعلان واعتراف إسرائيل بدولة فلسطين. يعد محمد بن زايد الرئيس الثالث لدولة الامارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، بعد الراحل الشيخ زايد آل نهيان والراحل خليفة بن زايد.
ينظر لمحمد بن زايد على أنّهُ رجل المرحلة في دولة الإمارات، للدور الذي يؤديه في تنمية العلاقات وبنائها اقليمياً ودولياً، عن طريق اتباع النهج الذي كان يتبعهُ الشيخ زايد –رحمه الله- والمتمثلة في:
- بناء أواصر التعاون والتواصل ما بين دولة الامارات والدول الاخرى سواء كانت عربية أم غربية.
- السعي المستمر إلى تقديم المساعدات إلى الدول، والتعامل معها وفقاً للمبدأ الانساني، بعيداً عن جميع الارتباطات والتسميات المختلفة.
- تجسد التعاون المشترك بين الإمارات ودول العالم، لمواجهة أزمات المنطقة والعالم، في (19) قمة إماراتية عربية ودولية، عقدها الشيخ محمد بن زايد مع قادة دول المنطقة والعالم خلال شهري: آذار ونيسان الماضيين، حسب إحصاء لوكالة العين الإخبارية، فضلا عن المباحثات الهاتفية المتواصلة على مدار الشهرين.
- قمم ومباحثات ضمن حراك سياسي يقوده الشيخ محمد بن زايد بنفسه، لتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات والتحولات التي تشهدها المنطقة والعالم؛ والعمل على تعزيز التضامن الخليجي والعربي.
- إجراء لقاءات ومباحثات تضمنت رسائل إماراتية واضحة، والحرص الدائم على دعم الأمن والاستقرار في العالم، مع ضرورة التخفيف من حدة التوترات في هذه المناطق، فضلا عن دعم قضايا الأمة الإسلامية والإنسانية سواء في أوكرانيا أو فلسطين أو اليمن أو في أي دولة تحتاج مد يد العون أو المساعدة، إلى جانب الحرص على تعزيز أواصر الأخوة، ونشر قيم التسامح ودعم العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة.
- دعم الجهود الدبلوماسية والسياسية المتواصلة، التي تقوم بها الدولة بشكل مستمر وعلى أكثر من صعيد، في ظل تعاظم مكانتها وتزايد الثقة الدولية بقدراتها، لما وصلت إليه على المستويين: الرسمي والشعبي، وتعاظم بناء قدراتها وبنيتها التحتية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
ولكن ماتزال دولة الامارات العربية المتحدة تتميز بالانغلاق التام في العمل السياسي، وبقاء إدارة الدولة ومقدراتها تدار من قبل الأسرة الحاكمة، ولا يحق لهم المشاركة الفعلية في عملية صنع القرار السياسي، مع ضرورة الانتباه إلى أنَّ العمل الحزبي ما يزال محظوراً داخل الدولة، وإن كانت قد سمحت بممارسة جزئية صغيرة جداً من هذا العمل، عن طريق إبداء الرأي والمشاركة في الانتخابات، مع السماح للمرأة في الترشيح للانتخابات ومزاولة العمل السياسي. ويأمل الاماراتيون خيراً مع تسنّم محمد بن زايد الحكم داخل الدولة، لمواصلة ما بدأهُ سابقوه، نظراً لسياسته الداعمة للتنمية والبناء وتحقيق التنمية المستدامة، التي تعد بمنزلة القاعدة التي تحقق عن طريقها دولة الامارات، التقدم الاقتصادي والصناعي والعمراني وحتى العلمي والتكنولوجي، لكون التنمية تحوي في طياتها ومضمونها تحقيق ما سبق ذكرهُ، في إطار ما هو متاح من موارد مادية كانت أم بشرية.